تقارير

الحرب تزيد معاناة السودانيين وتحول الأطباء والصحافيون إلى باعة متجولين

مشاوير - تقرير - محمد أحمد الأسباط

أسهم الصراع المسلح في السودان والذي أكمل شهره الـ25 في أزمة كبيرة أحاطت بالسودانيين، خصوصاً العاملين في القطاعين العام والخاص، إضافة إلى العمال، بعد أن فقدوا وظائفهم ورواتبهم الشهرية، فضلاً عن توقف الأعمال اليومية، مما أجبرهم على ممارسة مهن مختلفة غالبيتها هامشية بسبب دمار البنى التحتية التي شملت المؤسسات والشركات والمصانع والبنوك. 

ونتيجة لهذه الأوضاع اتجه الآلاف إلى العمل كباعة جوالين أو مفترشين الأرض لبيع الخضروات والفواكه، أو تجهيز الوجبات السريعة، أو عمالاً بالأجرة اليومية يتقاضون أجرهم بعد انقضاء ساعات العمل. 

وبحسب استطلاع أجرته تنسيقية المهنيين والنقابات السودانية، فإن العاملين في القطاعين الخاص والعام لجأوا إلى ممارسة مهن لا علاقة لها بوظائفهم الأساسية بعد أن ساءت أوضاعهم المعيشية، وأصبح عائل الأسرة غير قادر على توفير لقمة العيش، لا سيما أن نحو 67 في المئة فقدوا وظائفهم.

 

من طب الباطنية للقهوة 

فقد الطبيب خطاب حسين وظيفته بعد إغلاق المستشفى الذي يعمل به في العاصمة الخرطوم، وفشلت محاولاته في الالتحاق بأحد المرافق الصحية بولايات البلاد المختلفة، مما اضطره إلى نزع البالطو الأبيض والانتقال إلى عالم مختلف تماماً، فقد اشترى ماكينة تعد القهوة والمشروبات الساخنة واستغل سيارته لكسب الرزق في سوق مدينة ربك وسط السودان، حيث يركن سيارته في موقع يتيح له أن يكون على مقربة من المارة وسائقي السيارات لترويج سلعته.

وحول هذا التحول الجذري في حياته، قال طبيب الباطنية لمنصة (مشاوير) : أهوى صنع القهوة منذ الصغر وحفزتني زوجتي واقترحت عليَّ استغلال هذه الهواية لتصبح مصدر رزق ودخل لتوفير حاجات الأسرة في ظل الظروف الصعبة. 

وأشار إلى أنه “لا يرى عيباً يلام عليه، لأن مثل هذه النظرة هي نفسها وراء ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب.

وأضاف أن “ماكينته تتكون من جزء مخصص لإعداد الشاي والقهوة وآخر للكابتشينو، ومكان في الأسفل توضع فيه المواد الخام إضافة إلى الأكواب. 

 

تحول كبير  

إلى ذلك، اتجه الصحافي الرياضي ومقدم البرامج بالإذاعة الطبية، عبد العليم مخاوي إلى الانخراط في سوق مدينة كوستي الشعبي بولاية النيل الأبيض كبائع للخضار. 

ويقول : “لم أتخيل يوماً أن أفارق مهنتي، التي أعشقها، حتى أصبح بائعاً للخضروات بسبب الحرب”.

وأردف مخاوي: “في تقديري، أن العمل في سوق مدينة كوستي أكسبني علاقات جديدة في مجتمع جديد، لا سيما أن حتمية توفير لقمة العيش تتطلب ممارسة أي نوع من المهن من أجل البقاء، فضلاً عن أن المهنة الجديدة لم تمنعني من متابعة النشاط الرياضي بالمدينة. 

ولفت الصحافي الرياضي إلى أن “هناك بشرى تلوح في الأفق بتحرير العاصمة الخرطوم، وهو أمر يبعث التفاؤل بإمكانية العودة إلى منازلنا من جديد وبداية حياة مستقرة، إذ إن الحنين يراودني إلى المايكروفون. 

 

تجربة جديدة 

في حين دفعت الظروف القاهرة الصحافي السوداني عبود عبدالرحيم إلى امتلاك دكانة صغيرة في سوق مدينة عطبرة شمال البلاد، بعد أن تقطعت به السبل عقب توقف الصحف السودانية عن الصدور عقب اندلاع القتال بين الجيش وقوات “الدعم السريع”.

يلفت عبدالرحيم إلى أنه يعرف معاناة المواطنين والأوضاع الإنسانية الصعبة بالنسبة إلى الآلاف، لذلك يعمل على مساعدتهم، وتعهد بعدم المغالاة في أسعار السلع التي يعرضها والرضا بما يقسمه الله له من رزق. 

 

مهن بديلة 

المتحدث باسم تنسيقية المهنيين والنقابات أحمد البدوي قال إن “المهنيين والموظفين في القطاعين العام والخاص لجأوا إلى مهن بديلة بعيدة من وظائفهم الأساسية، فبعضهم اتجه إلى التجارة والزراعة وتجهيز الوجبات السريعة، والبعض الآخر اتجه للعمل كباعة جائلين أو افتراش الأرض بالخضروات والفواكه، وآخرون حرفيون ويعملون من أجل رزق اليوم باليوم. 

وأضاف : توسع نطاق الحرب، في دارفور وكردفان غرباً والجزيرة في وسط البلاد وسنار في الجنوب الشرقي، زاد الأوضاع سوءاً، مما أدى إلى فقدان الوظائف، إذ وصلت إلى 67 في المئة في القطاعين العام والخاص بسبب تدمير المؤسسات، إلى جانب النزوح. 

وأوضح البدوي أن رب الأسرة يعتبر العائل، ولا يوجد خيار غير البحث عن سبل لتوفير لقمة العيش، في ظل نفاد المدخرات المالية، التي أدت بدورها إلى أوضاع كارثية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى