الفنانة هند الطاهر لـ “مشاوير” : مبادرة “واحد يورو” تضامن يولد من وجع الفقد لدعم المتضررين من الحرب
باريس - مشاوير

قالت الفنانة والموسيقية السودانية المقيمة في العاصمة الفرنسية باريس هند الطاهر إن “فكرة مبادرة واحد يورو” وُلدت من شعورٍ عميق بالعجز أمام ما يعيشه السودان من حرب ومجاعات، ومن تجربة شخصية قاسية حين فقدت شقيقتها في ظروفٍ صعبة.
وأضافت أن “المبادرة جاءت كرد عملي على الإحساس بالعجز والرغبة في تحويل الحزن إلى عمل جماعي منظم.

دعم متضرري الحرب
وتوضح الطاهر في حديثها لـ”مشاوير” أنها طرحت الفكرة في مايو 2024، عبر مقطعٍ قصير نشرته على صفحاتها في وسائل التواصل الاجتماعي، داعيةً السودانيين المقيمين في فرنسا إلى المساهمة بيورو واحد شهرياً لدعم المتضررين من الحرب والمجاعة.
ونوهت بأن “الاستجابة كانت واسعة وسريعة، ما دفعها إلى عقد اجتماع مع عددٍ من المتطوعين لوضع إطارٍ عملي للفكرة.
ولفتت الطاهر إلى أن “اختيار اسم “واحد يورو” لم يكن صدفة، بل يستند إلى فلسفة رمزية تهدف إلى توحيد السودانيين حول رقمٍ بسيط.
وتتابع “فرنسا تضم أكثر من 100 ألف سوداني، وإن جمع يورو واحد من كل شخص شهرياً يعني الوصول إلى 100 ألف يورو يمكن أن تُحدث فرقاً حقيقياً على الأرض.

تكاتف وشفافية
وتشير إلى أن “القوة ليست في المبلغ بل في التكاتف حول فكرة الوحدة”.
وانطلقت المبادرة عملياً بوضع حصالات في المحلات التجارية السودانية في المدن الفرنسية، بحيث يتمكن كل سوداني من المساهمة أثناء تسوقه، وتم تعيين مناديب في المدن لتعريف الناس بالمبادرة، والإشراف على جمع الأموال وتوثيقها بالصور والفيديو لضمان الشفافية.
وتُرسل المساهمات إلى حسابٍ بنكي مخصص للمبادرة قبل تحويلها إلى الداخل السوداني.
وتقول هند الطاهر إن المجموعة التي تدير المبادرة تضم 70 مندوباً يمثلون مدناً مختلفة في فرنسا، ويشاركون في اختيار المناطق المستهدفة عبر التصويت في مجموعةٍ مشتركة.
وأردفت “يتم التنسيق مع جمعيات ومنظمات إغاثة وغرف طوارئ ومتطوعين على الأرض، مع تفضيل الجهات العاملة فعلاً وسط النازحين.

دعم المطابخ والتكايا
وتواصل الفنانة السودانية في القول “الدعم يوجه أساساً إلى المطابخ الشعبية التي تقدم وجبات للنازحين، في محاولة للحد من الجوع، وتتم التحويلات على مراحل أسبوعية بعد مراجعة الفواتير الخاصة بشراء المواد الأساسية.
وتشدد على أن كل مرحلة من العمل توثَّق بالصوت والصورة لضمان المصداقية أمام المساهمين.
وتشير الطاهر إلى أن أول مدينة استقبلت الدعم كانت الفاشر في شمال دارفور، حيث استمر العمل هناك شهراً كاملاً قبل أن تمتد المبادرة إلى مناطق أخرى مثل سنجة وسنار وكتم وشرق الجزيرة وأمدرمان القديمة ومعسكر زمزم والجموعية وحلفا والدلنج.
وأضافت “كل منطقة تمثل تجربة مختلفة وإن الهدف هو الوصول إلى جميع أنحاء السودان دون استثناء.

بناء جسر بين السودانيين
وتوضح الطاهر أن المبادرة سجلت رسميا كمنظمة في يونيو 2024، ما منحها وضعاً قانونياً يسمح بفتح حساب مصرفي وتوسيع نطاق العمل، كما أن “المشروع لم يتوقف منذ ذلك الوقت، رغم تعقيدات الحرب وصعوبة التواصل مع الداخل”
وتشرح حديثها قائلة إن “مبادرة واحد يورو ليست مجرد حملة تبرعات، بل محاولة لبناء جسر بين السودانيين في المهجر ووطنهم المنكوب، ربما لا نملك القدرة على وقف الحرب، لكننا نملك القدرة على إطعام الجائعين، وعلى أن نظل جزءاً من معركتهم من أجل البقاء”
وتؤكد أن تضافر الجهود حول الفكرة هو السبب في نجاحها واستمرارها، مضيفةً: “لولا الإيمان الجماعي بها لما أصبحت واقعاً ملموساً”.



