
تشير أكثر من “10” طائرات انتحارية مسيرة بعيدة المدى شوهدت بالقرب من مطار تسيطر عليه قوات “الدعم السريع” السودانية بالتزامن مع هجوم جوي كبير على مناطق تابعة للجيش في مايو الماضي، إلى أن القوات شبه العسكرية تمتلك أسلحة جديدة يمكن أن تغير مسار الحرب.
وأدى الصراع بين “الدعم السريع” والجيش السوداني إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم على مدى فترة العامين ونصف العام الماضية، واستقطب عدداً كبيراً من الأطراف الأجنبية ذات المصالح المتباينة، وهو يهدد بتقسيم الدولة الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر والمنتجة الرئيسة للذهب.

تقنية عالية
وأظهرت صور وتحليلات نشرها مختبر “ييل” للأبحاث الإنسانية، وتحققت منها “رويترز”، “13” طائرة مسيرة “دلتا وينغ”، إلى جانب معدات إطلاق بالقرب من مطار نيالا في دارفور بغرب السودان في السادس من مايو.
وعادة ما يكون مدى هذه المسيرات، المصممة للاصطدام بأهدافها، نحو ألفي كيلومتر، وهو ما يعني أنها قادرة على الوصول لأي مكان في السودان، وهذا المدى أبعد بكثير من أي طرز أخرى كانت قوات “الدعم السريع” تمتلكها في السابق.
ووفقاً لتقييم “ييل”، فإن هذا الطراز أحد طرازين صينيين محتملين.
وقال خبيران تواصلت “رويترز” معهما إنهما لا يستطيعان تأكيد الجهة المصنعة، لكنهما اتفقا على المدى المحتمل، وتنتج شركات في روسيا وإيران نماذج مماثلة.
ولم ترد وزارة الدفاع أو الخارجية الصينية على الفور على طلبات من “رويترز” للتعليق.

هجمات المسيرات
تزامن ظهور الطائرات المسيرة و”16″ منصة إطلاق بالقرب من مطار نيالا مع سلسلة من الهجمات بوابل من المسيرات على بورتسودان بين الثالث والتاسع من مايو.
وقال مراقبون إن الطائرات المسيرة اختفت بحلول التاسع من مايو، بينما ظل من الممكن رؤية المنصات حتى أوائل سبتمبر الجاري.
وفي ذلك الوقت، تكهن بعض المحللين بأن الهجوم على المدينة التي اتخذها الجيش عاصمة خلال الحرب وتبعد نحو 1600 كيلومتر من نيالا، ربما انطلق من مناطق تقع في شرق السودان، لأنه لم يكن معروفاً أن قوات “الدعم السريع” تمتلك مثل هذه القدرات.

اتهامات حكومية
واتهم السودان الإمارات بتنفيذ الهجمات باستخدام طائرات حربية وطائرات انتحارية مسيرة انطلقت من قاعدة إماراتية على البحر الأحمر، ونفت الإمارات هذه الاتهامات، تماماً كما نفت مراراً اتهامات بدعمها لقوات “الدعم السريع”.
وبعد الاعتماد في البداية على التوغلات البرية، عززت قوات “الدعم السريع” قدراتها الجوية واعتمدت بصورة متزايدة على هجمات الطائرات المسيرة منذ خسارتها لأراض في وسط السودان وشرقها في وقت سابق من هذا العام.
وشنت القوات شبه العسكرية هجمات بمسيرات على العاصمة الخرطوم هذا الأسبوع في ما قالت إنه للرد على هجمات شنها الجيش على المدنيين في مناطق أخرى في السودان، إلا أنه لم يتضح ما هي نماذج المسيرات المستخدمة في الضربات.

انتهاكات حظر السلاح
أكدت تحليلات أجرتها شركة الاستخبارات الدفاعية “جينز” و”فيم زفايننبرخ” من منظمة السلام الهولندية “باكس”، أن الصور التي التقطت في مايو أظهرت طائرات مسيرة انتحارية بعيدة المدى مماثلة للنماذج المنتجة في عدد من البلدان التي يبلغ مداها نحو ألفي كيلومتر.
ولم ترد قوات “الدعم السريع” على الفور على طلبات للتعليق وجهتها “رويترز” لمتحدث باسمها، وكررت أمس (الخميس) اتهامات باستهداف الجيش للمدنيين بهجمات بطائرات مسيرة، وهي اتهامات ينفيها الجيش.
وفي وقت سابق من العام الحالي، رصدت “رويترز” ثلاث طائرات مسيرة صينية الصنع من طراز “سي إتش-95” بمدى يصل إلى 200 كيلومتر في مطار نيالا. وفي ذلك الوقت، كانت قوات “الدعم السريع” تشن هجمات متكررة بطائرات مسيرة على أهداف أقرب، بما في ذلك مستودعات وقود وسدود وقواعد عسكرية في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني.
واستهدف الجيش السوداني مطار نيالا والمناطق المحيطة به مراراً، بما في ذلك بضربات نفذها في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ولم يحدد باحثو “ييل” كيفية وصول الطائرات المسيرة إلى دارفور، ومنذ أوائل القرن الـ21، يخضع إقليم دارفور لحظر تسليح تعرض لانتهاكات متكررة.