منوعات

حقيبة “إيلَاف”.. رواية قصيرة لسيرة مصمِّمة سودانية تحمِل السودان في كل غرزة

مشاوير - حمزة كبوش

كنتُ أجلس في الزاوية الهادية من مكتبي، أعدُّ محتوى للصفحة، عندما دخلتني رسائل كثيرة عن اسم يتردد هذه الأيام بين صانعات الموضة: إيلَف عثمان — اسمٌ بسيط، لكنه يحمل خلفه خيوطًا من أمّ درمان إلى شوارع الغرب. قررت أن أحكي لكم قصتها كما لو أنها فصل من رواية أحببتها — لأنّها بحق رواية بين الجلد القاسي والنسيج الحنون، بين ذاكرة الشتات وحلم السوق الكبير.

المولِد والمكان

إيلاف ظهرت للعالم بين عالمين: تربت بين الولايات المتحدة والسودان، أمضت سنوات من شبابها متنقلة بين البلدين حتى تشكلت هويتها المركبة — سودانية من الجذور، وغربية من التجربة. (هذا الوصف مُجمَع من لقاءاتها وسير علامتها). المصادر تذكر أنها “ترعرعت بين الولايات المتحدة والسودان” ولم تَصدر لدينا وثيقة عامة تحمل تاريخ ميلاد يوميّ محدد. 

إيلَاف

المراحل التعليمية

في الفصل الدراسي الذي قرر مصيره، اختارت إيلاف أن تدرس العلاقات الدولية — وكان لها حظّ الحضور في جامعة مرموقة حيث تعرفت على نُظمٍ وفكرٍ يختلف عن سوق أم درمان القديم. المصادر تُشير إلى أنّها درست فترات في Stanford (الدراسة الجامعية في حقل العلاقات الدولية كانت نقطة تحوّل لها)، ومن هناك بدأت رحلاتها بين عالم النظرية وحقائب الجلد. 

العمل والبداية

القصة الصغيرة التي تحبّها إيلاف أنها بدأت تَنسِج وتبيع منذ الطفولة — حقيبة بسيطة، شغف مبكّر. لكن الفكرة احتدمت أثناء زياراتها لسوق أم درمان؛ رأت الحِرفيين والجلود، ورأت فرصًا لربط هذا التراث بتصميم عصري راقٍ. هكذا ولدت EILAF — العلامة التي تعيد تشكيل الحِرفة السودانية في حُللٍ فاخرة. موقع العلامة نفسها يصفها كـ”ماركة حقائب فاخرة تجمع بين الحرفية العالية والطراز العصري مع لمسات شرق أفريقية”.

إيلَاف

النشاط والفكرة (الرسالة)

فكرتها لم تكن مجرد صنع حقيبة جميلة؛ كانت مشروعًا اجتماعيًا وثقافيًا:

 • توظيف مهارات الحرفيين المحليين، خصوصًا النساء.

 • الاعتماد على خامات محلية وتقنيات تقليدية، مع تصميم نظيف و”minimal” يصل للسوق العالمي.

 • تقديم صناعات شرق أفريقيا كسرد بصري وقيمي في جسد المنتج الفاخر.

هي تسعى لأن تكون كل حقيبة لوحة صغيرة تروي قصة مكان، لا مجرد منتج استهلاكي.  

إيلَاف

الإنجازات

وهنا مشهد الإبداع يتحول إلى صفحة جوائز: في 2022 فازت إيلَف بجائزة Fashion Trust Arabia في فئة الإكسسوارات — اعتراف كبير فتح لها أبواب الإعلام والمجموعات الداعمة للمصممين الناشئين في المنطقة. بعد ذلك توالت عروض مشاريعها وظهورها في منصات الموضة، مع اهتمام متزايد من منظور الاستدامة والحرفية. هذا الإنجاز كان بمثابة اللحظة التي جعلت العالم يلتفت إلى اسم EILAF.  

إيلَاف

العمل الاجتماعي والنداء الإنساني

حين انقلبت الأمور في السودان، لم تختبئ إيلاف خلف شهرتها الصغيرة؛ بل استغلت صوتها للنداء من أجل وطنها — مناشدات إنسانية، دعوات للانتباه لمعاناة المدنيين، ومقالات صغيرة تعبّر عن ألم الذاكرة. كما عملت على أفلام قصيرة ومشروعات توثيق تُبرز الحِرف والناس الذين يعملون معها.  

إيلَاف

أين هي الآن؟

الآن، إيلاف تقود علامتها كمديرة إبداعية؛ تُنمّي شبكة من الحرفيين وتعرض في منصات عالمية أحيانًا، وتعمل على تطوير بنية إنتاجٍ أكثر استدامة في شرق إفريقيا. مشروعها لم يعد مجرد حقيبة، بل “إيكوسستم” صغير: تصميم، تعليم، وتعاون مجتمعي. كتب الأزياء وصحف الموضة رصدت حضورها وصعود علامتها على مدار السنوات القليلة الماضي.

إيلَاف

خاتمة 

وفي مساءٍ هادئ، بينما أغلق ستوديو التصميم، تلمس إيلَف قطعة جلد قديمة أُحضرت من سوق أم درمان. تبتسم بخفّة وتقول بصوتٍ واثق: “كل حقيبة هي رسالة. إذا احتفظت بها امرأة في باريس، فلتَحمل معها شيئًا من ضحكات الخرطوم”. وهكذا تبقى القِصّة — حكاية امرأةٍ بين عالمين، تحيك فيهما جسرًا من الخيوط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى