
كان الطاغية رافائيل ترخيو، الذي حكم جمهورية الدومينيكان من 1930 حتى اغتياله عام 1961، يسكن قصرًا تتحرك فيه الستائر كصفحات دفتر ناطق. الحجارة تهمس، والمرايا لا تعكس إلا صورًا مرتبة للسلطة، والريح تهمس بأصداء الطاعة، والهمسات تتحول إلى تصفيق بلا روح. كل صباح يعد النجوم كجنود محتملين، وكل ضحكة مزيفة تتحول في عقله إلى خطة قمعية.
يارجل،
“حتى الظلال صارت تعرف متى تصفق ومتى تكف “!.
مع الغسق يتحول القصر إلى سيرك سحري. كرسيه الأحمر منصة لطقوس غريبة؛ يلعب الشطرنج مع أشباح وزراء لم يولدوا بعد، والرقعة تتحول إلى خريطة لمعركة لم تقع، وأحلامه سجلات سرية، خرائط مدن، قوائم أعداء، وشبكة محبوكة في صمت العيون.
الآن وهنا؛ على الساحل الحار، حيث يلتقي البحر بالمدينة، يقف جنرال بقبضة مشدودة وعيون ترقب كل حركة، ترصد الميناء كما تحصي الولاءات المشحونة بالخضوع.
حول الرجل؛ طيف من المستشارين والمصفقين المصطنعين، ينسقون المشهد ويغلفون الخراب بغطاء من الشرعية. ألحانهم لا تغني للموت فحسب، لكنها قادرة أيضاً على تدوير نهايات جديدة وإغلاق المشهد أو إعادة كتابته بتحويل الوقائع بحيث تبدو النهاية منسوبة إلى من يملك الحبر الأخير.
في الليالي الحالكة، تتداول الطمأنينات والمكائد. رسائل مكتوبة بعناية، وابتسامات محايدة تحمل سكاكين مؤجلة.
كل فريق ينتظر اللحظة المناسبة لإعادة ترتيب المشهد، غير مبالٍ بمآسي الناس، بل حريص على أن تبقى الرواية باسم من يملك القلم الأخير.
“الطاغية لا يهاب العدو بقدر ما يهاب مرآته”.
يارجل، “التاريخ يعلم أن العروش تُبنى بيدٍ وتُهدم بأخرى”.
فانظر – أبدك الله – كيف ستتحول الضحكات المزيفة (قريباً جداً) إلى صرخات، وكيف يختبئ الجلاد (الآن) بين الزوايا، بينما يمتد الانتظار كظلٍ طويل يتلوى بين أركان البلاط.