مقالات

تَصـفِية إسمَاعِيل حَسن في إعَـارتهِ 

محمد عبد الماجد

أنا لا أحب الإعلامي الذي يُخطِّط للنادي ويفكر له ويُقرِّر ـ هذا ليس دورنا، ولكن مجلس إدارة الهلال يجبرنا في كثير من الأحيان أن نظهر بهذا الثوب، وأن نقوم بدور ليس دورنا.

ولا أحب مجلس الإدارة الذي يرتهن في قراراته وفي كل تحركاته إلى (صحفي)، بحيث يكون هو عراب المجلس، فيبدو مجلس الإدارة مثل (طير الرهو) في أغنية حمد الريح التي كتبها إسماعيل حسن، وقيل إنّ كاتبها هو الشريف حسين الهندى لدواعٍ سياسيّة.

 

وإن كنت هنا أشهد لمجلس الهلال الحالي بُعده عن الصّحفيين ولذلك ينجح، ولكنه أيضاً يقع في كثير من الأحيان تحت التأثير الإعلامي فيفشل في بعض المرات.

 

لقد أصبحنا نشعر بالخجل ونحن تنصرف كتاباتنا في الفترة الأخيرة إلى افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا، هذا الأمر أكيد يضايق مجلس الإدارة، ويضايقنا نحن ايضا، لكنهم يجبرونا عليه، وليس لنا من دونه ملاذٌ.

 

نحن لسنا أكثر من غيرنا معرفةً، ولا نحن أحرص على الهلال من مجلسه ـ ودورنا ليس (توجيهياً) كما يعتقد البعض.. لذلك نرجو المعذرة إن كنا نبدو كذلك.

نحن ننتقد الكاردينال كثيراً، لكن الكاردينال يتميّز في أنّ القرارات تصدر منه هو ـ رغم أنّ البعض كان يحسبها ترجع للرشيد علي عمر وفاطمة الصادق ـ الأكيد أنّ الكاردينال كان صاحب شخصية قوية، وكذلك كان الأمين البرير وإن كان هنالك خلافٌ كبيرٌ حول قراراتهما وجدواها، ولكن هي في النهاية ترجع لهما.

 

وإذا كان الكاردينال والبرير يمثلان الصورة السلبية في طيش كثير من قراراتهما، فإنّ الطيب عبد الله وصلاح إدريس يمثلان الصورة الإيجابية في صدور القرار الإداري القوي والصائب، بعيداً عن تأثير الإعلام والجمهور.

 

احترم كثيراً القرارات الفنية والإدارية، ولا أحب أن يتدخّـل في هذه الأمور الإعلام أو الجمهور، إلّا من باب النصيحة أو النقد، لا من باب الضغوط والتنمُّـر، ولكن في الفترة الأخيرة، وجدت أنّ مجلس الهلال يُعاني من هشاشةٍ في القرارات وضعفٍ في العصب الإداري وهو يوكل للإعلام والجماهير اتخاذ القرارات المفصلية أو هو يمرر من خلالهما القرارات قبل صدورها حتى يتّخذ القرار الذي تميل إليه القلوب ـ يحدث ذلك حتى في أمور فنية بحتة، لذلك وفي ظل هذه الفوضى لا بد لنا من أن ننادي برأي آخر ـ نحسبه إيجابياً، تحاشياً للسلبية التي يُمكن أن تقود الهلال للندامة.

 

لا أريد أن أتحدث عن قرارات كثيرة كان دور المجلس فيها (الاستجابة) لرغبة الجماهير (ويا الفكي صلي ما بصلي، جيب السوط، الله أكبر) ـ أو كان له منها فقط (أجر المناولة).. هذا قد يبدو للجماهير حسناً، ولكن في الحقيقة هو إفقارٌ لمجلس إدارة الهلال، وهم في العادة لا يصدر منهم القرار إلّا بعد فترة (حضانة إعلامية) حتى يذهبوا في النهاية إلى ما ذهب الناس.

حضانة إعلامية دي ما بتلقوها في حتة تانية، ولا تفتشوا ليها، وهي من ناحية سياق أكاديمي ـ تعني أنّ بعض القرارات تكون ضعيفة أو غير مكتملة أو غير مقنعة، لذلك هي مثل الجنين غير المكتمل في حاجة إلى (حضـانة) حتى يكتمل نموه، وهذا ما يحدث في الهلال.

 

القرار الجماهيري هو قرارٌ عاطفيٌّ ـ قرارٌ يبحث عن الجديد ويفتقد للعُمق المستقبلي وقراءة الحاضر بحسبة توازنية.

 

قصدت من تلك المقدمة أن أكتب عن النوايا التي بدأت تلوح في الأُفق، وعن نية الهلال في إعارة أحد لاعبيه.

 

قبل أيام، وحفاظاً لحقه الأدبي، كتب الزميل النّابِـه الطاهر صالح عن طلب تقدم به أحد الأندية المشاركة في بطولة الكونفدرالية لإعارة أحد لاعبيه، وقد نشر الطاهر صالح الخبر في صفحته بدون أسماء، نتيجة لأدبه الشديد، ومهنيته العالية التي لا خلاف حولها.

 

وقد علمت بعد حين أنّ هذا النادي الذي خاطب الهلال هو نادي الزمالة أم روابة، وأنّ الطلب أو الرغبة كانت صادرة من المدير الفني للزمالة أم روابة الكابتن خالد جوليت، الذي يرى أنّ اللاعب يمكن أن يفيده كثيراً.

أما اللاعب فهو إسماعيل حسن لاعب الهلال الجديد الذي انتقل إليه بعد نهاية تعاقده مع مريخ الأبيض.

 

أحد المسؤولين الفنيين في المريخ العاصمي كان متحسراً جداً على انتقال اللاعب للهلال، وبعد خطاب الزمالة أم روابة للهلال قال ذلك المسؤول: طيب الهلال لو لم يكن في حاجة للاعب لماذا حرمنا منه؟ والمريخ يرى أن اللاعب كان يمكن أن يحدث نقلة فنية كبيرة يحتاجها.

 

والسؤال هنا ـ هل الهلال ليس في حاجة للاعب؟ ـ أعتقد أنّ الهلال في حاجة شديدة لهذا اللاعب، لأنّه يُعاني من نقص عددي كبير في جانب اللاعبين الوطنيين.. الهلال يُعاني من نقص في الكم، دعك من النقص في الكيف.

 

إذا نظرت إلى محمد عبد الرحمن وعبد الرؤوف يعقوب وبوغبا وصلاح عادل ويمكن إضافة إرنق والطيب وياسر مزمل، سوف تجدهم مُستهلكين بصورة خرافية من الهلال والمنتخب، وقد عرّضهم ذلك للإصابات والإرهاق والوقوع في الأخطاء، ويبدو أنّ قائمة الاستهلاك في الفترة القادمة سوف تشمل ياسر جوباك ومازن سيمبو وعلي عبد الله كبه.

 

هذه العناصر على الأقل في الهلال في حاجة إلى بدائل، من أجل أن تجد قسطاً من الراحة، بدلاً من أن تكون راحتهم يحصلون عليها فقط عندما يتعرّضون للإصابة.

 

في الموسم الجديد، هنالك أربع مُشاركات للمنتخب، والهلال إلى جانب الدوري والكأس سوف يُشارك في البطولتين الأفريقية والعربية، وقد تتولّد من تلك المُشاركات أخرى في السوبر وفي كأس العالم إذا وُفِّق الهلال في البطولة الأفريقية، مما يرفع ذلك من سقف المنافسات في الموسم الجديد إلى عشر منافسات، مطلوبٌ من عشرة لاعبين وطنيين في الهلال على الأقل المشاركة فيها جميعاً.

مباراة السودان أمام الكونغو شارك فيها بصورة أساسية من الهلال (8) لاعبين، بينما شارك أساسياً من المريخ فقط موسى كانتي.

 

هذا دليلٌ على جودة اللاعب الوطني في الهلال وهو قد شارك في الموسم الأخير في بطولة سيكافا، وشارك في الدوري الموريتاني وفاز به، وشارك في دوري النخبة وفاز بها، وفاز بكأس السودان، ووصل إلى مرحلة متقدمة في دوري أبطال أفريقيا، إلى جانب مشاركاته في ثلاث تصفيات مع المنتخب، حسم منها تصفيتين بالوصول إلى النهائيات، ومازال يقاتل في تصفيات كأس العالم وفرصته مازالت قائمة للنهائيات

 

ويشارك المنتخب الآن بعصبة من لاعبي الهلال في نهائيات (الشأن)، وفي ديسمبر القادم سوف يشارك المنتخب في نهائيات (الكان). 

 

أقول ذلك واستعرض ذلك الواقع للتأكيد على حاجة الهلال لزيادة زاده البشري من الوطنيين.

 

أمّـا عن الإعارات فتعالوا أحدِّثكم عن سوءاتها، فهي كلمة حق أُريد بها باطل ـ عندما يعيروا لاعباً يقولون لك إنهم أعاروه حتى يجد الفرصة وتتاح له المشاركة ويعود من جديد، وفي الحقيقة نحن نعير اللاعب للتخلص منه، ولم يعد للهلال في التاريخ القريب لاعب عاد من الإعارة بصورة جيدة، بل كانت الإعارة دائماً تقضي عليه وتدمره وتعيده لنا مجرد ذكرى للاعب أعادته الذكريات للهلال.

 

الإعارة هي عبارة عن تصفية للاعب.

أفضل أربع مواهب مرت في الهلال، ربما في الألفية الثالثة حتى الآن هم الشيخ محمد وعثمان ميسي وسليمان عز الله وأمجد قلق ـ انظروا ماذا فعلت الإعارات بهذه المواهب، أتمنى أن لا يُضاف إليهم إسماعيل حسن، كما أرجو إعادة أمجد قلق وسليمان عز الله إنقاذاً لهما وتداركاً للأخطاء التي ارتكبها الهلال في حقهما.

 

ظهر الشيخ محمد كموهبة نادرة في شباب الهلال، وكان واضحاً أنه لاعب مختلفٌ، وقد توقّف عنده هيثم مصطفى، وكان أول من ضمّـه للفريق الأول وأشركه مع الهلال في مباراة بالدوري الممتاز في إحدى الولايات.

 

تسلّطوا على الشيخ محمد بالإعارة بحجة أن الإعارة سوف تفيده أكثر، في حين أنه لو استمر مع الهلال لوجد الرعاية بصورة أكبر ولشكّلت له جماهير الهلال الحماية والدعم الذي يحتاجه.

 

أُعير الشيخ محمد إلى الخرطوم الوطني وقدم معها موسماً مُذهلاً، حتى إنه تم اختياره حينها للمنتخب الوطني، لم يعد اللاعب للهلال بعد ذلك أو أعيد وأصيب ثم ظلّ في حالة إعارات مستمرة إلى أن أصابه الإحباط واليأس.

 

أمجد قلق موهبة القضارف لاعبٌ جاهزٌ ـ صاحب بنية جسمانية جيدة، وصاحب تسديدات قوية وقدم (مهندية)، ويلعب في أكثر من مركز، تألق مع فريق الشباب بصورة لافتة وظل اللاعب بعد ذلك من إعارة إلى إعارة حتى وصل ليبيا.

سليمان عزالله لاعب ارتكاز، كان الهلال في حاجة له ـ فجأةً قرّروا إعارته.

 

وغير ذلك مهاجم هلال الفاشر السابق شيخ الدين، ومحمد المنذر وطلال عادل وأحمد يحيى وأباذر ميسي وأنس سعيد وخاطر عوض الله نجم الأهلي مدني الحالي وغيرهم، كلهم قضت عليهم الإعارة ولم يعد لاعبٌ منهم للهلال ومن سيعود يحتاج إلى تأهيل من جديد. 

 

إسماعيل حسن إذا كان الهلال يريد أن يعيره كان من الأفضل أن لا يتم تسجيله، حتى يشق اللاعب طريقه ويحدد مستقبله بنفسه.

 

لا تدمروا موهبة أخرى بقيمة إسماعيل حسن.

الغريب أنّ الهلال في حاجة حقيقية له ـ أحياناً تقول من يفكر ويخطط للهلال بهذه الصورة، لا يفكر إلا في ضرر الهلال.

 

إسماعيل حسن لاعبٌ يجب أن يكون في الهلال، وهو قادرٌ على أن يثبت نفسه، وقادرٌ كذلك أن يفرض وجوده، وهو في الهلال سوف يجد الدعم والجماهير والتجهيز بصورة صحيحة، وسوف يجد الفرصـة. من بعد إذا فشل أشطبوه ولا تعيروه، حتى لا تقضوا على موهبته.

الهلال قد يجد نفسه مُجبراً على أن يلعب الدوري الممتاز بعدد محدود من الأجانب، وحتى في حال حضور كل المحترفين، فإنّ المشاركة سوف تكون متاحة لخمسة أجانب فقط، لذلك يجب رفع الزاد البشري في الهلال في الكم قبل الكيف، ولا أحدٌ يختلف على، إسماعيل حسن.

 

بل على مجلس الهلال أن يجتهد في زيادة عدد الوطنيين، بعد أن أصبح عدد الأجانب في الكشوفات محدد بعشرة أجانب فقط.

 

أتيحوا الفرصة للمواهب الشابة في أن ينشأوا في الهلال ويكتسبوا الخبرات من لاعبين كبار مثل الغربال وروفا ـ أتركوهم تحت أعين إعلام الهلال وجماهيره، وفي الهلال بيئة جيدة وإمكانيات أكبر من إمكانيات كل الأندية التي يُعار لها لاعبو الهلال.

 

تجربة الإعارات أثبتت فشلها فلماذا تصرون عليها؟ أنظروا إلى ياسر جوباك وإلى مازن سيمبو وأحمد كنن وعلي كبه، هذه الأسماء صبر عليها الهلال، وجوباك تحديداً صبر عليه الهلال ثلاث سنوات، وهو مرشحٌ أن يكون في القريب العاجل أفضل لاعب في السودان، إذا كان الهلال أعار جوباك أو سيمبو، كنا سوف نسمع بهما ضمن قائمة المشاطيب الآن، وهما بسبب وجودهما في الهلال يقودان المنتخب في (الشان) ويقدمان أرفع المستويات.

 

إعارة إسماعيل حسن، مستقبل الهلال وحاضره مرفوضة.

وعودة أمجد قلق أولوية بعد عودة الصيني ونتمنى كذلك عودة عز الله.

 

متاريس 

 

وصول المدرب الروماني لاورينتو أوريليان ريجيكامب لبورتسودان دليل على جديته وعلى إستعداده للعمل في السودان ـ وهي نقطة تحسب له ، بددت المخاوف من رفضه للعمل في السودان. 

 

سيكافا فرصة لإسماعيل حسن وخيري سليمان ـ هذه الفرصة وذلك الإعداد أين يجده إسماعيل حسن لو خرج من الهلال؟

 

الهلال في مباريات سيكافا الأولى قد يحرم من (10) لاعبين وطنيين بسبب مشاركتهم مع المنتخب في تصفيات كأس العالم ،ويمكن أن يحرم الهلال من (5) أجانب على الأقل بسبب مشاركاتهم مع منتخبات بلادهم في نفس التصفيات، فكيف يخوض الهلال مباريات سيكافا إذا اعار نجم في حجم إسماعيل حسن؟ ، بل على الهلال أن يدعم كشفه بعناصر وطنية جديدة وعائدة من الإعارة. 

 

الزمالة يمكن لا قدر الله أن تخرج من الكونفدرالية من التمهيدي الأول بسبب ضعف الخبرات، ومباريات الفريق في الدوري السوداني في هذه الأوضاع لن تتجاوز 12 مباراة، وكل مباريات الفريق في الموسم لن تتعدى 15 مباراة، هل يمكن أن تعد هذه المباريات لاعباً في سن الشباب؟ يفترض أن يلعب في الموسم ما لا يقل عن 70 مباراة.

 

لاعبو الهلال مع فريقهم فقط لعبوا في هذا الموسم حوالي 50 مباراة بدون المباريات الودية وبدون بطولة سيكافا وبدون مباريات المنتخب، يعني يُمكن أن يصل أحد اللاعبين في الهلال في الموسم بمباريات الهلال والمنتخب الودية إلى 80 مباراة، هذا العدد من المباريات هل يمكن أن يوفره نادٍ سوداني آخر للاعبيه.

 

إسماعيل حسن علمت أنه يرتِّب أوضاعه ويجهز نفسه بطموحات كبيرة للانطلاق مع الهلال.

تخيّلوا صدمة لاعب بهذا الطموح عندما يعلم أنه سوف تتم إعارته.

 

إعارة تاني.

لا تعدموا اللاعب ـ لا تصفُّوه. 

الجميل أن أستاذنا القامة هساي اليوم في صحيفة الزرقاء كتب صفحة عن هذا اللاعب ووصفه بأنه لاعب (فلتة) وأن اللاعب جاء للهلال بأمر نجوم الهلال وأن التفاوض معه بدأ بواسطة الغربال بعد مباراة الهلال ومريخ الابيض ـ هذا كلام يدعم إستمراريته وعدم التفريط فيه، وهساي عندما يتحدث عن لاعب، أعلم أن هذا اللاعب على موعد مع المجد.

 

هساي قال هل يعيد إسماعيل حسن روائع محمد حسين كسلا؟

الكلام إنتهى بعد كلام هساى. 

ترس أخير: خطــوة خطــوة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى