مقالات

تحديات ماثلة أمام حكومة الدكتور كامل إدريس

أشرف عبد العزيز

تستعد “حكومة الأمل” في السودان، برئاسة الدكتور كامل إدريس، لمواجهة تحديات جسيمة، في ظل واقع سياسي واقتصادي معقد.

ومع استكمال تشكيلتها الوزارية تدريجيًا، تبرز عدة نقاط تستدعي التحليل، لا سيما مع التعيينات الأخيرة لوزراء الزراعة والري، التعليم العالي والبحث العلمي، والصحة. هذه التعيينات، التي أشار رئيس الوزراء إلى أنها جاءت بعد “دراسة دقيقة للكفاءات والخبرات”، تعكس سعيًا نحو بناء فريق قادر على التعامل مع الأزمات المتراكمة.

 

التوازنات السياسية وتحدي الإسلاميين:

 على الرغم من إعلان الحركة الإسلامية السودانية عدم رغبتها في المشاركة الرسمية بالحكومة، إلا أن تأثيرها ونفوذها يظلان حاضرين بقوة على الساحة السياسية.

يتجلى ذلك في الهجوم الذي شنه منسوبوها على السفير نور الدين ساتي، المرشح لوزارة الخارجية، وكذلك سخريتهم من الدكتور معز عمر بخيت العوض لقبوله منصب وزير الصحة، وهو الذي عرف بمعارضته للعسكر وشعره المناصر لثوار ديسمبر.

هذا يشي بأن الحركة الإسلامية، بالتعاون مع المؤتمر الوطني، تراهن على الاستمرار في السيطرة على مفاصل الدولة، سواء عبر “المقاومة الشعبية” وموظفي الخدمة العامة، أو من خلال محاولات النفاذ إلى الوزارات السيادية.

 يبدو أن الإسلاميين لا يزالون يمتلكون الغلبة في دواليب الدولة، لكن من الواضح أن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، يسعى لتنفيذ “روشتة سياسية جديدة” تهدف إلى إبعادهم بشكل تدريجي ومعقول. 

هذا التوجه يهدف إلى كسب رضا المجتمع الدولي، خاصة في ظل الضغوط الناتجة عن الحرب الإسرائيلية-الإيرانية وتصريحات تل أبيب الرافضة لتمدد العلاقات بين السودان وإيران.

إن تحقيق هذا الهدف سيتطلب مناورات سياسية دقيقة، ومن المرجح أن يحظى بتوافق من قيادات المجلس السيادي، التي تدرك أهمية تحسين صورة السودان خارجيًا.

 

تحديات الفساد وتحسين الصورة الدولية:

تواجه “حكومة الأمل” تحديات داخلية لا تقل خطورة عن التحديات السياسية الخارجية. فالبلاد تعاني من واقع اقتصادي متردٍ وأزمات معيشية خانقة، تتفاقم مع انتشار أمراض مثل الكوليرا. إلى جانب ذلك، ستصطدم الحكومة بـالطامعين في البقاء بالوزارات لمواصلة الفساد، وهي معركة داخلية تتطلب حزمًا شديدًا لإعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة.

إن تحقيق هدف تحسين صورة السودان في المجتمع الدولي هو تحدٍ محوري للحكومة الجديدة. هذا الهدف يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقدرة على إحداث تغيير حقيقي على الأرض، سواء في مكافحة الفساد، أو في تحقيق استقرار سياسي واقتصادي ملموس.

الاصطدام مع الإسلاميين، الذين قد يعرقلون أي محاولات لإصلاح جذري، سيكون جزءًا من هذه المعادلة الصعبة.

إن “حكومة الأمل” أمام مفترق طرق حرج. فمن جهة، هي مطالبة بمعالجة الأزمات الداخلية المستفحلة وإنقاذ البلاد من حالة التدهور. ومن جهة أخرى، عليها أن توازن بين الضغوط السياسية الداخلية والخارجية، وتعمل على تحييد نفوذ القوى التي قد تعرقل مسار الإصلاح. 

مدى نجاح الدكتور كامل إدريس وفريقه في التغلب على هذه التحديات سيحدد مصير “حكومة الأمل” ومستقبل السودان في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى