مقالات

إحلال السلام 

خالد عمر يوسف 

هنالك فرصة كبرى لإحلال السلام في بلادنا عاجلاً وعلينا كسودانيين أن نغتنمها وألا نسمح للمتكسبين من استمرار الحرب بإهدارها وإطالة أمد المعاناة الكارثية التي يعيشها أهل السودان.

تحركات إدارة الرئيس ترامب الأخيرة التي وضعت قضية وقف القتال في السودان كأحد أولوياتها تعد فرصة مهمة للغاية، حيث أنها شرعت في بناء تنسيق دولي لهذا الغرض يشمل دولاً مهمة في المنطقة والعالم، مما سينسق الضغوط لإنهاء الصراع، ويوفر السند لمهام إعادة إعمار وتأهيل البلاد التي دمرتها الحرب. 

هذا العامل الخارجي مهم ولكنه ليس كافي فالسلام العادل والمستدام رهين بإرادة السودانيين أولاً وأخيراً.

برزت أصوات متعقلة عديدة وسط مساندي أطراف القتال المختلفة، تقول بأنه قد آن أوان وقف هذه المقتلة التي لا جدوى منها. 

هذا الإتجاه ايجابي ويجب تشجيعه وهو إلى جانب الموقف المدني الديمقراطي غير المنحاز لأي من أطراف الصراع، وموقف غالب أهل السودان الذين انهكتهم الحرب واللجوء والنزوح سيشكل قاعدة اجتماعية واسعة، توفر الاستقرار اللازم لاستدامة السلام في البلاد.

كما هو متوقع فإن أصوات محدودة من عناصر النظام السابق بدأت حملة للتعبئة ضد جهود وقف الحرب. كيف لا وهم من وجدوا في حالة الفوضى هذه فردوسهم المفقود، فهرعوا لاكتناز المال والسلاح والسلطة على أشلاء جسد البلاد الممزق.

يجب التصدي لتجار الحروب والدمار وعدم تمكينهم من إطالة أمد معاناة الناس.

إن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار والتواثق على ترتيبات سلام دائم وعادل هو الطريق الأقصر لوقف القتل والقصف والدمار اليومي الذي ينتظم أجزاء واسعة من البلاد، وهو المدخل لتمكين الناس من العودة لقراهم ومدنهم وتوفير الأمن والغذاء والدواء لهم، وبدونه لا يمكن جمع الموارد اللازمة لاستعادة الخدمات وإعادة الإعمار، فموارد البلاد الداخلية التي قلصتها الحرب مقسمة بين النهب والتسليح، وما من جهة خارجية ستوظف أي موارد حقيقية في بلاد مضطربة وغير آمنة. في هذا التوقيت المفصلي فلتتحد الجهود لإنهاء هذه الحرب اللعينة. 

لا يهم أن يتفق الناس حول تحليلهم لطبيعتها وموقفهم من أطرافها، المهم هو الاتفاق على وقفها الآن ودون تأخير، ولتكن طاولات الحوار هي مكان إدارة التباينات دون دماء أو قتال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى