منوعات

على زِحامِ الأرصِفة..!!

أمجد الشعرابي (*)

لم أكتبها هنا، بعد قراءتِها في صدفةٍ عابرة.. 

كُنت فيها.. 

الأفكار التي تتقافزُ من رؤوسِ الكادِحين

عند زحمةِ السادِسة صباحاً.. 

الدموعُ التي تلسعها (نارُ الكوانِينِ) على جانبي الطريق.. فتهربُ خلسةً منتصف النهار.. 

الغلابة، الذين عِندما ما جاعت البلاد.. أخذت قوتها من ملابسِهم..

وعندما جاعوا هم.. قاسموها القوت. 

كنتُ فيها.. 

لا الأرصِفة التي تملؤها الإضاءات.. 

بل تِلك التي تنهشُها المآسي والحكايات.. 

كنتُ فيها.. 

الأسئِلة التي ملَّت ضجيج البيوتِ الضيِّق، واعترتها حِيرة الغرابة.. فاختارت ضجيج الرصيف.. 

أحبك، التي سُدت الأبوابُ أمام قائلها؛ فألقاها على الرصِيف.. 

الوردة التي غابت عن مشهدِ الإهداء. 

الخطاوي، التي عانت من خطأ الوجهة.. فأضحت تجوبُ الأرصِفة.. تحذِّرُ القادمِين من مآسي التيه..

رأيتُ فيها.. 

كل الذين نسوّا أيديهم عند لحظاتِ الوداع.. 

والذين بح صوتهم جرَّاء النداءاتِ الآملة.. 

الاِنتظار.. الذي ملَّ الاِنتظار. 

والصدى.. الصدى الذي عندما عاد لم يجد صاحبه في اِنتظاره.. 

المُتكئين على شبابيك الحافلة، وتشرحُ ملامحهم ما تركوهُ خلفهم، وما استطاعوا أن يأخذوه.

رأيتُ فيها.. 

لون الرعبِ الذي ارتدوه، الذين لمحتهم عند الطلقةِ الأولى.. 

التفاصيل التي ظلَّت منسية.. 

والأبُّ الذي عاد من الح.رب بقدمٍ واحِدة..

فامتلأ حسرةً عندما حاول أن يُعلَّم طفلهُ كيفية السجود.. 

على زِحامِ الأرصِفة.. 

للأرصفةَ الطوِيلة مشاهدٌ مُختلفة، قِلةٌ مِنَّا من رآها كُلها..)

وبالرجوعِ للأرصفة التي ألفناها.. وأرصفة المنفى.. 

أوجهُ سؤالاً للحظة: 

يا غُربة نحن مشينا وييين!

أواخر الليل

السبت ٨ مارس آذار.

الغربة.. بعيداً عن الوطن.. على زحامِ الأرصِفة. 

 

شاعر وكاتب سوداني (*)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى