منوعات

من ثقافتنا المادية السودانية.. الفندك في موروثنا الشعبي السوداني

مشاوير - د. سلوى المشلي

كثير من مصنوعاتنا التقليدية كانت نتاج لما توفره البيئة المحلية من مواد سخرتها لتصنع منها ما يسهل حياتها.

من الأدوات المهمة في المطبخ السوداني المدق أو الفُندك.

الفندك تاريخيا:

كان لوجود:” الاحجار الخرسانية والصوانية وغيرها ساعد في استخدام أدوات محلية حجرية للطحن و قد وجدت هذه الأدوات في العصر الحجري القديم الاوسط (12000-6000) ق.م و كانت مطاحنهم من الحجر الرملي، الاحجار الكبيرة للحبوب، و الصغيرة للأصباغ” . (الصادق،2007 م:17)

وقد كتب أ.ج.آركل في كتابه ما ترجمته: ” الخرطوم المبكرة” ، أن :” الآلات الحجرية المواد التي تشمل الحصى الكوارتزية

 و المصقولة بفعل المياة الجارية تنحصر في طبقات معينة من الحجر النوبي و تزود هذه الحصي السكان القاطنين الاوائل للخرطوم بالمادة الرئيسية الخام للأدوات الحجرية”. ( 41 :1952,Arkell )

وخلف العصر الحجري الوسيط العصر الحجري الحديث حوالي 3500 ق.م الذي إكتشف فيه الإنسان زراعة المحاصيل وعاش نوع من الإستقرار، ففي الخرطوم فيما يسمى:” بحضارة (الشهيناب ) ان المطاحن من الأخشاب المتحجرة”. (الصادق،2007: 18)

و أن” منطقة (عبكة) بشمال السودان بين الشلال الثاني 

و بطن الحجر وجدت عدة حجارة للطحن “. (أدمز، 1984 :124)

واستمرت حجارة الطحن فيما تلى من عصور و وجدت نوعين هما المُرحاكة و حجر الرحى أو الرحاية ثم تطورت أدوات الطحن و صنع الفندك.

احجام و انواع الفندك:

ـ الفندك الخشبي الصغير و يده و اشتهرت بصناعته مناطق النيل الازرق لتوفر الاخشاب و هو لطحن مواد المطبخ ذات الكميات الصغيرة و لدق التوم و غيره.

فندك الحديد: فندك صغير الحجم يصنع من الحديد.

ـ فندك الالمونيوم: فندك صغير الحجم يصنع من الالمونيوم.

ـ الهون النحاسي: فندك صغير الحجم يصنع من النحاس اصفر يستقدم من مصر.

ـ الفندك الخشبي الكبير:

 فندق كبير الحجم له يدان لحمله احيانا، يستخدم لطحن المواد ذات الكميات الكبيرة، و عمل عجين الجير في الوسط

بطحن الذرة، و الدامرقة بطحن الدخن و هذا النوع من العجين يترك ليختمر قبل تصنيعه كجزء من وجبة سودانية يسمى في غرب السودان ب (الدامرقة).

و يقال فندك العيش، و في اغنية من التراث:

                   أنا يا ناس الله الليلة

              في الفندك دقوني و في القلاي قلوني

              و بالفنحان شربوني هنية للشربوني

و في اغاني رقيص العروس و هي تحمل الريكة على الوقاية في رأسها و تنزلها وتحركها بيديها و كأنها تضُر العيش :

                يا حجة فندكي لي يا حجة

                يا حجة غربلي لي يا حجة

و البعض يجلده بالجلد المدبوغ بلديات و يزخرفه بالودع

 و غيره من مواد الزخرفة ليحدث زخرفة ايقاعية و يسمى ب( المُقران) و قد تغنت له فرقة عقد الجلاد في اغنية:” الفندك اب كشكوش” منها:

            الفندك اب كشكوش التنتو علشانك

            نكُب ليك اشرب و ادينا علشانك

استخدامات الفندك المختلفة:

١/ طحن الحبوب المختلفة و الريحة الناشفة كما أسلفت.

٢/ استخدام الفندك كآلة موسيقية في:

ـ موسيقى الدنقر: يستخدم من ضمن ادوات موسيقى الدنقر التي تتألف من ثلاث فندك كبير لتبادل الايقاع و الطشت المكفي الذي يضرب عليه بمُطرق و القرع الكاذب اليابس على طشت به ماء و الدلوكة و الشُتامة جمع شتم،.

ايضا تستخدم آلات الدنقر في موسيقى الطوارق ( الكينين) بغرب السودان.

ـ ايقاع التنتة:

 يستخدم فيه الفندق الخشبي الصغير الذي يستخدم لطحن المواد الجافة البسيطة خاصة البن، في:

ـ ايقاع التنتة كموسيقى في اغاني البنات و النساء في غرب السودان.

ـ تنتنة دق البن : في جلسة الجبنة كجزء من الكيف بعد شم القلّوة أو القلٌية و له نساء حريفات.

٣/ استخدام الفندك في العادات الشعبية :

ـ عادة دق الريحة: كان يستخدم الفندك الكبير لكبر كمية الريحة الجافة لعمل ريحة العروس مثل القرنفل و المحلب لصنع عطور المرأة السودانية التقليدية، و ايضا اذا ابتهجن النساء بموسيقى الدنقر.

ـ عادة الحرجيلاتك: كتبت عنها د. سلوى المشلي في ورقة بمجلة الثقافة الشعبية، العدد(٥٦) بعنوان :” الهون النحاسي في المعتقدات و العادات الشعبية السودانية”، و أنه :”عادة للقبائل السودانية ذات الأصول المصرية و بعض القبائل النوبية في السودان منها قبيلة الدناقلا، يستخدم طقوس عادة (دق الهون) بوضع الطفل في غربال و يوضع في قاع الغربال سبعة أنواع من الحبوب، و يضرب علية يوم السماية مع اغاني (الحرجيلاتك برجيلاتك) و وصية المرأة له ب:”سماع كلام أمه و ليس أبوه”، و غيره مع القفشات

 و الضحكات و فيه يتعرف على سمع الطفل إذ مع كل دقه ينُط فزعا من صوت الهون العالي بجانب اذنه.

الفندك في الادب الشعبي:

في الأمثال الشعبية:

ـ “افندكوك في فندك علي دينار”.

ـ ” قصير ذي يد الفندك”.

ـ وقد ذكرته في اغاني التراث و في اغاني الدنقر.

“من موروثنا الشعبي السوداني”، (كتاب غير منشور) لسلوى عبد المجيد أحمد المشلي 2024.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى