تقارير

البازارات .. ملاذ النساء السودانيات للتغلب على ظروف الحرب 

أم درمان - تقرير - بخيتة زايد الصافي 

في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية التي نتجت من تداعيات الحرب وتزايد معدلات الفقر والبطالة، لم تجد مئات النساء من الأرامل والمطلقات اللاتي نزحن إلى محلية كرري منذ اندلاع الصراع المسلح بديلاً سوي إقامة بازار تجاري في مدينة أم درمان لعرض المنتجات المتنوعة كمشاريع إنتاجية مبتكرة لزيادة المداخيل ومساعدة الأسر. 

ونشطت أكثر من “200” سيدة من محليات العاصمة الخرطوم السبع في تسويق المنتجات المختلفة في البازار الذي تم تنظيمه في إطار الجهود الرامية إلى دعم الأسر المتضررة من الحرب، وكذلك تمكين النساء اقتصادياً من خلال عرض وبيع المنتجات التي قمن بتصنيعها بأنفسهن.

تحديات أسرية 

تقول الناشطة في مجال العمل التطوعي شادية الخليفة لمنصة (مشاوير) إن “معظم السيدات المشاركات في البازار يواجهن تحديات كبيرة بسبب فقد الأزواج نتيجة الحرب أو لأسباب أخرى، مما يجعلهن العائل الوحيد لأسرهن. 

وأضافت : التحديات تشمل البحث عن سبل العيش والاستقرار في ظل ظروف اقتصادية صعبة، مما يجعلهن أمام مسؤولية تربية الأبناء وتوفير الاحتياجات الأساس. 

وأوضحت الخليفة أن “الهدف من إقامة البازار زيادة دخول الأسر المتضررة من الحرب، من خلال عرض وبيع المنتجات التي تقوم بتصنيها السيدات وتمكينهن اقتصادياً بتوفير فرص عمل لهن، إلى جانب توفير الاحتياجات الأساس للأسر وبأسعار في متناول اليد تمكنهم من شراء المستلزمات. 

ونوهت الناشطة في مجال العمل التطوعي بأن البازار يشتمل على الحرف اليدوية والمشغولات والملابس والمأكولات، إضافة إلى توفير الدعم والمساندة للسيدات المشاركات في البازار. 

صعوبات ونجاحات 

من جهتها، أشارت عوضية الطيب – ربة منزل في حديثها لمنصة (مشاوير) أن “زوجها توفي في الحرب عندما تعرض للإصابة بقذيفة مدفعية أمام منزلهم بأحد أحياء أم درمان القديمة، مما جعلها تنزح لولاية نهر النيل رفقة أسرتها التي تتكون من (10) أفراد، بحثاً عن الأمان، ولكن ارتفاع أسعار الإيجارات وعدم وجود مصدر دخل أو عمل جعلها تعود إلى محلية كرري. 

وأضافت : في البداية كنت اقطن في مركز لإيواء النازحين، ومع مرور الوقت بدأت تبحث عن عمل في الحي. 

وتابعت : تعرفت على أسرة كانت تستعد للسفر خارج السودان، وقامت بمنحي جزء من منزلها للعيش فيه، وشرعت في صناعة المخبوزات والفطائر برفقة بناتي وتوزيعها على المحلات التجارية، ولكن عائدها لم يكن يفي متطلبات الحياة اليومية، مما دفعني للعمل كبائعة شاي، ومن خلال مهنتي الجديدة وجدت سوق رائجة ومصدر دخل جيد. 

وأوضحت أنها شاركت في البازار بمنتجات مختلفة من المخبوزات والفطائر الحلوة المالحة، وتمكنت من بيع جميع المعروض.

فرص عمل جديدة 

بدورها تقول جيهان يس – ربة منزل لمنصة (مشاوير) إنها “اضطرت إلى النزوح بحثاً عن الأمان والاستقرار مع زوجها وأطفالها الثلاثة، ولكنها اصطدمت بارتفاع أسعار إيجارات المنازل، بجانب توقف الأعمال اليومية وعدم وجود مصدر دخل بعد أن فقد زوجها وظيفته بسبب الحرب، مما دفعها للعمل في صناعة العطور السودانية والبخور. 

وأشارت إلى أن العائد من المداخيل ضعيف مقارنة بمتطلبات الحياة اليومية، لذلك شرعت في العمل بمجال بتصنيع المشغولات اليدوية وتطريز الثياب النسائية لزيادة الدخل.

ولفتت إلى أن النساء لا يحصلن على الدعم الكافي من المجتمع أو الحكومة، وفي ظل قلة الفرص يواجهن تحديات اقتصادية واجتماعية.

وتأمل يس في أن يوفر البازار سوق رائجة منتجاتها، إضافة إلى الحصول على زبائن جدد بخاصة وأن أسعار منتجاتها في المتناول. 

 مصدر دخل إضافي

سلوى الطاهر ، معلمة في مرحلة الأساس اضطرت إلى العمل في بيع الآيس كريم بعد انفصالها عن زوجها، هذا القرار جاء نتيجة لعدم قدرة زوجها على توفير الاحتياجات اليومية لأبنائها الأربعة، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد نتيجة تداعيات الصراع المسلح. 

وأضافت : واجهت تحديات عدة، إذ لم يكن دخلي كافياً لتغطية مستلزمات أسرتي، مما جعلني أبحث عن عمل إضافي بعد أن أثرت الحرب على الوضع الاقتصادي للعديد من الأسر، الأمر الذي أدي إلى زيادة الضغوط على كافة السكان العالقين في العاصمة السودانية. 

وأشارت إلى أنها وجدت سانحة في البازار للعمل في مهنة بيع الآيس كريم، وقد لاقت منتجاتها إقبالاً كبيراً من رواد البازار. 

تسويق و ترويح

على نحو متصل، قال الباحث الاجتماعي والاقتصادي أحمد عبد الله لمنصة (مشاوير) إن “النساء في السودان وجدن أنفسهن أمام تحديات جيام خلال فترة الحرب بسبب فقدان الأزواج وتزايد معدلات الطلاق. 

وأضاف “التدفق الكبير للأسر النازحة جراء الصراع المسلح ومواجهتهم للغلاء وارتفاع أسعار السلع الضرورية، كلها عوامل كانت بمثابة إلهام لإيجاد حلول للحصول على مصادر رزق للتكسب، فكانت فكرة البازارات التي من خلالها وجدت النساء أنهن يمتلكن مواهب أجبرتهن الحرب على إخراجها، فضلاً عن أن البازارات متنفس اقتصادي وسوق لعرض المنتجات التي تصنع داخل المنزل، كما تعتبر البازارات فرصة لمحدودي الدخل لشراء هذه المنتجات بأسعار مخفضة باتت تنافس المحال التجارية والمولات”.

وتابع : فترة البازار لا تتعدى ثلاثة أيام أو أسبوع ومن ثم يكون الانتقال إلى مكان جديد في مقابل مبالغ رمزية لحجز المكان المخصص والطاولات والتسويق عبر التجمعات النسائية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ونوه عبد الله بأن “البازارات لا تقتصر على حركة البيع والشراء فقط وإنما تعتبر أماكن ترويح للنساء والأطفال من سكان المدينة أو الذين فروا من صوت القذائف والرصاص، وتشكل أيضاً فرصة للتلاقي والتواصل مع الأصدقاء والمعارف الذين فقدوا روابطهم الاجتماعية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى