مقالات

الطريق إلى عقد اجتماعي جديد في السودان

ربيعة خطاب (*)

الأزمة السودانية لم تكن وليدة اللحظة، بل تراكمت عبر عقود من استغلال البُنى الاجتماعية والرمزية وتحويلها إلى أدوات صراع وهيمنة. فالقبيلة التي كان من الممكن أن تكون مصدرًا للتكافل وبناء التضامن، جرى تسخيرها لتقسيم المجتمع وتثبيت السلطة. والهوية، بدل أن تكون مظلة جامعة تعكس ثراء التنوع السوداني، تحولت إلى سلاح للإقصاء والتهميش. أما الدولة، فقد فُرغت من معناها الجامع وأعيد تشكيلها كغنيمة بين قلة، لا كإطار للمواطنة والعدالة. وحتى الدين، بما يحمله من قيم روحية وأخلاقية، لم يسلم من التحريف والتسييس، ليُستخدم أداة للتمكين بدل أن يكون مصدرًا للإصلاح.

لكن رغم قتامة المشهد، تظل الحقيقة واضحة: بإمكان القبيلة أن تصبح قوة للبناء حين تتحرر من الاستغلال الضيق، ويمكن للهوية أن تتحول إلى أساس لمواطنة متساوية حين يُعترف بالتنوع لا يُستغل، كما يمكن للدولة أن تستعيد شرعيتها إذا قامت على مفهوم المواطنة لا على منطق الغنائم، ويستطيع الدين أن يستعيد مكانته الأصيلة كرافعة أخلاقية وروحية حين يُبعد عن لعبة السلطة.

الخروج من المأزق السوداني يتطلب قبل أي شيء ثورة مفاهيم تعيد تعريف العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة:

تحرير القبيلة من الاستغلال السياسي.

تحرير الهوية من الإقصاء لتكون جسرًا للمواطنة الجامعة.

إعادة الدين إلى مجاله الروحي بعيدًا عن توظيفات السياسة.

بناء عقد اجتماعي جديد يستوعب جميع السودانيين دون استثناء.

بهذا فقط يمكن أن يولد سودان جديد، يتجاوز أزماته المتراكمة، ويؤسس لدولة عادلة حديثة تسع الجميع.

* نقلاً عن الأيام نيوز الجزائرية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى