مقالات

ترزية القوانين

حاتم الياس 

في زمن ليس بالقريب، الصدفة جمعتني بالدكتور حسن الترابي في خيمة عزاء شبه خالية. عرفه بي أستاذ محامي ومخضرم، رحمه الله. وكعادتي حاولت التحدث معه، لكنه كان متحصناً بصمت متأفف زي الكان بقول ده منو الولد الداير يكسر الحواجز ده او ربما شم بحاسته يسارية ما. 

كل ذلك يخفَ على ابدا، وفي ذلك الوقت لم يكن الإنترنت كما أنتم الآن (بالقفافة والشوالات) ، فقد كان محدوداً. ومتاح لقلة فقط فقلت له بالمناسبة: “شايف في ندوة في تونس عن أطروحاتك؟” هنا انتبه لي وبدأ في محاورتي، حتى أنني أذكر حينما قلت له: “أنا من الباوقة.” ضحك وقال لي: “الباوقة دي حاجة عجيبة، جابت لينا أعظم الناس في الحركة الإسلامية وأسوأ الناس.” لكنني لم أسأله من أعظم الناس أو أسوأ الناس، هم كلهم تربطني بالتأكيد بهم رابطة الدم، لكنني خمنت من هم.

ثم كالعادة استعرضت قصة أني خريج المغرب، فقال لي: “ويبدو أن قوله ذلك تأثير المدرسة الفرنسية، إن القانون هناك فكر قبل أن يكون مواد.

وحكى لي عن زيارته للمغرب وكيف أن السلطات هناك قطعت زيارته سريعاً. كان ذلك الحوار في أوج أيام المفاصلة.

وعلى ذكر المفاصلة، كنت في يوم من الأيام أركب مع الناجي عبدالله بعد أن رشحني له قريبه بأن أباشر له قضية مدنية، وكان في ذلك الوقت مفرجاً عنه وموضوعاً تحت المراقبة. 

فهاجم بض رجال الأمن العربية التي يقودها، وحين لاحظ ارتباكي قال لي: “لا، ديل ما معاك، ديل تبعي أنا.” فقلت له: “طيب، الحمد لله.”

ماذا أريد أن أقول هنا؟ الحركة الإسلامية أو الكيزان لديهم هوس ومحبة كبيرة بوزارة العدل منذ أن تولى حقيبتها حسن الترابي في عهد النميري ودائما مايضعون هذه الوزارة وكانها أعلى سنام عقيدتهم التنظيمية. 

وهم الآن في بورتسودان خلوا أي وزارة وركزوا مع العدل. وللأمانة، من أقوى القطاعات وسط الكيزان هو القطاع القانوني بل من اهمها، لأنهم يعرفون تماماً كيف يوظف قانون البلد لمصلحة التنظيم عبر صياغة قوانين وتشريعات تقود نتائجها مباشرة لسيطرة التنظيم على جهاز الدولة بالقانون. لذا اختاروا وزارة العدل كمحل ترزي كبير لتفصيل المهام.

عشان كده بفتكر إنو الوزارات الكتيرة دي الفرحوا بيها أغرار العدل والمساواة، وحركة مناوي حاتكون مدللة رجلينا في الهواء ساي، بلاء قدره على التأثير أو حتى الأفراد بالقرار، فهنالك قانون يحدد إلى أي مدى يستطيع القرار الذهاب. من جهة أخرى، هذا الأمر يثبت أن عساكر بورتسودان هم كيزان بالدرب وكيزان مفتحين كمان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى