منوعات

من أدبنا الشعبي السوداني.. “القوالة” في موروثنا الشعبي

مشاوير - د. سلوى المشلي (*)

نجد كثير من الكلمات تتداول في حياتنا اليومية ولكن لا نأخذ لها بال و لا ندرك اثر حركتها في حياتنا اليومية و الدور الذي تلعبه في حياتنا مثل كلمة:

 القوالة: من القوٓل و معناها أخبر ولها كثير من المترادفات في اللغة العربية و ضدها أخبر و اسرٌ و غيرها.

و نقل الكلام قديم ففي سورة يوسف قوله تعالى:”وَقَالَ نِسۡوَةٞ فِي ٱلۡمَدِينَةِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ تُرَٰوِدُ فَتَىٰهَا عَن نَّفۡسِهِۦۖ قَدۡ شَغَفَهَا حُبًّاۖ إِنَّا لَنَرَىٰهَا فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ “، (سورة يوسف: الآية 30).

 لذلك ينبهةالقرأن الكريم و يدعو الى التثبت والتدقيق في الأخبار المنقولة ، مخافة ان يقع ضرر النقل على قوم آخرين ،، ويحذر من التعجل في نقل الأخبار ، لأن عاقبة ذلك ستكون الندم ة”يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ “.(سورة الحجراتـ آية (٦))

 ولكن نستخدم القواله في مجتمعنا السوداني بمعني نقل الكلام بين الناس، و الشخص او الشخصية القوالة شخصية غير سوية نفسيا و تدرك نتيجة ما تقول و تخاف من أن يعرفها الناس فهي دائما ما تنقل الكلام في الخفاء وبصوت واطي، ف اذا كانت انثى يقال عنها:” جنها قوالة”، أو” قوالة جنس قوالة”، و عند قبضها متلبسة بالقوالة يقولوا :” فلانة ما زروها يوم داك في قوالة”، و عند مواجهتها تحاول ان تجد لها مبررات لتنفي ما قامت به، و قد ينقل الكلام بدون قصد طبيعة في الشخصية حتى اخبارها الخاصة تحكيها و هذا يقال عليها في المثل:” الفولة ما بتتبل في خشمه”.

أو بقصد محرف و مزيود و القواله لها عدة اوجة أو تؤدي كم غرض:

ـ القوالة بغرض كشف الحال: و فيها ينقل شخص أحوال شخص اخر مستور الحال و يقال في المثل:” البعرف الحال ما يبقى قوال”، و قد كان فيما مضى دا شغل المشاطات الائي يتجولن في البيوت للمشاط و يقضين وقت طويل يسجلن ما يحدث أمامهن و ينقلنه لبيت آخر أثناء المشاط بغرض التسرية و ملأ الوقت لأن المشاط يستغرق وقت طويل و في الغالب معلومات عادية ليس منه ثمرة فيقال:” كلام مشارطات ساي”.

ـ القوالة تؤدي الى قطع العلاقات الاجتماعية بين الاخوان أو الناس أو المحبين:

تغنى الفنان حمد الريح من كلمات اسحق الحلنقي في قصيدته:” شالو الكلام”، و شيل الكلام نقله ونقل بفتنة فرقت بين محبين و فيها وصف كيف شالو الكلام ، منها:

        شالو الكلام زادوه حبة حبة جابوه ليك

       ظاهر عليك صدقتهم ما الجوه قلبك في عينيك

       كل الحصل سألنا مره عشان يعرفو ظروفنا كيف

       جات سيرة للريد الزمان ثم الولف جاب الوليف

       غايتو الكلام جاب الكلام و غلبنا من سيرتك نقيف

        ورمينا حبه لوم عليك شالو الكلام جابوة ليك

        كان قصدهم يحصل فراق بينا وقلوبهم يسعدو

        جوك بالكلام صدقتهم سبت الضلوع اتنهدو

       خليتنا في مره شقاء ماتبقي الا علي العدو

       لو نحنا غاليين في عينيك ماتصدق الجابوه ليك

ـ في الشكية نتيجة القوالة و ما تسببت في من فراق، من غنا البنات بالدلوكة:

        ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻳﺎ ﻧﻌﻮﻣﺔ

        ﻳﺎحليل ﻧﺎﺱ ﺩﻳﻞ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﻴﺠﻮﻧﺎ

        ﻣﻦ ﻓﺮاﻕ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﻣﺴﻜﺘﻨﻲ ﺣﻤﻰ ﻣﻦ

        ﺷﺪﺓ ﺑﻜﺎﻱ ﺟﺮا ﺩﻣﻌﻲ ﺟﻤﺔ 

        ﻗﻮﻟﻮ ﻟﻲﺍﻟﺤﺒﺎﻳﺐ ﺗﺎﻧﻰ ﻭﻳﻦ نتلمه 

وايضا قوالة للذي قوٌل من العزولين:

      ﻗﻮﻟﻮ ﻟﻲ ﺍﻟﻌﻮﺍﺯﻝ ﺧﻼﺹ ﻣﺮادكم ﺗﻤﻪ

  ـ القوالة وسط الموظفين الخدمة المدنية بنقل الكلام بقصد كما هو أو محرف و مزيود و نسميه:” قوالة و صواطة”، بنقلها للمدراء و هو شخص يعرفه الجميع فعند حضورة يتغامزوا 

ويقولوا:” العصفورة جات”، ليحرزروا منه.

أما إذا عرف أحد الوالدين معلومة عن طفلهم عن تحصيله الدراسي او المشاكل التي يقوم بها أو الشغب أثناء الحصص عندها يسأل الطفل أباه أو أمه كيف عرف المعلومة فتكون الإجابة :” ا لعصفور قالت لي “.

كذلك الطفل السليط الذي ينقل للاب أو الأم الاخبار فيقال عند حضوره:” وِز وِز جا”.

ـ القول في التحذير كما في اغنية الفنان محمد ميرغني:” ما قلنا ليك”، و فيها تحذير من الحب:

           ما قلنا ليك الحب طريق

           قاسي وصعيب من أوله

           ما رضيت كلامنا وجيت براك. 

           اهو دا العذاب اتحمله

من أمثالنا الشعبية في القوالة:

إضافة لما سبق من إيراد الأمثلة ، منها:

ـ ” سمح القول في خشم سيده”.

ـ “الباب البجيب الريح سده و استريح”، تغلق باب القوالات

 وغيره.

ـ ” دق الإضينة و قول ليه عذر”.

ـ ” اتنين كان قالوا ليك اضانك مافي هبشها”.

ـ ” اتنين كان قالوا ليك راسك مافي اتحسسه”

ـ ” التسوي بايدك يغلب اجاويدك”، وهذا لم تجيبها وارمة.

أما المرأة التقيلة اللسان التي لا تقول و لا يقال عنها: ” خشمها تقيل”.

 ونستجير من القوالة:

 بقولنا:” الله يكفينا شر قيل و قال و كثرة السؤال”، قول شَيءٍ لا يَعلَمُ صِحَّتَه، أوكثرة الكلامُ فيما يضُرُّ ولا يَنفَعُ.

 و ايضا نستدرك عندما نحكي عن موضوع فنقول:” قالوا 

و القوالة تطير”، و ايضا :” اعوذ بالله من شر القوالة”.

ـ و في اغنية الفنان فتحي الماحي بعنوان :” بنيتي حسابك”، للشاعر خالد الماحي، بلسان ام توصي ابنتها فتقول في بعض ابياتها:

              يا بنيتي حسابك الله و النبي كلامي تسمعا

              كلام كم تخاف لو من بيت لا تمرقيهو 

              قالوا وقلنا في لسانك لا تجيبيه

 

* “مقالات في موروثنا الشعبي السوداني”، (كتاب غير منشور) لسلوى أحمد عبد المجيد الشملي 2024.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى