منوعات

قَدر الموالفِين الفُراق..

أمجد الشعرابي (*)

دائماً ببقى أقسى إدراك ممكن يدركه الإنسان.. إنه اِعتاد.. التعوّد على مُدن جديدة وأماكن جدِيدة وناس غير.. إلفة التفاصِيل الصغِيرة، والمشاهد المُكررة، وعادية الأيام وبساطتها. 

دائماً الاعتياد قاسي.. والإلفة ضريبتها ثقيلة في لحظات الوداع. 

نفس الهِجرة الما كانت على الخاطِر في البداية..

بِتنعاد اليوم ونحن راجعين بيوتنا، بس بنفارق ناس وأماكن وتفاصيل، ما اِتخيلنا إنه ممكن مشاهد وداعهم تجي بي نفس الثِقل الأول.. واللحظة تعتريها ذات الرهبة والحرارة.  

قدر المِتلنا مشي الهجِير.. سفر الأمانِي طويل وشاق) 

طول الفترة الفاتت كانت لهفة الرجعة للبيت القديم مُتقدة، بس بالمقابل ويمكن دون نشعر وقعنا في فخ التعود والاعتياد..

ولأنه الإنسان بطبعه ولوف، على الأماكن.. والشوارع.. والجيران.. والأصحاب، كانت لحظة الفراق قاسية، وكأنه بتتكرر نفس لحظات الفراق الأولى. 

ولو الهجرة والنزوح هي تعبير عن فُرقة الإنسان للأماكن البحبها والمليان بي تفاصيلها، فكل النزحوا في البداية من بيوتهم، بنزحوا حالياً وهم راجعين بيوتهم. 

على زحامِ الأرصِفة 

الوِلف كتَّال.. 

للمرة التانية ما كانت الهجرة على الخاطر.. 

بس قدر الموالفين الفُراق، فشكراً للناس الاتعودنا عليهم واعتادونا.. شكراً للبيوت الضمتنا.. وخلينا جواها وجوة ناسها وجيرانها فَراغ.. شكراً على قدر الأيام وتفاصيلها.. وعلى قدرِ محبتكم. 

وتلاقِينا الأيام في مُتسع من المحبة.. ووافِر من الإلفة القبيل.

 

* شاعر وكاتب سوداني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى