
في تحذير هو الأشد منذ بداية العام، دقّ برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن تفاقم الأزمة الإنسانية في جنوب السودان، حيث يواجه ملايين الأشخاص مزيجًا قاتمًا من الجوع، والنزوح، والأوبئة وسط صمت دولي مخيف وتراجع التمويل.
ووفقاً للبرنامج، يحتاج أكثر من 7.7 مليون شخص – ما يفوق نصف سكان البلاد – إلى مساعدات غذائية عاجلة، بينما يعيش 83 ألفًا في ظروف “كارثية” وفق التصنيف الخامس الأعلى في مقياس الأمن الغذائي IPC، لا سيما في مقاطعتي ناصر وأولانق بولاية أعالي النيل، حيث النزاع وانعدام الوصول يهددان بدفع آلاف السكان نحو المجاعة الفعلية.
نصف الحصة الغذائية… و274 مليون دولار مفقودة
ورغم تمكن البرنامج من إيصال مساعدات لأكثر من مليوني شخص منذ بداية العام، إلا أنه يواجه عجزًا تمويليًا قدره 274 مليون دولار. وإذا لم يتم سد هذا النقص بشكل عاجل، فإن 2.5 مليون شخص ممن يُعدّون الأشد جوعًا سيفقدون المساعدة بحلول سبتمبر.
وقال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي:
“جنوب السودان يعاني بصمت. لدينا القدرة للوصول إلى المحتاجين، لكن من دون التمويل، نحن مقيّدون.”
ناصر وأولانق: مجاعة تطرق الأبواب
تشير بيانات البرنامج إلى أن 32 ألف شخص في ناصر وأولانق وحدهما يعيشون حاليًا في المرحلة الخامسة من الجوع، بينما تعيق الاشتباكات والنزوح الكثيف إيصال المساعدات الإنسانية، في وقت تتزايد فيه حالات سوء التغذية والوفيات.
عودة النازحين… وعبء لا يُحتمل
أدى الصراع في السودان المجاور منذ أبريل 2023 إلى تدفق نحو 1.2 مليون شخص إلى جنوب السودان، بينهم 39 ألف عائد جديد وصلوا في حالة يرثى لها، ما زاد الضغط على موارد تكاد تكون منهارة.
أرقام مقلقة للأطفال
يسجّل البلد رقماً قياسياً في عدد الأطفال المهددين بسوء التغذية، حيث يواجه 2.3 مليون طفل خطر الهزال وسوء النمو، خصوصًا في المناطق المتضررة من الفيضانات والصراعات، كـبنتيو وجونقلي والوحدة.
استجابات طارئة رغم الصعوبات
استأنف البرنامج عمليات الإسقاط الجوي، مسلّمًا 430 طنًا متريًا من الغذاء في يوليو وحده، كما أعيد تشغيل النقل النهري لتوصيل 1,380 طنًا متريًا من المساعدات نحو أعالي النيل. وتستمر خدمة النقل الجوي الإنساني UNHAS بتأمين الوصول إلى سبع مناطق نائية، منها مابان، ملكال، أولانق، والرنك.
الكوليرا تفاقم الأزمة
وفي خضم أزمة الجوع، يواجه البلد تفشيًا جديدًا للكوليرا. فقد نقلت الخدمات اللوجستية بقيادة WFP أكثر من 100 طن متري من الإمدادات الصحية إلى أعالي النيل والوحدة، في دعم مباشر لجهود مكافحة الوباء.
احتمال وقف المساعدات في سبتمبر
بسبب نقص التمويل، يلوّح البرنامج بخفض إضافي في المساعدات بدءًا من الشهر المقبل، ما قد يؤدي إلى انسحاب تام من مناطق الأكثر احتياجًا، في وقت لا يستطيع فيه سوى 30% من السكان الجائعين الحصول على الدعم الغذائي حالياً.
واختتم سكاو تصريحه بالقول:
“نحتاج إلى استجابة دولية تعكس حجم المعاناة في جنوب السودان. لا يمكن أن يستمر هذا النزيف بصمت.”