سكان جبال النوبة وجنوب كردفان تحت وطأة الجوع وأمراض الخريف
مشاوير - تقرير - محمد أحمد علي يونس

تشهد أوضاع سكان منطقة جبال النوبة وولاية جنوب كردفان تدهوراً مخيفاً بات فيها شبح الموت جوعاً يطارد الآلاف، خصوصاً الأطفال والمسنين، في وقت تتسارع فيه تفشي الأوبئة الفتاكة، وفي مقدمها الكوليرا وحمى الضنك والملاريا في مناطق عدة مع تزايد حالات الوفاة، وكذلك يحصد سوء التغذية المزمن أرواح المئات نتيجة انعدام الغذاء والدواء ونفاد المدخرات المالية.
وجراء هذه الأوضاع تعاني المستشفيات والمراكز الطبية القليلة التي لا تزال تعمل محدودية القدرة على الاستجابة لحالات طارئة بهذا الحجم، إذ تشهد اكتظاظاً كبيراً ووصلت مرحلة الانتظار إلى فترات طويلة في طوابير للحصول على جرعات المحاليل الوريدية.

تفشي سوء التغذية
يقول أحد المواطنين الموجودين داخل مدينة كادوقلي ويدعى الفاضل النور لمنصة (مشاوير) إن “الجوع والمرض يفتكان بالمنطقة بصورة يومية، إذ رصدت نحو خمسة حالة وفاة بسبب وباء الكوليرا وسوء التغذية، إلى جانب ضعف المناعة التي بدأت تتفشى وتحصد أرواح الأطفال وكبار السن على وجه الخصوص.
وأضاف “الأسواق تشهد ندرة وارتفاعاً جنونياً في أسعار كل السلع، وكثير من الأحياء بلا كهرباء أو مياه أو خدمات صحية، فقط نقتات على بعض البذور الزراعية وقطع أوراق الأشجار وغليها وأكلها لسد رمق الجوع نظراً إلى عدم توفر المواد الغذائية.
وأوضح النور أن “كثيراً من المواطنين يشعرون بالعجز لعدم قدرتهم على توفير الطعام لأطفالهم الذين يستيقظون ليلاً من النوم بسبب الجوع، مما أدى إلى تدهور صحتهم ويعاني آخرون أمراض سوء التغذية الحاد الذي يقود إلى شلل الأطفال”.

أمراض وأزمات
هارون جامع العائد إلى مدينة الدلنج يقول لمنصة (مشاوير) “معظم العالقين فقدوا جزءاً كبيراً من أوزانهم بسبب تناولهم وجبة واحدة في اليوم، فضلاً عن تزايد الإصابة بالإسهال المائي الحاد المصحوب بحال تقيؤ، الذي يستمر حتى الوفاة نتيجة فقدان الجسم لكل السوائل، إضافة إلى انعدام المحاليل الوريدية.
وأشار إلى أن “الوضع الصحي كارثي ومأسوي، إذ تشهد المراكز الطبية في معظم المناطق المختلفة حال تكدس للمرضى في ظل سوء البيئة الصحية، فضلاً عن تلوث المياه الذي أدى بدوره إلى انتشار أمراض مختلفة وكثيرة وسط الأطفال والأمهات وكبار السن، ومصابي الأمراض المزمنة.
ولفت جامع إلى أن “مدينة الدلنج ذات الكثافة السكانية العالية يعاني مواطنوها سوء التغذية، لا سيما الأطفال بسبب نقص الغذاء النظيف والمياه الصالحة للشرب، إضافة إلى أمراض فقر الدم والأنيميا بين النساء الحوامل.

توقف التكايا
وعن الأوضاع في منطقة جبال النوبة، قال المتطوع عرابي الطيب لمنصة (مشاوير)، إن “المبادرات المجتمعية استطاعت تغطية جزء من العجز ومساعدة السكان في توفير الطعام بصورة منتظمة، لكن مع تزايد أعداد العائدين من مناطق النزوح واللجوء بات الدعم غير كاف لتغطية 10 في المئة من الحاجات الفعلية.
ونوه المتطوع بأنه “على رغم اجتهادات المتطوعين ومساعيهم من أجل جمع التبرعات والدعم العيني والمادي لضمان استمرار المطابخ الجماعية، فإن التعثر المادي الذي لازمها أدى إلى توقف معظمها بسبب النقص الحاد في الدعم الذي حال دون استمرارها.
وشدد الطيب على أهمية تدخل المنظمات الإنسانية بصورة عاجلة لإنقاذ المسنين وأصحاب الأمراض المزمنة والأطفال من خطر الموت جوعاً حال استمرار الأوضاع على هذا المنوال.