تقارير

انتشار السلاح في أم درمان : خطرٌ يتصاعد في صمت

أم درمان - مشاوير - منهل موسى

لطالما كانت أم درمان رمزًا للتراث والتعايش، وموئلًا للثقافة السودانية، لكن في أعقاب الحرب، تغيّر وجه المدينة لم تعد الشوارع كما كانت، ولم يعد الليل آمنًا، بل تحوّلت كثير من الأحياء إلى بؤر للفوضى، مع الانتشار الواسع للسلاح في أيدي المدنيين، وغياب شبه تام للأجهزة الأمنية.

في الواقع، يعيش سكان المدينة على وقع يومي من الخوف والتوتر. أصوات إطلاق النار تُسمع بشكل متكرر، ليس في معارك عسكرية، بل في نزاعات شخصية، أو جرائم سطو، أو حتى خلافات بين مجموعات شبابية متنازعة. 

 السلاح في كل يد

منذ بداية الحرب، تسربت كميات كبيرة من السلاح إلى الأحياء السكنية ومع انهيار مراكز الشرطة وخروج الدولة من المشهد، لجأ كثير من الناس لحمل السلاح كوسيلة “للحماية الذاتية”لكن هذا الحِمل سرعان ما تحوّل إلى وسيلة للترهيب والعنف والفوضى.

يقول عبد الباقي، أحد سكان حي الثورة:

“صار من الطبيعي أن ترى أطفالًا ومراهقين يحملون السلاح في الشارع… من دون وعي، ولا رادع مشكلة كبيرة جاية ساي قدام”.

في بعض المناطق، تزايدت حوادث إطلاق النار على خلفيات بسيطة، مثل نزاعات على المياه أو الخبز، وأحيانًا بسبب مشاحنات شخصية. وقد وثقت منظمات محلية ارتفاعًا كبيرًا في عدد الجرائم المرتبطة بالسلاح خلال الأشهر الأخيرة.

عندما ينهار القانون

مع غياب هيبة الدولة، لم تعد القوانين فاعلة، ولم يعد المواطن يشعر بالأمان. وبدلاً من اللجوء للشرطة، أصبحت النزاعات تُحل بالقوة، ويُفرض “القانون الخاص” من قبل أفراد أو جماعات مسلحة تسيطر على بعض الأحياء.

تقول أستاذة علم الاجتماع، د. نجلاء عبد الرحمن:

“ما نراه هو أحد أخطر نتائج الحرب… السلاح لا يهدد حياة الأفراد فقط، بل يُفكك المجتمع، ويقوّض فرص السلم الأهلي، ويزرع الخوف في نفوس الأطفال والنساء.”

 أم درمان تستحق السلام

أم درمان لا ينبغي أن تبقى رهينة لفوضى السلاح. تاريخها ومكانتها الثقافية تستحق أن تُحترم، وسكانها يستحقون أن يعيشوا في أمان.

فما لم تُتخذ إجراءات عاجلة، ستظل المدينة تنزف في صمت، ويظل السلاح هو الحاكم غير الشرعي في كل حي وشارع.

فهل ننتظر الإنفجار الأكبر؟أم نتحرك الآن؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى