تقارير

جنوب السودان وقطر يعزّزان علاقاتهما نحو شراكة استراتيجية موسّعة 

مشاوير - جوبا: استيفن لوال نقور

زيارة فخامة الرئيس سلفاكير ميارديت إلى العاصمة القطرية الدوحة تمثّل نقطة تحوّل حقيقية في مسار العلاقات الثنائية بين جنوب السودان ودول الخليج، حيث تأتي هذه الزيارة امتدادًا لجهود سابقة بدأت منذ عهد معالي السفير راشد بن عبد الرحمن النعيمي، عندما كان سفيرًا لدولة قطر في الخرطوم، وكذلك العلاقات التي نسجها معالي السفير عبد الرحمن بن علي الكبيسي.

ما نشهده اليوم هو إعادة تفعيل وتوسيع لتلك العلاقات التاريخية، خصوصًا في ظل انفتاح اقتصادي غير مسبوق بين جنوب السودان ودول الخليج. وهذا ما يجعلنا نرى زيارة فخامة الرئيس إلى الدوحة كمفتاح لمرحلة جديدة من التعاون المثمر، قائمة على تعزيز القدرات التنموية واستقطاب الاستثمارات الخليجية لصالح البلدين.

ولا يسعني هنا إلا أن أتذكر لقائي الودي والمثمر مع السفير النعيمي — الذي نرجو له الشفاء العاجل وهو في لندن — حيث تبادلنا الرؤى حول التعاون الإنساني والاجتماعي، خاصة من خلال مبادرات مثل “برنامج الإرث الإنساني” القطري، وكيف يمكن تفعيله في جنوب السودان بمشاركة رجال أعمال من البلدين.

 

مهندسا العلاقات بين جوبا والدوحة

لا يمكن الحديث عن العلاقات بين قطر وجنوب السودان دون الإشارة إلى الجهود الكبيرة التي بذلها السفيران راشد النعيمي وعبد الرحمن الكبيسي. لقد كان السفير النعيمي من أوائل من آمنوا بإمكان بناء شراكة استراتيجية مع جنوب السودان، وكان له الدور الأبرز في إطلاق هذه العلاقة، التي تحولت اليوم من مجرد تعاون دبلوماسي إلى مشروع تنموي متكامل.

لقد ساهمت اللقاءات الثنائية، سواء الرسمية أو الشعبية، في وضع الأساس لعلاقات متينة، انعكست الآن في التحركات الرسمية الجارية والتفاهمات المتبادلة، التي ستُتوَّج بتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات.

 

شراكة اقتصادية واسعة الأفق

تتمتع دولة قطر برؤية استراتيجية حريصة على تعميق الشراكات مع الدول الصديقة، وقد وجدت في جنوب السودان دولةً حليفة تشاركها القيم والرؤية نحو الاستقرار والتنمية. وهذا ما جعل قطر تتابع تطورات الأوضاع في جنوب السودان باهتمام بالغ، وتؤمن بإمكانية بناء تحالف طويل الأمد ينعكس إيجابيًا على المنطقة.

الزيارة رفيعة المستوى التي أجراها وفد حكومي جنوب سوداني إلى الدوحة تأتي ضمن سياق الإعداد لزيارة فخامة الرئيس سلفاكير، والتي من المتوقع أن تشمل توقيع اتفاقيات في مجالات الزراعة، التعدين، البنية التحتية، إضافة إلى مشاريع تنموية ضخمة، من ضمنها مبادرة “التوأمة بين جوبا والدوحة”.

 

رؤية 2049 نحو مستقبل مزدهر

يحمل فخامة الرئيس سلفاكير رؤية طموحة وشاملة لمستقبل جنوب السودان، تتجسّد في “رؤية 2030” التي تسعى إلى ضمان رفاهية الأجيال القادمة. ويعكس الوفد الحكومي الذي يرافقه في هذه الزيارة — برئاسة فخامة نائب رئيس الجمهورية ورئيس قطاع الاقتصادي و وزير الخارجية وعدد من الوزراء — مدى جدية القيادة السياسية في الانفتاح على شركاء حقيقيين في التنمية.

هذه الزيارة تأتي في سياق دبلوماسي متزن يقوم على “الحياد البنّاء”، وهي سياسة اتخذها فخامة الرئيس منذ بداية ولايته، لتكون أساسًا لانخراط متوازن في العلاقات الإقليمية والدولية، بما يخدم المصالح العليا للدولة.

من هنا تبدأ الخطوات الأولى لإطلاق الخطة الاستراتيجية الكبرى التي تستهدف بناء جنوب السودان الحديث والمزدهر لتخدم أبناء الجيل الرابع والخامس وصولًا إلى رؤية تنموية متكاملة بحلول عام 2030.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى