
ضربت ثلاثة انهيارات أرضية مفاجئة الأسبوع الماضي قرية ترسين الجبلية النائية في إقليم دارفور غرب السودان، مما أدى إلى إغراق منازل وحيوانات ومئات العائلات تحت الطين.
وقال مدير العمليات في منظمة “أنقذوا الأطفال” فرانشيسكو لانينو لوكالة الصحافة الفرنسية إن سكان القرية المدمرة في منطقة جبل “مَرَّة” فقدوا كل شيء.
تشبّعت الجبال فوق القرية بمياه الأمطار الغزيرة حتى انهار التل في غضون ثوانٍ، مما أدى إلى دفن ترسين بمن فيها، وبحسب لانينو عندما وصل أفراد فريقه إلى القرية كان من الصعب عليهم بطبيعة الحال أن يتخيلوا أن تحت الطين قرية بأكملها ومئات الجثث.

حصيلة جديدة
تشير أحدث حصيلة صادرة عن السلطات المحلية ومنظمة “أنقذوا الأطفال” إلى انتشال “373” جثة غالبيتها لأطفال، لكن يُعتقد أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، وقد يتجاوز الـ”1000″.
وفقاً لمنظمة “أنقذوا الأطفال” لم يتم العثور حتى الآن سوى على “150” ناجياً، بينهم “40” طفلاً من ترسين والقرى المحيطة بها، ويوضح لانينو أن هناك كثيراً من الألم والدموع في المنطقة بعدما فقد الأهالي أقاربهم وأطفالهم ولا يعرفون كيف بإمكانهم إنقاذهم أو انتشال جثثهم.

حفر بالأيادي
بسبب عدم توافر الأدوات والآلات اضطر الناجون إلى الحفر في الطين بأيديهم العارية بحثاً بيأس عن أحبائهم المفقودين، والناجون أصلاً بقوا من دون مأوى وطعام وماشية.
أهالي القرية المنكوبة لا يعرفون إلى أين يتجهون، فجميع المناطق متأثرة بالأمطار الغزيرة لا يعرفون أي مكان آمن يقصدونه، فعلى مدى ثلاثة أيام تعرضت “ترسين” والتجمعات المجاورة لثلاثة انهيارات أرضية منفصلة.
الناس خائفون من احتمال حدوث انهيار أرضي جديد، فقد سمعوا بعض الأصوات الآتية من باطن الجبال، وإضافة إلى الأمطار الغزيرة تعد منطقة جبل مرة واحدة من أكثر المناطق نشاطاً جيولوجياً في السودان، إذ تقع فوق خط صدع تكتوني رئيس.

عواقب إنسانية
حذّرت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية السودانية من أن الانهيارات الأرضية قد تؤدي إلى عواقب إنسانية وبيئية كارثية، وقد تسببت الانهيارات أصلاً في نفوق نحو “5” آلاف رأس من الماشية تشمل الأبقار والماعز والإبل، مما ترك أسراً بلا طعام أو دخل.
أرسلت منظمة “أنقذوا الأطفال” “11” موظفاً بينهم أطباء وممرضات وقابلات وعاملون اجتماعيون إلى ترسين، ووصل الفريق إليها (الخميس) الماضي بعد سفر لـ”10″ ساعات شاقة على ظهور الدواب من بلدة قولو النائية عبر تضاريس وعرة بلا طرق وتحت أمطار غزيرة.
أنشأت المنظمة غير الحكومية مركزاً صحياً طارئاً إلى جانب تنظيم مجموعات دعم نفسي واجتماعي للنساء والأطفال لكن التحديات لا تزال هائلة، ومع تلويث الفيضانات مصادر المياه أصبحت الكوليرا الآن تهديداً خطراً، يوضح مدير العمليات في المنظمة أنه تم بالفعل تسجيل بعض الحالات في المنطقة”.