
حياة الريف ثرية جدا بتنوع مجالات الدهشة فيها، خالية من الرتابة تفاجئك بالجمال من حيث لا تحتسب. يكفي أن تجلس بالعرّاقي والسروال عصراً أمام دكّان سليمان وتشاهد كيف تضج الحياة قبل المغيب، مجموعة من كِبار السن يجلسون أمام الدكّان على عنقريب مايل الأرجل غير مشدود الكرّاب وأمامهم إبريقين نصف ممتلئان وباقة موية يميل لونها إلى البنّي بفعل الزمن، الناس راجعين من التحتانية. رجال يركبون الحمير على بطايح القش وطوريّة تستريح على أرجلهم المخلوفة، نساء راجعات وعلى رؤوسهن واقود جريد يغشِن الدكّان لشراء السكّر والشاي.
أولاد يتمازحون عند الصهريج وهم يسقون حميرهم بعد أن أثارَن قليل من الغبار أصابك شئ منه، صوت الضفادع يُخبرك بأنّ الحواشات رويانة، وريحة كمينة طوب و زِبِل محروق يصلك دخانه، راس جريد أخضر و “رُدخة” شوّال تمر يحملها أحدهم على ظهر جمله.
يشرب الجمّال من السبيل و يمعط الجمل من فروع النيمة مظلّلة السبيل، هذا مع خلفيّة موسيقيّة ثغائيّة لصوت المواشي تستعجل وجبة العشاء المحمولة على ظهور الحمير ورؤوس البشر، وذلك قبل أن يرفع حسن اب دومة آذان المغرب.