
في الهلال والمريخ أشياءٌ يمكن أن نختلف عليها، يجادلونا ونجادلهم، نسخر منها عليهم، ويسخرون، لكن هنالك أشياءٌ متفق عليها في الناديين، أشياء تجمعنا ولا تفرِّقنا.
الزعيم محمد الياس محجوب كان أحد المناطق التي يمكن أن يلتقي فيها الهلال والمريخ، متخلياً كل منهما عن لونه، ومتدثراً بثوب محمد الياس محجوب.
خرج ود الياس من لباس الانتماء الضيِّق وأصبح رمزاً قوميّاً، لنا فيه نحن الهلالاب مثل ما لهم، نتحدث عنها ونتناقش ونسعد به ونحزن من أجله.
جاء ود الياس للمريخ في وقت صعب، كانت معايير الرئاسة في القمة السودانية صعبة ودقيقة ـ بعد صلاح إدريس في الهلال وجمال الوالي في المريخ، تغيّرت معايير الرئاسة، أصبح (المال) هو الشرط الأول والأخير في الرئيس، دون النظر إلى أمواله كانت حلالاً أو حراماً ـ هذا أمرٌ لم يعد مُهمّاً، ولسنا معنيين إن كانت أمواله من جهاز الأمن أو من حكومة الولاية أو حتى من ميزانية المجهود الحربي.. أمواله من الذهب أم من الجاز غير مهم.
الرئيس في الهلال والمريخ في عهدنا هذا لا بد أن تكون السلطة راضية عليها أو هو جزءاً منها، تدعمه بالمال والتسهيلات ويدعمها بشعبية ومكانة الهلال والمريخ.
في أيام ود الياس كانت معايير الرئيس (شخصية)، ترتكز في مواقفه وشجاعته وأخلاقه وذكائه، وكل هذه الصفات توافرت في ود الياس رحمة الله عليه، فهو قد نجح في تحقيق إنجازات للمريخ بميزانية بيت من طابقين، في الوقت الذي فشل فيه غيره في الهلال والمريخ من تحقيق ذلك بميزانيات مفتوحة.
عندما أنظر لتجربة ود الياس في المريخ، أعجب في أنّ هذا الرجل ظلّ في قلب الأحداث حتى وهو بعيدٌ من مجلس الإدارة، كان يتواجد في كل قضايا وهموم المريخ، يدعم بالمال والمشورة وقبل ذلك باسمه وتاريخه وتجربته الكبيرة، وكثيرون غيره في الهلال والمريخ اختفوا من الساحة عندما خرجوا من مجالس الإدارة، ومن ظهر منهم ة، انصهر في معارضة المجلس، بل معارضة النادي بعد أن اصبح خارج أسواره.
نكتب عن ود الياس ليس كرمز مريخي خالد، وإنما كرمز وطني عظيم، وضع بصمته في خارطة السودان، ونجح في أن يكون ماركة إدارية مسجلة باسم النجاح.
اللهم أرحمه واغفر له وتقبله قبولاً حسناً ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لا أعزي المريخاب في رحيله، ولكن أعزي الهلالاب قبل ذلك، فنحنُ في الأحزان إخوة.
اللهم اجعلها آخر الأحزان واحفظ السودان أرضاً وشعباً.