
الحرب الأهلية الأولى “١٩٥٥ _ ١٩٧٢”، حركة تمرد أنجانجا “سُم الأفعى” انتهت باتفاقية أديس أبابا، القاضية بالحكم الذاتي لإقليم جنوب السودان.
الحرب الأهلية الثانية “١٩٨٣_ ٢٠٠٥”، الجيش الشعبي لتحرير السودان، انتهت باتفاقية سلام نيفاشا، وراح ضحيتها نحو مليوني شخص ونزوح ولجوء اكثر من ٤ ملايين.
نال جنوب السودان استقلاله إثر الاتفاقية، في عام ٢٠١١، وما تزال آثار تلك الحرب الضروس ماثلة في الدولتين “السودان وجنوب السودان.
حرب دارفور، ابتدرتها في ٢٠٠٣ حركة تحرير السودان، ولحقت بها في نفس العام حركة العدل والمساواة وادت إلى مقتل مئات الآلاف من المدنيين ونزوح الملايين” نحو مليون ونصف” يقيمون في معسكرات بالداخل بحسب الأمم المتحدة، هذا غير الذين لجأووا إلى دول مجاورة أو غير مجاورة.
التأمت اتفاقية جوبا للسلام عام ٢٠٢٠، مع بعض الحركات المتمردة، فيما لا تزال حركتا جيش تحرير السودان “دارفور”، والحركة الشعبية لتحرير السودان ” جبال النوبة”، في حالة تأهب ولديهما إمكانية العودة إلى الحرب في اي وقت.
اذاً، لم يتحقق السلام الأهلي في السودان، منذ استقلاله حتى الآن، عدا في الفترة ما بين ( مارس ١٩٧٢ إلى مايو ١٩٨٣)، وما تزال الصراعات القبلية قائمة وخطابات الكراهية والعنصرية والبغضاء والشحناء جارية في الحياة اليومية وفي شرايين الشعب.
إحسب معي:
٣٩ عاما، حرباً أهلية في الجنوب.. انتهت ٢٠٠٥، لكن كانت حرب دارفور التي بدأت ٢٠٠٣ مستمرة حينها.. فاذا بدأنا إحصاء سنوات حرب دارفور من عام ٢٠٠٥، باعتبار ان العامين ٢٠٠٣ و ٢٠٠٤ متزامنان مع حرب الجنوب، وبما انها ما زالت مستمرة على صيغ قبلية وعنصرية َجهوية، فإنه يمكننا حسابها على النحو التالي ” منذ ٢٠٠٥ حتى الآن ١٧ عاما.
وبإضافة هذه الأعوام إلى الـ ٣٩ عاما” حرب الجنوب”، فإن إجمالي أعوام الحرب الاهلية في السودان يصبح ٥٦ عاماً، ولم تنته بعد.
المحصلة..
انقسام البلاد إلى دولتين والحبل على الجرار، بحيث يمكن أن تشهد انقسامات جديدة.
والانقسامات هذه ليست خيالا وإنما سمة اساسية من سمات الدولة والشعوب السودانية، فالجيش نفسه أسس جيشا موازياً له اطلق عليه قوات الدعم السريع، صار لاحقاً منافساً خطيرا له، وكل حركة تمرد لها جيش، ومعظم القبائل تمتلك مليشيات مسلحة، ولا توجد حكومة منذ انقلاب أكتوبر.
والأحزاب السياسية تائهة ومنقسمة، أكثر من ٤ حزب أمة، أكثر من ٣ اتحادي ديمقراطي، أكثر من حركة شعبية شمال، أكثر من حركة جيش تحرير السودان، وأخيراِ أكثر من مجلس أعلى لنظارات البجا.
اذاً، في ظل هذا الواقع الانقسامي العميق، فإن الأرجح هو احتمال نشوب حرب أهلية اكثر اتساعاً وضراوة، كما أن الأرجح وفقاً للواقع السياسي والأمني وحالة الاستقطاب الجهوي والسياسي والقبلي الحادة هو انقسام البلاد إلى عدة دول في المدى المتوسط.
كنتيجة حتمية للحرب الحتمية المقبلة.
٥٦ عاماً من الحرب من مجمل ٦٦ عاماً منذ استقلال اي بلد، لا بد أن تؤدي إلى تفتتها وتمزقها.. هذه نتيجة حتمية، ينبغي الاستعداد لها.
نسأل الله السلامة.