تقارير

ترامب يراهن على التجارة لإعادة ترسيم العلاقات الأمريكية الأفريقية

تقرير - رشا رمزي

في خطوة مفاجئة تعكس توجهاً جديداً في السياسة الخارجية الأمريكية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن عقد قمة مصغرة مع قادة خمس دول أفريقية في الفترة من 9 إلى 11 يوليو الجاري. وستضم القمة رؤساء الغابون وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا والسنغال، في لقاء يُعد الأول من نوعه منذ عودة ترامب للسلطة.

جاء الإعلان عن هذه القمة المفاجئة وسط تحليلات تشير إلى أنها تمثل استمراراً للجهود الدبلوماسية الأمريكية المتصاعدة نحو القارة الأفريقية. وقد أكد مسؤولون أمريكيون أن القمة ستركز على الفرص التجارية الهائلة التي تقدمها الدول الأفريقية والتي تعود بالفائدة على الشعب الأمريكي، مما يعكس النهج الجديد للإدارة الأمريكية في التعامل مع القارة.

لا تأتي هذه القمة في فراغ، بل تبني على نجاح دبلوماسي مهم حققته الإدارة الأمريكية الشهر الماضي. فقد تمكن البيت الأبيض من التوسط في اتفاق سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مما وضع حداً أولياً للأعمال العدائية وللمواجهات بين الجماعات المسلحة المدعومة من رواندا والقوات الكونغولية في شرق البلاد، والتي استمرت لعدة أشهر.

هذا النجاح الدبلوماسي يأتي في المقابل مع توقيع اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية في وزارة الخارجية الأمريكية في 27 يونيو 2025، والذي يُعتبر إنجازاً مهماً في منطقة شهدت صراعات دامية لعقود طويلة.

غير أن مسيرة الدبلوماسية الأمريكية مع أفريقيا لم تكن دائماً سلسة، حيث شهد اللقاء الثنائي مع الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا في مايو الماضي توترات واضحة. وقد وصف بعض المراقبين سلوك ترامب خلال ذلك اللقاء بأنه “كمين” للزعيم الجنوب أفريقي، مما يبرز التحديات التي تواجه العلاقات الأمريكية الأفريقية.

في هذا السياق، تبدو القمة المصغرة المقبلة الأسبوع القادم كمحاولة لإعادة توجيه هذه العلاقات نحو مسار أكثر إيجابية. ومن المتوقع أن تركز المناقشات بشكل أساسي على العلاقات التجارية والفرص الاستثمارية، خاصة في قطاع المعادن الحيوية في غرب أفريقيا، بالإضافة إلى الأمن الإقليمي.

يمثل هذا التوجه جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى جعل العلاقات التجارية المحرك الرئيسي للشراكة الأمريكية الأفريقية. وقد أوضح ترامب أن تعزيز الروابط التجارية يشكل هدفاً أساسياً في العلاقات مع القارة الأفريقية، وهو ما يريد أن يحل محل البرامج الإنسانية ومساعدات التنمية التي تم إلغاؤها.

تأتي هذه القمة أيضاً في إطار إطار الدبلوماسية التجارية والتعاون في مجال المعادن الحيوية، مما يشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لتأمين إمداداتها من المواد الخام الاستراتيجية من المنطقة.

وفي تطور مرتبط، تم الإعلان أيضاً عن خطط لعقد قمة أمريكية أفريقية أوسع في سبتمبر المقبل، وإن لم يتم تأكيد أي شيء حتى الآن من أي من الطرفين. هذا الإعلان يثير تساؤلات حول مدى جدية الإدارة الأمريكية في بناء شراكة طويلة المدى مع القارة الأفريقية.

تشكل هذه التطورات إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تعيد تقييم علاقاتها مع أفريقيا في عصر المنافسة الجيوسياسية المتزايدة. فبينما تسعى قوى أخرى مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها في القارة، تبدو واشنطن مصممة على استخدام القوة الاقتصادية والفرص التجارية كأدوات لإعادة تأكيد حضورها الاستراتيجي في المنطقة.

في النهاية، ستكون القمة المقبلة اختباراً حقيقياً لقدرة الإدارة الأمريكية على ترجمة وعودها إلى واقع ملموس، وما إذا كانت ستنجح في بناء شراكة متوازنة مع الدول الأفريقية قائمة على المنفعة المتبادلة، أم أنها ستبقى مجرد محاولة لاستخراج الموارد الطبيعية من القارة تحت غطاء الشراكة الاقتصادية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى