في تلك الأيام كتبتُ شخصياً —ولست الوحيد بالطبع— نحو (٢٦) مقالاً وتقريراً في صحف ومنصات سودانية وعربية أحذّر فيها من خطر وجود مليشيا مقاتلة موازية للجيش، ذات حجم كبير من التسليح والتدريب والعدد. غيري كتب وحذّر أيضا.
أكدتُ أن تسريح هذه المليشيا أو حلّها ودمج عناصرها في الجيش واجب وطني لا يقبل التأجيل أو التقاعس، وأن على قيادة الجيش استثمار الزخم الثوري المطالب بحلّ الدعم السريع ومعالجة الجوانب الفنية لهذه العملية المعقدة. وإلا فالتقاعس يؤول حتماً إلى نتيجة واحدة: الحرب والصدام.
لكن قيادة الجيش وأنصار النظام القديم كان لهم رأي مختلف — هو ذات رأي الضابط الظاهر في مقطع الفيديو أدناه—، وما زال الجيش، بدعم من تلك القوى، ينشئ مليشيات ذات طابع جهوي وقبلي وديني أيديولوجي.
هل يجدي أن نكتب من جديد عشرات المقالات والتقارير نكرّر فيها ما هو معلوم للكل؟
أعلم أن ما أكتبه الآن قد يذهب سدى، وأن قيادة الجيش وبعض مهوسي الحركة الإسلامية لن يردّوا إلا بالتخوين والابتذال.
لكني أعلم أيضاً أنهم سيطلبون مني لاحقاً تبنّي نفس موقفي القديم حين تندلع حروب جديدة بين المليشيات التي صنعوها، والتي زوّدَتْها تلك الأطراف بالمال والسلاح والدعم السياسي والإعلامي.
