مقالات

سَـــامِـر الحَي الذي يطْــرِب

محمد عبدالماجد

لم أكـن أعلم أنّ الزميل الإعلامي سامر العمرابي، مدير مكتب قنوات “بي إن سبورت” في السودان ومراسلها الأشهر في المنطقة، قد وصل لآخر محطاته مع قنوات “بي إن سبورت” (العالمية) بعد (24) سنة كان فيها سامر العمرابي يُقدِّم لنا ما نسمر به من على شاشات القنوات الرياضية الأشهر في العالم، وما نحكي به بين الناس في جلساتنا العامة، ورسائلنا وخطاباتنا، وونساتنا الخاصّـة، وفيسنا وواتسابنا. الشخص الذي يصبح محور نقاشك في مواقع التواصل الاجتماعي هو بذلك يثبت نجاحه ويضع بصمته حتى في تفاصيلك الخاصّة. لقد كان سامر العمرابي حاضراً معنا في الشاي والقهوة وملاح الخُدرة والبامية المفروكة وحِنّة العريس ومشوار العصاري الذي غنى له أحمد الجابري عندما غنى للبلوم.

عندما كان الناس في بلدي ببراءة الأطفال كنا نغني لملك الطيور ونغني للقمري وحمام الوادي، كنا نغني للطير الخداري وطير الرهو وطير الجنة، هسه بقينا نغني للعربات والشركات والبيوت.  

لا تستطيع أن تتجاوز أي حدث رياضي هام أو مهم في السودان على مدى ربع قرن بدون أن ترى سامر العمرابي طرفاً أو حاضراً فيه، بل شاهداً عليه.. فهو في كل حدث يضع بصمته الإعلامية عليه.

هو أضحى ختماً أو توقيعاً لا يُمكن تجاوزه أو اعتماد الأحداث الرياضية في السُّـودان بدونه طوال سنوات الربع الأول من الألفية الثالثة. لقد أصبح سامر العمرابي رضينا أو أبينا، اتّفقنا أو اختلفنا، ذاكرة تلفزيونية رياضية حَـيّة لتلك الحقبة. لذلك يجب أن نتعامل مع أي شخصية حُظيت بذلك الأمر أو كلفت به باحترام وتقدير، فهو جُـزءٌ من إشراقات الوطن وبعضٌ من ذاكراته الجميلة.

لم أكن أعرف أنّ العمرابي وصل للنهاية، معلقاً لمايكه، إلّا بعد أن وجدث ثورة خانها الجلد في مواقع التواصل الاجتماعي، فقرأت لفريد عدلان أولاً، وقرأت لعلي عصام، وقرأت لهشام عزالدين، والطاهر صالح، ومحمد الوسيلة، وشمس الدين الأمين، وعمار أبوشيبة، وحسام أحمد بخيت، والدكتور أحمد الصديق أحمد البشير، ومجموعات أخرى كثيرة بالتأكيد لم أتمكّـن من الاطلاع عليها كلها وهم يذرفون دموع الوداع لسامر العمرابي الذي يترجّـل من صهوة جواد “بي إن سبورت” الفضائي ويفتقدونه كمراسل ومدير لمكتب القناة في الخرطوم، وهذا أكبر دليل لنجاحات سامر العمرابي أن تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي جملةً وتفصيلاً لرحيله من القناة.

تسعدني نجاحات الزملاء، واستمتع بنجاحات الغير، ربما أكثر من سعادة الناجحين بأنفسهم، ولا ننظر لنجاحات الزميل أو لعمل المُبدع من منطلق لونه الرياضي إن كان هلالابياً أو مريخابياً، الإبداع لا يتوقّف عند اللون الرياضي والمبدع دائماً عنده قلقٌ يمنعه من الإحساس بنجاحه ويحجب عليه شعور السعادة بنجاحه، وعنده تواضع يعزل عنه نجاحه وإن رآه الآخرون، لذلك علينا نحنُ في الإعلام أو على كافة المتلقين أن يقفوا عند الناجحين ويذكروا فضلهم ونجاحاتهم، حتى نفرق بين الناجح والفاشل، وحتى نُميِّز الذي نجح من غيره ممن فشل بكلمة شكر واستحسان نقولها للناجح. وها أنذا أشعر بتقصيري في حق سامر العمرابي، الذي أريد أن أقول له شكراً بعد (24) عاماً من التعب والجهد والمُعاناة التي كان يُبدِّدها إبداعه.

نعم إنِّي أشعر بالخزي وأنا أتوقّـف عند سامر العمرابي بعد أن وصل لنهاية عمله مع قنوات “بي إن سبورت”، وإن كُنت أشدت به لماماً في الكثير من الكتابات وهذا حقُّه علينا.

نحنُ في ثقافتنا العامة لا نحب أن نكتب عن الناجحين، إلّا بعد أن يرحلوا ولا نشعر بهم إلّا بعد أن يُغادروا وها نحنُ ذا نفعل مع سامر العمرابي نفس الشئ، فقد شعرنا بكمية ما كان يقدمه من إبداعٍ في قنوات “بي إن سبورت” بعد أن رحل سامر العمرابي منها، وهو في سنوات النضج الإعلامي وفي مرحلة عُمرية منفتحة بالنضج والوعي والخبرة، لا أعرف لماذا تفرط قنوات “بي إن سبورت” عن أولئك المُبدعين وتتخلى عن كوادرها بهذه السهولة بعد أن اكتسبوا كل تلك الخبرات وأصبحت وجوههم وأصواتهم جزءاً من شعار القناة، أما هم فقد أصبحت ألوانهم وعيونهم (بنفسجية) تحمل لون وجينات القناة وتمثل قيمها ومبادئها، حتى في حياتهم الخاصة. الأكيد أنّ قنوات “بي إن سبورت” سوف تخسر كثيراً وهي تُقلِّص عدد العاملين وتنهي تعاقدات 200 من كوادرها المتميزة في سبيل اتجاهها إلى العمل والتشغيل الرقمي، وهو في ظني يمكن أن يحل محل العامل في العمل، لكن لا يحل محل العامل في الإبداع، كما إنِّي أحسب أنّ المؤسسات الضخمة والكبيرة عليها مسؤولية نحو الكوادر البشرية التي يجب أن لا تحل محلها الآلة والتكنولوجيا، والديجتال، طالما هي حقّقت أرباحاً ونجاحات بتلك الكوادر البشرية، ثُـمّ رأت أخيراً أن تستبدلهم بالتقنية الرقمية، يجب أن تكون هنالك قوانين ولوائح تحمي الكادر البشري الذي يكاد أن يجعلونه من المنقرضات في العمل العام.

أرجع وأقول إنّ من أكبر أدواتنا لتقزيم الفاشلين، للقضاء على المتسلقين ودعاة السطحية هو أن ندعم الناجحين ونذكر فضلهم، حربنا على المتطفلين يجب أن تكون بتلك الوسيلة وليس بالدخول معهم في حربٍ أو مُواجهةٍ، لأن الدخول معهم في صراع يمنحهم صيتاً وشُهرة ويُحقِّق لهم أهدافهم التي فشلوا في تحقيقها بنجاحهم.

يُمكن أن تصبح معروفاً ومشهوراً بفشلك، والبعض يبحث عن الشهرة والضجة بأية ثمن، ومن هنا ظهر سباق (التريند) الذي يبحث عنه البعض وإن كان بفضيحة لهم.

الصحابة الأجلاء الكرام اشتهروا بفضلهم وأخلاقهم العالية، واشتهر أبي جهل بفسقه وجهله وكفره، وعبد الله بن أبي سلول بنفاقه. والمصريون من باب السُّخرية يقولون إنّ نجيب محفوظ اشتهر بأدبه ونال جائزة نوبل في الأدب، بينما اشتهرت سما المصري بقلة أدبها. ويمكن أن تكون ما حصدته سما المصري من قلة الأدب أكبر مما حصده نجيب محفوظ من الأدب، إذا تحدّثنا عن الجانب المالي، وهذا يعني أنّ الحُسن يُشهرك والقبح أيضاً يُشهرك، وسامر العمرابي اشتهر عندنا بمهنيته العالية وأخلاقه الرفيعة.

محمود المليجي في السينما المصرية اشتهر بأدوار الشر وأجَـاد فيها، في الوقت الذي اشتهر فيه حسين رياض بأدوار الرجل الطيب والأب الكادح والمسحوق في الحياة، مع ذلك فإنّ المليجي أشهر من رياض، رغم أنّ الأول يُقدِّم الشر، والثاني يُقدِّم الخير.

سامر العمرابي عُـرف بتعصبه لفريق المريخ وهذا أمرٌ لم ينقص منه شيئاً ولم يؤثر عليه في عمله أو في مهنيته التي أعطت الهلال أكثر مما أعطت المريخ، وهذه شهادة من هلالابي يشهد لسامر العمرابي بروعة تقاريره وتغطياته التي كان يُقدِّمها عن الهلال، فقد كان ينفعل مع الهلال ويتجاوب مع انتصاراته كما كان يفعل مع المنتخب الوطني، وهو انفعالٌ كنا نراه أكثر من انفعالاته مع المريخ الذي كان بسبب الانتماء له، لا ينفعل معه كما ينفعل مع الهلال والمنتخب وهذا قمة الحياد المهني.

مع ذلك، فقد يرى البعض عكس ذلك، فقد دفع الإخوة في صفحة الهلال نيوز على الفيس بوك بانتقاد لسامر العمرابي وذهبوا للطعن في حياده المهني، وأحسب أنّ الإخوة في الهلال نيوز دفعهم لذلك حبهم الشديد للهلال، والحياد أمرٌ لا بُـدّ منه مهنياً ولكن بعيداً عن العمل والمهنة لا يشترط حيادك، لك أن تنجذب نحو ما تحب، لأنّ الحياد هنا يُمكن أن يُعتبر ضعفاً. كلمة الحق التي تخرج بعيداً عن الحياد تكون أقوى وأفضل. نحن اعتدنا على أن نسمع من يقول لك الزول دا كويس بس عيبه إنّه مريخابي، ويحدث العكس عند المريخاب ويقولوا ليك الزول دا كويس بس عيبه إنّه هلالابي، وفي العالم من الصعب بل من المُستحيل أن تجد إعلاميّاً يمكن الاتفاق عليه، هذا أمرٌ طبيعي، لأنّ طبيعة الإعلامي أن يكون مختلفاً مع الآخرين، قد تتفق معي اليوم لكن الأكيد أنّه سوف يأتي يومٌ وتختلف معي.

مرة التقيت بأحد الإخوة المُخرجين في قناة النيلين، فقال لي إنّ أخاه أرسل له من السعودية مقالاً لي كنت قد انتقدت فيه قناة النيلين وطريقة النقل والتقديم، وقال لي المُخرج إنّ شقيقه قال له: “شوف صاحبك الذي تدافع عنه، كاتب عنكم شنو؟ ماسح بيكم الأرض، تستاهلوا عشان قاعد تدافع عنه”.. المخرج “هلالابي”، لذلك كان متفقاً معي وشقيقه “مريخابي”، لذلك هو مختلف معي ولا يطيق لي كلمة وهو شايف أنّ كل ما نكتبه كلام فارغ.. إنت مرات بتسمع زول يقول عنك والله الزول دا ما عنده حاجة أو الزول دا بتقرأوا ليه كيف، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ جداً في مجالنا لا نقف عنده.

في وقتٍ مضى، كنا قد دخلنا في صِـدَامٍ سِـياسي مع جهة ما، عندما كنا نعمل في صحيفة الصيحة، وكان أن التقيت بعد ذلك الصدام، مع أحد الأشخاص الذين كانوا يمثلون تلك الجهة التي دخلنا معها في صدامٍ، فقال لي ذلك الشخص والله أنا كنت بتكيف ليك شديد في الرياضة، ولكن بعد هجومك وكلامك الأخير دا بقيت أشوف العمى ما أشوفك، وحتى إني أصبحت لمن أشوف صورتك في الجريدة أقبِّل منها غادي.. قال لي بقيت أكرهك عديل كدا. 

ذلك الشخص لأنه اختلف معنا في الرأي، شعر أنّه كان مغشوشاً فينا، وإنّنا طلعنا أي كلام.

مثل هذه الآراء والانتقادات لا تزعجنا، ولا تفرحنا كذلك إشادة أو مدح من شخص أو جهة توافقت كتابتنا معه في وقتٍ معينٍ، لأنّني أدرك أنّ هذا الشخص سوف يأتي يومٌ ولا تتوافق معه كتاباتنا أو مواقفنا، هذا أمرٌ طبيعيٌّ ـ لذلك أنا لا أقف عند التعليقات التي يمكن أن تُكتب تحت العمود، لأنّ هذه التعليقات هي نتاجٌ طبيعيٌّ للمقال توافقت معه علقت عنك بصورة جيدة، لم تتوافق مع المقال سوف تنتقد كاتب المقال وتهاجمه، ومعظم التعليقات هي عن الكاتب وليس عن المادة المكتوبة.

التعليقات هي تهم القراء وحدهم، لهم الحق في الاتّفاق أو الاختلاف معك، هي لا تهم الكاتب، لأنّـه إذا نظر إليها أو توقّف عندها فلن يكتب شيئاً.

مثلاً إذا انتقدت هيثم مصطفى، من هم ضد هيثم مصطفى سوف يعتبرون ما تكتبه هو الحق كله، ويمكن أن يرفعوك السماء، ومن هم مع هيثم مصطفى ومن لا يقبل فيه شيئاً، سوف يعتبرون كلامك هذا نوعاً من الحقد وإنك بتتكلم ساكت وبتقول في كلام فارغ.

قصدت أن أقول، من الطبيعي في مسيرة سامر العمرابي أن تجد من لا يتفق معه أو من عنده رأي فيه ـ هذا أمرٌ طبيعيٌّ جداً، ويمكن أن يكون ذلك الرأي من الطرفين، من ناس الهلال ومن ناس المريخ، غير أنّ الذي استوقفني فيما كتب عن سامر العمرابي بعد رحيله من قنوات “بي إن سبورت” هو ما وجده من تقديراتٍ ومن كتابات من الهلالاب ومن صفحاتهم وقروباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يتغنون بسامر العمرابي، ويشهدون له بالمهنية والإبداع، وهو أمرٌ لا يشهد به المريخاب أنفسهم لسامر العمرابي وهذا شئٌ ليس غريباً على الهلالاب لأنهم أصحاب واجب ويقولون كلمة الحق، ومما لا شك فيه أنّ سامر العمرابي يستحق كل ما كُتب عنه من ثناء وتقدير، بل يستحق أكثر من ذلك لأنه أهلٌ للثناء والتقدير والاحــترام.

… 

متاريس

تاني عاوز أقول شنو؟

أتمنى أن نستفيد من خبرات سامر العمرابي وأن يُقدِّم لنا إنتاجه الخاص عن طريق شركة خاصّة به.

نريد أن نرى نجاحات سامر في موقع آخر.

السوبر السوداني وصل وين؟

آخر مرة خليتو في الدامر.

ما عارف هسع وصل وين؟

لا أعتقد أنّ الهلال سوف يضم بخيت خميس.

إذا سجّل الهلال بخيت خميس فذلك يعني أنّ مشروع الهلال تحوّل إلى مشروع محدودي الدخل.

الأهلي المصري شال مارسيل كولر بعد 11 بطولة حقّقها السويسري مع الأهلي.

الأهلي تعاقد مع خوسيه ريفيرو بعد أن فرحوا به، مصر كلها الآن بتهاجم في الإخوان المسلمين وفي خوسيه ريفيرو.

الإخوان المسلمين ذنبهم شنو؟

قلنا ليكم الإطاحة بالمدرب ثمنها غَــالٍ.

قعدتوا تغالطوا.

في الغالب سوف تتم الإطاحة بمدرب الأهلي الجديد.

ترس أخير: لمن تعمل حاجة غلـط بتدفَـع الثمن عاجِـلاً أو آجـلاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى