
لغتنا العامية مهما أبحرت فيها لن تجد لها مرسى ، فمفرداتها لها عدد من المعاني لا يمكن حصرها و لا تعرف معناها الا في سياقها في جملة، فقد اذهلتني (كدي) والغريب وجدتها في كثير من الشعر و تستخدم في مختلف المناطق و يكثر استخدامها في المخاطبة اليومية:
ـ كدي كدي: تتكرر عندما تنقز الام طفلها (ترفعه لاعلى و تنزله و هي ممسكه بيديها على خصره) قبل أن يقيف على رجليه، وهي تقصد أن يثبت رجلية ويشتد عضلها و هي مرحلة قبل المشي، فكلما وقف و ثبت عندما تنزله على رجليها أو بطنها تقول ,:” كدي كدي”، و هي فرِحه و تعني بها (جيٌت لي) اي انها تهنيء نفسها أن ابنها بدأ يكبر و يقوى عوده.
ـ اقول كدي: هل اقول نفس الكلام؟
بعد كدي: اي منذ الان و لاحقا.
ـ كدي النسالكم سؤال؟: ادونا أو امنحونا فرقة أو فرصة لنسالكم؟
ـ كدي وريني؟: دعيني انظر؟
اي كدي؟ : ياهو ذاته، نفسه.
ـ تسوي كدي: اي تلمع و هو تقال للمرأة المجيهة الممسحة
تلمع من النظافة و العناية بجمالها، و في رمية لود اليمني :” أنا ماشبه عريسك”، لسيد احمد الدوش، ينتقد احداهن لجمالها الاصطناعي بقوله:
مساحيق و بودره مصرية بصابونة بتهدي
اول كدي اقلعي الباروكة كان ما تشبهي القُردِي
ـ الشاي ماله حار كدي؟: لماذا الشاي سخن لهذه الدرجة؟
ـ يا هو كدي: عندما تسأل شخصا عن شيء و انت مستغرب و هو أمر واقع ياتيك الرد:” ياهو كدي”، اي هذا هو الواقع.
ـ ليه انت بتسوي كدي؟: لماذا تتصرف هكذا؟
ـ أمشي مني كدي أو اختاني كدي: زِح أو ابعد مني بعيد؟
و تقال بنرفزة و عصبية مع حركة اليد ليذهب.
ـ بعد شهرين كدي: اي تقريبا الزمن بعد شهرين.
ـ عشان كدي!: بسبب كدي مستدركا السبب و الفهم.
كدي اديني نفس من سجارتك: من فضلك أو تسمح بكدا؟
ـ أمشي كدي: وهو حين تأشر لاتجاه و تمد يدك جهته (كدي).
ـ كدي اختار: شوف و اختار.
ـ كدي فوقك أو سي فوقك: تقال للبنت أو العروس السمحة كدي فوقك اي فيك جمال زي أو شكل ، و لعل اصل كدي فوقك من اغنية قديمة يتغنى بها في بربر بولاية نهر النيل
و الشمالية و هي اغنية جماعية ترقص بالرقبة تقول:
كدي يها كدي كدي
ويقال إن كدي معناها امرأة .
و في اغنية البنات لرقيص العروس منها:
الليلة الليلة دي الرايقة جات تعوم بسدرة
عروسنا حلوة رقاصة كدي اقدلي و غيظي الشماسة
اي اعملي حركة تظهر جمالك لتغيظي الشماسة.
ـ اركز كدي: اقيف بثبات، و نجد أن يركز الرجل عادة المواقف الصعبة و اتسدره و في البُطان ، ففي اغاني الهسيس و البطان عند قبيلة الكبابيش بشمال كردفان في مناسباتهم الاجتماعية يغني البنات ليحمسوا الرجال على البطان بقولهن:
يا عدي الروى ماهلا ماك قوي
اركِز لي كدي
ـ مالك إتاخرته كدي الليلة؟: لماذا اتأخرته كثير هكذا؟
ـ كدي اكتبها تاني: حاول كتابتها مرة أخرى ، و عن المحاولة في قصيدة محمد ود الرضي :” المشاطة”، و هو حوار مع مشاطة يستسمحها أن ينظر للبنت التي تمشط شعرها و هي تثنيه عن ذلك و تذكره بالعوايد و التقاليد، فيقول:
لا أنا هكذا و لا هي صيد محريبه
كدي جربيني كان حالتي تدري به
ـ كدي انتظر أو استناني لباكر: اي اصبر و انتظر لغدا و الشاهد عليها مقولة صاحب الفنان محمد كرم أن يستناه لباكر و سافر و توفى بحادث و كانت اغنية (الطيف) البيتين الاوائل منها للفنان محمد كرم للموقف الذي حدث له و اكمل كلماتها الشاعر محمد سعيد دفع الله، منها:
حتى الطيف رحل خلاني.
ما طيّب لي خاطر
الليلة لا تقول ليّ هيّ كدي استناني.
بمشي و اجيك باكر !!
يبقي انا ما الم فيك تاني مين عارف المصائر؟
او كدي بعد اعمل شيء ما، و في مقال متداول بتاريخ 2024/5/12 كتب في مثل هذا اليوم قبل تسعة سنوات رحل الكاتب الصحفي والدارمي والروائي سعد الدين ابراهيم ،
في لقاء معه سألوه عن عموده:”النشوف آخرتا” من أين استوحيت هذا الاسم؟رد قائلا:” كنت رئيس تحرير صحيفة سياسية و هي صحيفة «الحرية»، وكان كُل كُتاب الصفحة الأخيرة يكتبون في السياسة، فقررت الكتابة في منحى آخر، وكنت استشير زوجتي لاختيار اسم للعمود و لأن استشارتي لها كانت مكررة تضجرت زوجتي يوماً و قالت لي:”كدي اقوم اعمل ليك شاي واجي النشوف آخرت اسم عمودك دا”، فطوالي قلت ليها :”بس ح أسميه النشوف آخرتا”.
ـ ياها كدي: طريقتها هكذا، و في انتصار شعبة المرغونابية في معركة ضد تحالف اللين و السدارنة، و قتل أحد اعدائها
و انكشف جسمه عريان، قالت:
أهلي الفي قفاهن بربطوا الطفلان
و الله البحالقن على النسوان
يرقد رقده اللين كدي عريان
ولا زال البحث جاريا.
(*) “من عاميتنا السودانية “، ( كتاب غير منشور)، لسلوى عبد المجيد أحمد الشملي 2024.