
نحن نحاسب الناس بظنونا، لا نحاسبهم بأعمالهم، والظنون دائماً تذهب نحو الاتّجاه الأسوأ.. لدرجة أنهم يقولون في المثل “سوء الظن من حسن الفطن”، هكذا جعلنا سوء الظن من الفطنة، بل من حسن الفطن.. هذه دعوة صريحة للسوء.
كان “التميل ود حسن الركيزة” يقف بين الناس بجلباب سمني داكن، وهو يتصبّب عرقاً ويقول للناس: حاسبونا بأعمالنا، لا تحاسبونا بظنونكم، لأن ظنونكم مثل (زبد البحر)، ثم يتف على الأرض وهو يدير وجهه منهم، وما أن ينزل “التميل ود حسن الركيزة” من المنصة ، إلا تهامسوا لبعضهم البعض وقالوا شوفوا الزول الثقيل دا عاوز يعلمنا كيف نحاسبه… تف عليه.
إذا جلست مع مجموعة، سوف تضحكوا وتتونسوا وأول واحد يقوم من هذه المجموعة سوف يتعرض لمسيرات قاتلة، فما أن يقوم، إلا تحدثوا عنه بسوء، وهم أنفسهم كانوا قبل لحظات يضحكون معه.. السوء هنا ليس في الشخص الذي غادر مهما كان سوؤه، وإنما في الذين تحدثوا عنه بعد ذهابه، فقد كانوا يضحكون معه والنفاق أسوأ الصفات، إن كان هو سيئاً فهم منافقون.
ما قعدت مع مجموعة من الناس إلا عندما قام منهم زول وغادر المجموعة قالوا عنه زول (فقر) أو زول (لئيم) أو (أثقل زول).
لا أريد أن أشيع السوء والظن في الناس وأنا أنهي عن ذلك، لكن عندنا عادات وطباع سيئة، علينا أن نغيرها، نحسبها بسيطة، ونعتبرها ونسة أو موضوعاً، لكنها هي كبيرة.
السلوك هو عنوان التحضر ، ولا تقدم بدون سلوك محترم.
المدير الفني السابق للهلال فلوران قدم تجربة قد تكون هي الأنجح في تاريخ الهلال للمدربين الأجانب في ظروف صعبة، كان فيها فلوران أباً لجميع اللاعبين، هذا بشهادتهم هم عنه فقد ظلوا يذكرونه بالخير، وكان فلوران على امتداد فترته مع الهلال التي قاربت الثلاث سنوات منضبطاً وملتزماً، عاش ظروف الحرب مع اللاعبين ودعم ذلك بإنجازات لا تنكر رؤيتها العين إلا إذا كان فيها رمد، ولا ينكر الفم طعمها إلا إذا كان به سقم (قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ وينكر الفمّ طعم الماء من سقمِ).
الغريب أن هنالك أسماءً في الهلال عندما تألقت في دوري النخبة، حسبوا ذلك على فلوران وليس له، وفات عليهم أن هذه العناصر مازن سيمبو وعلي عبد الله كبه وأحمد عصمت كنن وياسر عوض جوباك وخيري سليمان ومحمد مدني، جميعهم ضمهم فلوران لبعثة الهلال وهو من اختارهم، وهو الذي منحهم الفرصة في الدوري الموريتاني، كل هذه الأسماء شاركت مع فلوران في الدوري الموريتاني، بل هو من اختارهم وطالب بتسجيلهم أو ترفيعهم من شباب الهلال للفريق الأول كما فعل مع ياسر جوباك وخيري سليمان، لذلك فإن نجاحهم مع الهلال في دوري النخبة هو نجاحٌ لفلوران، ولا يجعلنا ذلك ننقص من قدر خالد بخيت أو نقلل من دوره، لأن خالد بخيت أصلاً جزءٌ من الجهاز الفني بقيادة فلوران، ونجاح خالد بخيت أيضاً نجاح لفلوران، فلماذا تقللون من مدرب أصاب النجاح مرتين؟ أعتقد أن أهم ميزة في فلوران هو أنه أعطى الفرصة لكل اللاعبين المتواجدين معه في موريتانيا.
الصفة التي أتمناها في مدرب الهلال ريجيكامب هو أن لا يختزل المشاركة على عناصر محدودة، وأن يشرك كل اللاعبين، خاصةً بعد أن أصبح الكشف الأفريقي يضم (40) لاعباً.
في الهلال أكثر من عشرة أجانب وهنالك نجوم المنتخب الوطني، إضافةً إلى العناصر الشابة ونجوم التسجيلات، كل هذه العناصر يجب أن يشاركوا وتُمنح لهم الفرصة كاملة.
تجربة فلوران مع الهلال ناجحة يجب أن نبني عليها، لا أن نشوِّهها، كما اعتدنا على تشويه كل ما هو جميل.
لا تهدموا التجارب الناجحة، لنظل دائماً نبدأ من الصفر مع كل تجربة جديدة.
أي تجربة وإن كانت فاشلة، تحمل شيئاً من الإيجابيات، لكي نستفيد من تلك الإيجابيات، علينا أن لا نطمس التجربة ونصفها بالفشل، ونصرف أنفسنا عنها ـ بل يمكن الاستفادة من التجارب الفاشلة أكثر من الناجحة.
إذا نظرت لكل شئ في السودان سوف تجد أن ماضيه أفضل من حاضره ومستقبله، لو كنا نسير بمعدل خطوة إلى الأمام في العام من النقطة التي انطلقنا منها، كان وصلنا القمر.. ولكن نحن نسير للخلف في كل شئ، لأننا لا نتعلّم من تجاربنا، ولأننا اعتدنا أن نكون ضد النجاح ــ نحن لا نحارب الفاشلين، نحن نحارب الناجحين، وذلك لسبب واحد، إننا نشعر أن الفاشل من فصيلتنا وهو أقرب إلينا من الناجح الغريب علينا.
هنالك مقولة تقال عن العرب، مقارنة بما يحدث في الدول الغربية، وهو أنّنا نحارب الناجح حتى يفشل، وفي أوروبا يدعمون الفاشل ويصوبونه حتى ينجح.
إذا زرت أي دولة أفريقية سوف يدهشك التطور والنظام، ونحن نتحدث عن أن أفريقيا قارة الفساد والمرض والفقر والجهل، الحقيقة أنّ كل الدول الأفريقية تتقدم ونحن نتراجع.
لا أتحدّث عن السودان الآن، اتحدّث عن السودان قبل الحرب، أما بعد الحرب، فإنّ السودان خارج الخدمة كلياً وغير صالح للمقارنة مع دول مستقرة وآمنة.
جنوب أفريقيا التي عانت من العنصرية والتي كانت من أواخر الدول في أفريقيا التي نالت استقلالها، أجاز لها الاتحاد الأفريقي (13) ملعباً، بينما نحن في السودان لا نملك ملعباً واحداً مجازاً، ونحن الذي أسّسنا الاتحاد الأفريقي مع مصر وإثيوبيا، حتى استاد الخرطوم الذي احتضن أول بطولة أمم أفريقيا غير صالح.
رئيس الاتحاد الأفريقي جاء من جنوب أفريقيا، وأقوى أندية أفريقيا الآن من جنوب أفريقيا ـ جنوب أفريقيا بكل جراحاتها السابقة صعدت ونظمت بطولة كأس العالم، ونحن في السودان نعجز حتى من تنظيم مباراة في الدور التمهيدي من بطولة الكونفدرالية.
هذه الحرب التي يعاني منها السودان، هي نتاج طبيعي للفساد والعشوائية وعدم الوطنية، نحن ندفع الثمن لأننا لا نستفيد من الدروس ولأننا نحمل الكثير من الظنون السيئة.
فلوران جاء في ظروف صعبة وحقق ما لم يحققه غيره، جاء وهو اسم كبير ويحمل سجلاً ممتازاَ حتى أُطلق عليه (المؤسس)، انظروا ماذا قلنا عنه بعد أن رحل من الهلال، لقد أطلق عليه البعض لقب (السمسار).
هكذا نسمي الأشياء عندما تحقق النجاح.
إذا بحثت عن السبب الذي جعلهم يطلقون عليه لقب (السمسار) سوف تكتشف أنهم أطلقوا عليه ذلك اللقب لأنّ الطيب بن زيتون وعيسى فوفانا انتقلا لفريق عزام الذي تعاقد معه فلوران، وإذا نظرنا للأمر.، سوف نجد في كل الدنيا أنّ أي مدرب ينتقل من نادٍ إلى آخر يصطحب معه بعض اللاعبين من فريقه السابق إلى فريقه الجديد، هذا عُرف سائد في كرة القدم، مع ذلك لم يطلق أحد على أي مدرب فعل ذلك لقب (سمسار).
أما إذا نظرنا إلى هذا الأمر من ناحية موضوعية، سوف نجد أنّ فلوران قدم خدمة جليلة للهلال فهو لم يصطحب معه روفا أو الغربال أو جان كلود أو حتى ابن جلدته إيبولا، فلوران اصطحب معه الطيب بن زيتون الذي كان الهلال يبحث عن أي طريقة للتخلص منه، ومشاركات اللاعب مع الهلال في الموسم الماضي لم تتجاوز (10) مباريات، إننا نقبل أن يكون فلوران (سمساراً) إذا أُطلق عليه هذا الخبر من أنصار عزام، لأنه خلص الهلال من لاعب أصلاً يريدون إنهاء التعاقد معه بعد أن اشترط الاتحاد السوداني تسجيل (10) أجانب فقط.
أما عيسى فوفانا، مع أنه حارس ممتاز إلا أن الهلال باعه لعزام بعد أن تعاقد الهلال مع الحارس سفيان فريد وهو أفضل من فوفانا ـ هل تريدون أن يكون في الهلال حارسان أجنبيان.
فوفانا حارسٌ جيدٌ، لكنه يفتقد للخبرات واحسب أنه يفتقد للشخصية، وقد ولجت شباكه أهدافٌ يُسأل عنها، هذا ليس تقليلاً منه، لأنّ اللاعب ينتظره مستقبلٌ كبيرٌ وهو يتطوّر من مباراة لأخرى، لكن الهلال وجد من هو أفضل منه، وهو الحارس سفيان فريد الذي يمتلك الشخصية والخبرات الكبيرة، لذلك يُشكر فلوران لأنه جعل الهلال يربح من بيع فوفانا، أما إذا كان انتقال فوفانا لعزام جزءاً من سيناريو انتقال محمد المصطفى للهلال، فذلك يبقى جميلاً من فلوران لن ننساه له.
إنّ الهلال أنهى تعاقده مع جونيور، وأكيد أن الهلال قام بهذه الخطوة بعد أن كلفته مادياً كثيراً ـ هل إذا كان فلوران طلب التعاقد مع جونيور ورحل اللاعب لعزام، هل يمكن أن نقول عن ذلك إنّ فلوران (سمسار)؟
جونيور انتقل لنادٍ كونغولي، هل فلوران أيضاً وراء هذه الصفقة التي لم يستفد متها الهلال..؟
ما لكم كيف تحكمون؟
ومازال الهلال يبحث عن تسويق بعض لاعبيه، ويا ريت فريق عزام يتدخل ويطلب ديوف وخادم دياو ويجعلنا نتكسّب من لاعبين يبحث الهلال للتخلص منهما.
إذا انتقل من الهلال إلى عزام الغربال أو روفا أو جان كلود أو إيمي أو كوليبالي أو الحاج ماديكي أو إيبولا أو ياسر جوباك، كنا سوف نقول إنّ فلوران أضر بالهلال، رغم أن القرار أصلاً في يد إدارة الهلال، فقد كان يمكنها أن ترفض انتقال الطيب بن زيتون أو فوفانا لو كان الهلال يحتاجهما.
أعتقد أن فلوران ظل وفياً للهلال حتى وهو بعيد عنه.. وسوف يبقى فلوران (المؤسس) حتى بعد أن غادر الديـار الزرقاء.
…
متاريس
لا تشوِّهوا إنجازاتكم.. يجب أن تبنوا عليها، لا أن تهدموها.
إذا كنا حتى الآن لا نستطيع أن نفرق بين النجاح والفشل وبين الناجح والفاشل، يبقى عمرنا ما ح ننجح.
نحن اعتدنا أن يلعب المنتخب دون أن نثقل عليه بالضغوط والكتابات الطموحة، وكان المنتخب دائماً ينجح عندما يجد ذلك الهدوء.
لذا لا نريد أن نفسد مفاجآت المنتخب الوطني السعيدة.
نتمنى في الغد التوفيق للمنتخب السوداني وهو يواجه المنتخب السنغالي في بطولة الشان.
يبدو أنّ مبارياتنا أمام السنغال دائماً تكون مفصلية.
مازلنا نسأل عن موقف الإصابات ـ الغربال، ياسر مزمل، أحمد كنن، كردمان وإرنق، ولا إجابة من الهلال.
يظل ملف الإصابات في الهلال ملف غامضاً وسرياً للغاية.
التسجيلات عرفناها ـ الإصابات السرية في شنو؟
سيكافا برضو دخلت الغابة، وما معروف مصير الهلال فيها.
من المقرر أن يبدأ إعداد الهلال اليوم، بالتوفيق إن شاء الله.
نسأل الله أن يكون موسماً ناجحاً للهلال وأن يحقق فيه كل البطولات التي يشارك فيها.
مازن فضل مكسب كبير، ومحمد المصطفى مكسب أكبر.
لأول مرة تسجيلات الهلال تجمع بين الخبرات والطموح.
نحن على موعد مع هلال يهز الأرض.
إن شاء الله قريباً نشاهد كوليبالي وإيمي في معسكر الهلال بدار السلام.
العليقي قادر أن يحسم هذا الملف، وقادرٌ على إقناع كوليبالي وإيمي للانضمام لمعسكر الهلال.
اصلو ما في عوجة.
في انتظار الإعلان الرسمي.
ما في حاجة بتريح الأعصاب، أكتر من الإعلان الرسمي.
صحيفتا “الزرقاء والشرق القطرية” أكدتا أن الهلال حسم تسجيل محمد المصطفى وفي انتظار الصفحة الرسمية للهلال.
وصفحة الهلال الرسمية بتتقل علينا.
…
ترس أخير: على بركــة الله.