تقارير

“صفوا الرجال وضربوهم بالرصاص” : رواية سودانية عن أهوال الفاشر

مشاوير - وكالات 

قالت إحدى النازحات السودانيات إن قوات شبه عسكرية ضربت رجالاً وأطلقت النار عليهم أثناء فرارهم من مدينة الفاشر المحاصرة منذ فترة طويلة بإقليم دارفور، بعد أن أحكمت سيطرتها عليها، وهو ما أكدته تصريحات مسؤولي إغاثة وصور أقمار اصطناعية ومقاطع فيديو غير موثقة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع سقوط الفاشر، آخر معقل رئيس للجيش السوداني في إقليم دارفور الواقع غرب البلاد، في أيدي قوات الدعم السريع أول من أمس الأحد، كانت إكرام عبدالحميد مع أربعة من أفراد أسرتها، بينهم حفيد لها، من بين آلاف المدنيين الذين يحاولون النزوح.

وتقدم إكرام خلال روايتها في تسجيل صوتي حصلت عليه “رويترز” منها بعد وصولها إلى بلدة قريبة تسيطر عليها قوات محايدة، شهادة مباشرة نادرة على استيلاء قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، حيث قطعت شبكات الهاتف المحمول.

وحذرت جماعات إغاثة وناشطون من احتمال وقوع هجمات انتقامية بدوافع عرقية بعد أن تغلبت “الدعم السريع” على الجيش والمقاتلين المتحالفين معه وكثير منهم من عرقية الزغاوة.

ويُعزز انتصار قوات الدعم السريع بعد حصار دام 18 شهراً سيطرتها على دارفور، حيث اُتهمت سابقاً بارتكاب جرائم قتل ذات دوافع عرقية، كما يرسخ الانتصار أيضاً الانقسام الفعلي للبلاد بين حكومتين، ويرى محللون أن “الدعم السريع” ربما تستغل هذا الزخم لتوسيع نطاق سيطرتها.

وأدت الحرب المستمرة منذ عامين ونصف العام بين “الدعم السريع” والجيش السوداني إلى ما صنفته الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم، ومع انتشار الجوع الحاد كانت مدينة الفاشر إحدى المناطق التي تفشت فيها المجاعة، بينما استهدفت هجمات بطائرات مسيرة مستشفيات وتجمعات مدنية أخرى داخل المدينة.

تجلس الجدة إكرام رفقة من تبقوا من أسرتها بعد اجتياح الفاشر

إطلاق النار أمامنا وخلفنا

وحصل صحافي محلي على رواية إكرام عبدالحميد، وأرسل صوراً تحققت “رويترز” من صحتها، وزود هذا الصحافي الوكالة سابقاً بمعلومات جرى التأكد من دقتها، وفي بيان لوسائل الإعلام شكك التحالف السياسي بقيادة قوات “الدعم السريع” في الفيديوهات والتعليقات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، لكنه قال إنه سيفتح تحقيقاً في مثل هذه الاتهامات.

وهربت إكرام إلى بلدة طويلة مع أفراد أسرتها الأربعة الذين قالت إنهم تعرضوا جميعاً لإصابات خلال حصار الفاشر الطويل وقصفها، وقالت “كنا نركض وكانوا يطاردوننا ويطلقون الصواريخ أمامنا وخلفنا”. 

مضيفة أنها فقدت أثر زوجها وسط الفوضى، وذكرت أنهم أُوقفوا عند حاجز ترابي أقامته قوات “الدعم السريع” حول المدينة، حيث فُصل الرجال عن النساء، مؤكدة أنهم “صفوا الرجال وقالوا إنهم يريدون الجنود، وعندما لم يرفع أي منهم يده انتقى أحد عناصر ‘الدعم السريع’ بعضاً منهم فقتلوا وتعرضوا للضرب، وأطلقوا الرصاص عليهم أمامنا”.

ونُقلت النساء إلى الجانب الآخر من الحاجز حيث سمعن مزيداً من أصوات الضرب وطلقات الرصاص ثم سُمح لهن بالمغادرة، وقالت “أمرنا الجنود بالمضي قدماً وقالوا إن الرجال سيتبعوننا ولكننا لم نرهم مرة أخرى”، فيما لم تستجب قوات الدعم السريع بعد لطلبات للتعليق، وشدد قادتها على أن المدنيين في الفاشر سيحظون بالحماية.

حفيد للجدة إكرام في حال صدمة ومصاب في رأسه

صور أقمار اصطناعية

وتتطابق رواية إكرام مع مقاطع فيديو يقال إنها التقطت أثناء سقوط مدينة الفاشر، لكن “رويترز” لم تتمكن من التحقق منها بسبب عدم وجود علامات تحدد الموقع، وقد أظهرت شباناً يجري استجوابهم عما إذا كانوا مقاتلين قبل إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة.

وتتوافق روايتها أيضاً مع صور أقمار اصطناعية نشرها مختبر الأبحاث الإنسانية في “جامعة ييل” أظهرت مجموعات عدة من الأجسام حجمها مطابق لأجساد البشر ومحاطة بلون أحمر قد يكون دماً، قرب حواجز شيدتها قوات الدعم السريع وفي أماكن أخرى من المدينة.

وقال فريق الأمم المتحدة للعمل الإنساني في السودان في بيان “نشعر بالفزع من التقارير الموثوقة عن ارتكاب انتهاكات على نطاق واسع، ومن بينها عمليات إعدام بعد إجراءات موجزة ومهاجمة المدنيين على طرق الهرب ودهم المنازل ووضع عوائق تمنع المدنيين من الوصول إلى بر الأمان”.

حفيدة ثانية لإكرام مصابة وتنتظر فرصة لوقف الحرب

أمراض نتيجة الحصار

وقالت إكرام إن حفيدها البالغ من العمر شهرين والذي قُتل أبواه في هجمات خلال الحصار، أصيب بالمرض بسبب تناوله علف حيوانات متعفناً، وذكرت أنها لم تتمكن من إعطائه الحليب إلا مرة واحدة منذ وفاة والدته قبل أسبوعين، وكانت تطعمه محلول معالجة الجفاف حتى وصولهما إلى منطقة طويلة، وأمكن رؤية عملية تنقيط المحلول في وريد يد الطفل وضمادة على ظهره في صورة حصلت عليها “رويترز” وتحققت منها.

وقالت منظمة “أطباء بلا حدود” إنه تبين بعد فحص الوافدين الأسبوع الماضي من الفاشر إلى طويلة التي تستضيف 800 ألف نازح معظمهم من الفاشر ومخيم زمزم القريب للنازحين، أن 75 في المئة من الأطفال يعانون سوء تغذية مزمناً وأن 26 في المئة منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وذكر مدير “مكتب المنظمة الدولية للهجرة” في السودان محمد رفعت أن أكثر من 26 ألف شخص فروا من الفاشر يومي الأحد والإثنين الماضيين، لكن أقل من 2000 وصلوا إلى طويلة بينما بقي نحو 250 ألف شخص في الفاشر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى