
اليوم، وأنا واقف عند محطة حافلات في غرب لندن، حصل شيء بسيط لكنه جعلني أتأمل كثيرًا… كنت أنتظر المواصلات، وإذا بي أرى حافلة مغطاة بالكامل بإعلانات لروايات، كتب ورقية، غلاف تلو الآخر… أسماء كتّاب، عناوين مشوّقة، وألوان تجذبك لتقرأ فورًا. كانت الحافلة تمشي كأنها “مكتبة متنقلة”، تدعوك لاكتشاف قصة جديدة، لا منتج جديد.
تساءلت بيني وبين نفسي: متى آخر مرة رأيت فيها إعلانًا لكتاب على حافلة أو لوحة في شارع في العالم العربي؟
غالبًا لن تجد.
في عالمنا العربي، غالبًا ما تُخصص الإعلانات الكبرى للهواتف، المسلسلات، أو حتى الشيبس والمشروبات الغازية. أما الكتاب؟ فهو غالبًا ضيف خجول، لا يُمنَح المساحة التي يستحقها.
وهنا السؤال الأعمق: هل نؤمن حقًا أن الكتاب يستحق أن يُستثمر فيه؟
في أماكن مثل لندن، يُعامل الكتاب كمنتج ثقافي وتجاري في آنٍ واحد. يُسوَّق له كما يُسوَّق لفيلم أو علامة تجارية، لأن هناك قناعة بأنه يستحق أن يصل للناس في كل مكان — في المترو، في الإعلانات، في الحافلات.
ليس الهدف من هذه المقارنة التقليل من شأننا، بل دعوة للتفكير: هل نحن فعلاً نمنح الكلمة المكتوبة حقها؟ وهل نؤمن بأن الكتاب يمكن أن يكون منتجًا جماهيريًا يُعلن عنه بقوة كما نفعل مع أي سلعة استهلاكية؟
لعلّ في هذا المشهد البسيط دعوة لنا جميعًا أن نعيد النظر في علاقتنا بالكتاب… ونمنحه مكانته في الشارع، في الحافلات، وفي الحياة.