
في أول تعليق دولي حاد على تعيين رئيس وزراء جديد في بورتسودان، شن اللورد جيريمي بورفيس أوف تويد هجومًا لاذعًا على الخطوة، واصفًا إياها بأنها “محاولة لمنح شرعية زائفة لأحد أطراف النزاع”، جاء ذلك خلال مداخلة له في جلسة خاصة عقدها مجلس اللوردات البريطاني لمناقشة الأوضاع المتدهورة في السودان.
وقد قال اللورد بورفيس: “هذا الصباح فقط، أعلن قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، عن تعيين رئيس وزراء مدني مزعوم في بورتسودان. هذا الرئيس هو، في الواقع، دمية تم تعيينها من قبل أحد أطراف الحرب.”
وأضاف أنه “يشعر بقلق بالغ” من ترحيب الاتحاد الأفريقي بهذه الخطوة، مُحذرًا من أن الأمم المتحدة قد تتبع النهج نفسه، ما قد يساهم في ترسيخ سلطة أمر واقع دون مسار شرعي يعبر عن إرادة الشعب السوداني.
خلفية النزاع
يأتي هذا التطور السياسي وسط حرب مدمرة اندلعت في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وقد خلفت هذه الحرب أزمة إنسانية كبرى، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 30 مليون شخص باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وأكثر من 11 مليون نزحوا داخليًا أو لجؤوا إلى الخارج.
وقد شهدت الحرب استخدامًا ممنهجًا للتجويع كسلاح، فضلًا عن استهداف المدنيين وهجمات عرقية مروعة، خاصة في إقليم دارفور، كما تتعرض منظمات الإغاثة لصعوبات جسيمة في إيصال المساعدات بسبب انعدام الأمن والقيود المفروضة من قبل أطراف النزاع.
موقف بريطانيا ودورها في وقف الحرب
من جهتها، تواصل بريطانيا أداء دور محوري في دعم جهود السلام، فقد أعربت الحكومة البريطانية، على لسان وكيل وزارة الخارجية لشؤون إفريقيا، اللورد كولينز أوف هايبري، عن التزامها بالامتناع عن الاعتراف بأي حكومة يشكلها طرف من أطراف النزاع، إلى حين التوصل إلى تسوية شاملة تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية حقيقية.
وتعد المملكة المتحدة “حاملة القلم” في مجلس الأمن الدولي بشأن السودان، ما يمنحها موقعًا مؤثرًا في صياغة مواقف المجتمع الدولي تجاه الأزمة. وقد قادت جهودًا لإصدار بيانات تدين التصعيد العسكري، إلى جانب تخصيص حزمة مساعدات إنسانية بقيمة 113 مليون جنيه إسترليني لدعم المتضررين.
كما فرضت لندن عقوبات اقتصادية على شركات وأفراد على صلة مباشرة بتمويل النزاع، مؤكدة أنها لن تدعم أي عملية سياسية لا تنبثق من إرادة مدنية واضحة.
واختتم اللورد بورفيس مداخلته بالتأكيد على أن “محاولات فرض قيادات مدنية شكلية من قبل العسكر أو الميليشيات، دون مشاورات شعبية حقيقية، لن تُسهم إلا في تعميق الأزمة”، داعيًا إلى دعم عملية سلام بقيادة مدنية تمثل كل أطياف المجتمع السوداني.