
إحدى ولايات الشرق الساحر في السودان،
عاصمتها مدينة كسلا الخلابة،
تحدها من الشمال ولايتا البحر الأحمر ونهر النيل،
ومن الغرب والجنوب ولاية القضارف،
أما من الشرق فترتكن على خاصرة الحدود الإريترية.
الداخل إلى كسلا لا يعبر مجرد طريق،
بل يعبر إلى طقس من الدهشة…
نسيمها يسبقها إليك،
دعاشها مختلف،
ريحها ممزوجة بطين الأرض،
بخُضر السواقي،
وبحنين الأشجار
فوق كباريها، يهمس لك “القاش”،
ذلك النهر العاشق… المزاجي.
هادئ في عشقه، هادر في غيرته،
يتقلب كما تتقلب قلوب المحبين.
ينبع من المرتفعات الارترية،
ويسري في كسلا شريانًا من نبض الجارة،
حيث تماهت العادات،
وتزاوجت الثقافات،
حتى غدا أهل كسلا لا يُفرَّقون عن اسمرا وكسلا ، لا في الملامح، ولا في الطعام، ولا في الزي.
وفي سواقيها، شمالًا وجنوبًا وشرقًا،
تُزهر الحياة،
وتُكتب الأشعار تحت ظلال شجر المانجو،
كما كتب توفيق صالح جبريل “نضّر الله وجه ذاك الساقي
فهو بالرحيق حلّ وثاقي
كسلا أشرقت بها شمس وجدي
فهي بالحق جنة الإشراق”
كيف لا؟
والشمس تشرق من هنا…
من قلب كسلا،
ومن إذاعتها التي تفتتح صباحاتنا الأولى
بأصوات أعلام الإعلام الكسلاوي،
الذين ارتبطوا بآذان المستمعين،
كما ترتبط الطيور بحفيف الشجر.
كسلا… المدينة التي تُصيبك بالجنون الجميل
لا تدخلها إلا وتخرج منها عاشقًا،
كاتبًا، شاعرًا، مغنيًا، متيمًا.
> “ومين علمك يا فراش
تعبد عيون القاش
الخضرة في الضفة
وحب الندي الرقاش”
غناها عبدالوهاب هلاوي،
وامتد بها الفن حتى بلغ كجراي،
ذلك المزيج الساحر من سحنتين ونسبين،
صاغ الكلمة كما تُصاغ القصيدة،
وجاء من بعده ديشاب وتولوس وأولوس…
حلقات أدبية ثقافية تجسّد معاني الجبال الشاهقة: ولهم امتداد من الجماعات الدرامية والكيانات الثقافية المتعددة
تاجوج، مكرام، توتيل… اويتلا مسميات لهضاب
التاكا وأم تقاق وأرض القاش مسميات لكسلا أو كاسلا بلغة أهلها
أما توتيل، فأسطورة بحد ذاتها.
تلك البئر التي من يشرب منها،
يعود إليها لا محالة،
كما قالها التاج مكي،
وكما صدح بها اللحو، وتغنّى بها ترباس:
> “أزور كسلا وأضوق عسلها…”
وأعظم العشاق، ذاك الحلنقي إسحق،
الطير المهاجر،
المشدود دومًا نحو الشرق،
حيث الشوق لا يجفّ.
* اقتصاديًا؟
هي أرض خصبة،
بها مشاريع زراعية،
من خشم القربة،
إلى حلفا الجديدة،
حيث الذرة، القمح، قصب السكر
و الاستزراع السمكي
* أرض رحبة استقبلت المهجرين من الشمال،
فذابت الحدود بين البطانة والحلفاويين،
واحتضنتهم كسلا بحنانها الطبيعي.
تتنوع تضاريسها من السهول الرملية،
إلى الأودية الموسمية،
إلى الكتل الجبلية،
وكأنها تقدم نفسها كملاذ لكل عاشق ومهاجر.
فيا من سألت عن كسلا…
حبيت عشانك كسلا،
وخليت دياري عشانك،
وعشقت أرض التاكا،
الشاربة من ريحانك