تقارير

ميليشيا البراء تضع السلاح: هل بدأ العد التنازلي لنهاية الحرب في السودان؟

مشاوير - تقرير: مصعب محمد علي 

في تطور مفاجئ، أعلنت ميليشيا البراء، إحدى التشكيلات المسلحة ، عن تخليها الكامل عن العمل المسلح وتفرغها للعمل المدني، في بيان مقتضب نُشر على صفحاتها في وسائل التواصل الاجتماعي.

الخطوة، التي لم تكن متوقعة في هذا التوقيت، أثارت تساؤلات حول دلالاتها الميدانية والسياسية، خصوصا مع احتدام القتال في عدد من مناطق كردفان ودارفور، واستمرار الجمود في مساعي التسوية السياسية.

 

من الميدان إلى العمل المدني

وجاء في البيان أن “قيادة ميليشيا البراء قررت طواعية تسليم سلاحها وطي صفحة القتال، والانخراط في العمل المدني بما يخدم شعبنا في هذه المرحلة الدقيقة”. ولم يحدد البيان الجهة التي سُلمت إليها الأسلحة، كما لم يُوضح طبيعة “العمل المدني” المأمول.

يقول محللون إن الميليشيا عانت في الأشهر الأخيرة من تراجع الدعم اللوجستي وتضاؤل الغطاء السياسي من قيادات عسكرية عليا. كما تحدثت تقارير محلية عن انقسامات داخل صفوفها، ما دفعها للبحث عن مخرج يحفظ تماسكها ويحمي قادتها من الملاحقة.

 

ضغوط إقليمية ودولية

يأتي إعلان البراء في وقت يتزايد فيه الضغط الإقليمي والدولي لوقف الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وقد مارست أطراف دولية، من بينها الاتحاد الافريقي والإيغاد، ضغوطا على القوى المحلية المسلحة للانسحاب من المعارك تمهيدا لتفاهمات سياسية شاملة.

“ما حدث من البراء هو على الأرجح نتيجة لضغوط غير معلنة من داعميهم السابقين، الذين بدأوا يراجعون حساباتهم”، كما ان: “هناك تعب دولي من استمرار الحرب، ومن يدعم الآن يريد حلولا أكثر من رهانات خاسرة على الأرض”.

 

صراعات في صلب المؤسسة العسكرية

في الجهة المقابلة، تعيش المؤسسة العسكرية الرسمية في السودان صراعات داخلية غير معلنة، بين من يدفع باتجاه الحسم العسكري الكامل، وآخرين يرون في التسوية السياسية مخرجا أقل كلفة. مراقبون يرون أن انشقاق البراء، حتى لو بدا معزولا، يعكس تصدعات أعمق داخل التحالفات العسكرية، سواء تلك المرتبطة بالجيش أو قوات الدعم السريع.

يقول مصدر مطلع على ترتيبات القيادة العامة للجيش، فضل حجب هويته: “هناك قادة يرون أن الحرب طالت أكثر مما يجب، وأن الاستمرار فيها دون دعم دولي واضح يعني استنزافا بلا أفق. ميليشيات مثل البراء ربما التقطت هذه الإشارات قبل غيرها”.

 

هل هي بداية النهاية؟

رغم رمزية الخطوة، لا يمكن القول إن الحرب في السودان قد شارفت على النهاية. فالمعارك لا تزال محتدمة، والانقسامات السياسية والمناطقية أعمق من أن تُحل بتفكيك ميليشيا واحدة.

لكن إعلان البراء قد يشكل بداية تحول في ديناميات الصراع، لا سيما إذا تبعته خطوات مشابهة من فصائل مسلحة أخرى، أو إذا اعتبرته قوى مدنية مدخلا لفتح باب التسوية على أسس جديدة، تخرج السلاح من المشهد وتُعيد المدنيين إلى الواجهة.

قرار ميليشيا البراء بوضع السلاح ليس نهاية الحرب، لكنه إشارة إلى أن بعض أطرافها بدأت تفقد الحماسة للاستمرار، سواء بفعل الضغوط أو بفعل الضعف. ومع أن الخرطوم ونيالا لا تزالان تعيشان على وقع القذائف، إلا أن الأصوات التي تنادي بوقف القتال آخذة في التزايد، من داخل السودان وخارجه.

وتشكلت البراء على أسس أيديولوجية، وفق ما يُعلن قادتها، لكنها ارتبطت لاحقا بتنسيقات غير معلنة مع أطراف متباينة، من بينها ضباط في الجيش وعدد من الفصائل الإسلامية السابقة. ويُعتقد أن قيادتها ضمت عناصر سبق لها القتال في مناطق النزاع بدارفور وجنوب كردفان.

بمرور الوقت، ومع اشتداد القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأت ميليشيا البراء تفقد الكثير من تمركزاتها، وتراجعت قدرتها على الاستقطاب والتسليح، ما أدى إلى انسحابها التدريجي من المشهد العسكري.؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى