مقالات

هل تتقاطع حرب السودان، مع أمن البحر الأحمر؟!

الجميل الفاضل 

علي أية حال، ما كان يُنظر إليه حتى الأمس القريب كصراع داخلي محصور في الخرطوم، والجزيرة، وسنار، ودارفور، بدأ الآن في الانفجار علي الجبهة الأكثر تعقيدا وحساسية جيوبولتيكية، “شرق السودان”. 

هجمات بالطائرات المسيّرة ضربت مطاري “بورتسودان وكسلا”، في توقيت مفصلي يربط أمن السودان بأمن البحر الأحمر، في ظل اشتعال التنافس الإقليمي وتنامي القلق الدولي من تحول هذا الممر البحري الحيوي إلى بؤرة عدم استقرار جديدة.

وهل الطائرات المسيّرة تغير طبيعة الصراع؟:

المهم فإن الهجوم على مطارات شرق السودان عبر المسيّرات ليس مجرد تصعيد تقني، بل هو بمثابة إعلان بنقل المعركة إلى عمق المنطقة الأكثر أمنًا لحكومة البرهان. 

فبورتسودان ليست فقط مركزًا حكوميًا مؤقتًا، بل هي بوابة السودان على البحر الأحمر، وقلب المصالح اللوجستية، والتجارية، والدبلوماسية، التي يتهافت عليها الآن لوردات هذه الحرب.

فالي أي بريد ستذهب رسائل هذه المسيرات؟:

هذه الهجمات تشير إلى نقلة نوعية كبري في استراتيجية الصراع، سواء من حيث السلاح المستخدم، أو المنطقة المستهدفة، أو الرسائل السياسية والعسكرية التي أرادت توجيهها الجهات المنفذة، سواء كانت قوات “الدعم السريع” أو جهة أخرى.

فمن يلامس الشرق يطرق بالتأكيد بوابة البحر الأحمر؟:

إذ أن من يغازل شرق السودان، المرتبط استراتيجيًا بالبحر الأحمر، لابد أن يداعب قلب “حسابات الأمن القومي للسعودية ومصر”، ومحط أطماع قوى خارجية من تركيا إلى إسرائيل. 

ومع استخدام المسيّرات، فإن إشعال هذه الجبهة لا يمكن فصله عن هذه الخارطة المعقدة. 

خصوصًا أن “الضربة جاءت في وقت تتصاعد فيه المواجهة في البحر الأحمر”، بين إيران والحوثيين من جهة، وأمريكا وبريطانيا من جهة أخرى.

وقد ينشأ هنا سؤال، هل لا تزال بورتسودان آمنة سياسيًا ودبلوماسيًا؟:

وماذا يعنيه استهداف مرافق مهمة في مدينة تحتضن البعثات الدبلوماسية، ومقار كثير من المنظمات؟.

ثم هل هذا مؤشر على بداية “اهتزاز السيطرة السياسية والإدارية” لسلطة الأمر الواقع ولترنحها قبل السقوط؟.

لنري من أين سيأتي رجع الصدى أولا؟:

الخارجية السعودية وحدها، حتى الآن، أصدرت بيانًا اعتبرت فيه أن هذه الهجمات تمثل تهديدا للأستقرار الإقليمي، والأمن الوطني العربي والأفريقي. 

بيد ان هذا لا يعني أن “واشنطن، ولندن، والقاهرة، وأبوظبي، بل وإسرائيل”، تغفل هذا التطور. 

فالمسيّرات باتت في الوعي الغربي رديفًا لتهديدات الحوثيين، مما قد يدفع إلى:

تشديد أمني وعسكري في البحر الأحمر.

وضغوط دولية على الأطراف السودانية للعودة إلى التفاوض.

بل ربما الي تدخلات استخباراتية أو عملياتية، لكيلا تتدحرج كرة اللهب الي خارج نطاق السيطرة.

فاشتعال الشرق ينقل الحريق مباشرة الي البحر؟: 

خلاصة الأمر فإن اشتعال شرق السودان يعني أن الصراع السوداني لم يعد مسألة داخلية، وأن حلقة جديدة في معركة النفوذ على البحر الأحمر، تكون هي أيضا بالفعل قد بدأت، لتجر الي الحلبة أقدام لاعبين آخرين جدد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى