
نجد ان مقابر الاولياء و الصالحين و الشيوخ من مقابر الخاصة التي اتخذت الشكل القبابي و الاضرحة و البيان
و غيرها، و التي اصبحت يدفن حولها تبركا ثم اصبح ما حولها مقابر العامة.
و مع دخول اهل التصوف الذين وفدوا للسودان في القرن السادس عشر في فترة السلطنة الزرقاء او السنارية (١٥٠٤ – ١٨٢١م)، و التي ادخل فيها ثقافة مباني مقابر الفقهاء المتصوفة الذين وفدوا من المغرب العربي ومصر وغرب أفريقيا و بدخولهم دخل الاسلام الشعبي كما اسماه بروفسيور احمد حريز .
و كان و لا زال الاعتقاد في ان الولي له قدرات خارقة في علاج المرضى و حل المشاكل و التعطيل مثلما كان حي و أن القباب أو الأضرحة مكان للفأل الحسن بنجاح مسعى من ياتي بحاجة فكانت النديهة او النذر للولادة لمن لم تنجب وغيرها، و زيارة البنات لمن تعطل او تاخر حظها في الزواج فتزور لنيل البركات و المدينة.
نديهة البنات عند قبور الاولياء :
كانت البنات من تأخر سعدها او زواجها بكثرة لها الدعاء بأن يخفف الله سعدها أي يسرع بزواجها بقولهن:” الله يحرر او يخفف سعدك”، و من البنات يلجأن للقباب و الاضرحة
و زيارتها و التبرك بها و تنده للشيخ المدفون تحتها لانها تقدم له نذر تحدده ان استجاب لنذرها و تزوجت، و يوضح هذا (غنا البنات) الذي يذكر السماء الشيوخ و امنياتهن في نوع العريس المرجو؟.
غنا البنات و نديهة الشيوخ:
تنده الفتاة لوحدها، مثل:
سيدي الحسن في القوز اب قبة قللوز
تجمعنا نحنا الجوز في جنة الفردوس
و عادة ما تذهب ام البت لتزور و تتنده لها في السر، فأغلب غنا البنات يظهر فيه وصيتها لامها بذلك لأنه لها شيخها او شيخ معين تعتقد فيه، لا تجد اغنية كاملة متفق عليها فتتحرك الأغنية من منطقة لأخرى و يضاف لها او تغير اسماء الشيوخ و التطلعات لنوع العريس المرتقب، منها:
يمة زوري لي شيخك ود مكي
العسل الببكي محاسب في البنك
يمة زوري لي شيخك ود إدريس
يجيبو لي عريس من كندا لي باريس
يمة زوري لي شيخ بشير
شيخ بشير خطير قلب الموية عصير
يمة زوري لي شيخ الضرايا
يجيبو لي برايا لا بخرة و لا محاية
يمة زوري لي زيارة الكبابيش
أنا من حب الحناكيش امتحنته جيت الطيش
وأيضا:
يمة زوري لي يمة شيخك ود علي يمة
يجيبو لي جرى يمة دكتور أو صيدلي
يمة اندهي لي شيخك الحفيان
إجيبو لي حفيان من ليبيا للسودان
يمة اندهي لي شيخك الياقوت
إجيبو لي مربوط
يمة زوري لي يمه زوري شيخ نصر
يمة نعرس الخُدر يمة وكيٌة للصُفُر
ودي فيها (مغرزة).
ايام الزيارات الاسبوعية للنديهة:
بعض الشيوخ يسمح بزيارتها في ايام محددة في الاسبوع، لذلك تكون الزيارة بايام الاسبوع، فغنن البنات:
يمة زوري لي زيارة الثلاث
الاخدر اب وجنات الجنن البنات
يمة زوري لي زيارة السبت
الاخدر الشرط الوقف النبض
مشيت الحفاير يمة لقيت قميصه طاير من حبه بلعت الزراير
اللابس الجينزي الجينزي سخن بي يارب تحت مطرة الجو يبرد لي
ايضا:
يمة زوري لي زياره التلات انا الاخدر الشتات العقد للبنات يمة زوري لي زيارة الخميس الاخدر اللبيس اقامته في باريس يمة زوري زيارة التلات الاخدر اب وجنات الجنن البنات
نشأة أسواق الزيارة:
في الزيارة يدفع البياض(الزوارة) و هو حق زيارة الشيخ
و بركته، و توضع الزيارة في محل معين في صندوق او تقذف داخل الضريح او غيرها من طرق وضع البياض و أخذ بركة من التراب و بعضهم يقيل في الضريح يحملون الطعام
و الشاي و القهوة كما شاهدت في ضريح سيدي الحسن في كسلا، و احيانا يقام وفاء النذر بعد أن يتحقق المراد بقيام الذباىح و الكرامات من بلح او حلوة او أي احتياجات أخرى،
و قليلا قليلا تسلل الباعة لبيع الاشياء البسيطة مثل السبح
و البلح و الحلوى و العاب الاطفال و متطلبات الزيارة ثم كثر الباعة و تعددت انواع المواد التي تباع عند يوم الزيارة حتى أصبحت اسواق موسمية في كل اسبوع و اصبحت تسمى (اسواق الزيارة) و توسعت التجارة فيها وشملت تجارة التياب و الملايات و فيه مشتروات النساء الخاصة من الشاف
و الطلح و الكوانين و المباخر و بخور التيمان و المكاحل
و العدة عشق المرأة السوداني و …
وهكذا الزيارة و نديهة الشيوخ ساهمت في قيام اسواق الزيارة الاسبوعية و مشترواتها بسعر رخيص بسعر الاجمالي لي بالرغم من ان البيع بالتجزئة، و اصبحت تجمع نسائي اسبوعيا ترفيهي اذ تجتمع الجارات ليتسوقن لاحتياجاتهن الاسبوعية.
و تغنت من استجيب لطلبها:
انا يمة اندهي لي شيخنا في طابت
انا قولي ليه الشمس غابت انا و الدعوة استجابت.
* “مقالات في التراث الشعبي السوداني”، (كتاب غير منشور)، لسلوى عبد المجيد أحمد المشلي 2025م.