
ظني أن ترامب ما كان له أن يشاء أو يزعم من قدرة علي إنهاء كل حروب العالم، ما لم يشاء من بيده نواصي الناس ومقاليد أمور الدنيا، علم بذلك ترامب أو جهل.
علي أية حال فقد بدا لافتا تعهد “ترامب” العائد الي البيت الأبيض في ولاية ثانية، بأنه سيرمي بثقل دولته الكبير، وراء مهمة إخماد كل نيران الحروب المستعرة حاليا في العالم، والتي من بينها بالتأكيد حرب السودان المنسية، من خلال قوله: “ستُوقف قوتنا الحروب، وتجلب روحا جديدة من الوحدة، إلى عالم كان غاضبا وعنيفا”، مؤكدا “إن قوات بلاده ستركز على مهمتها الوحيدة، التي هي الحاق الهزيمة بأعداء أميركا”.
وبالتالي يمكن القول: أن تعلق ترامب بحلم أن يصبح بطلا يصنع السلام للعالم، لم ينشأ هو كذلك من فراغ.
فقد بدا الرئيس ترامب علي ثقة كبيرة وهو يتحدث عن فرصه لفرض السلام، إستنادا علي قوة بلاده التي أشار اليها دون مواربة، والي يقينه بقدرتها علي إيقاف تلك الحروب.
لكن يبدو الي الآن علي الأقل أن الرئيس الأمريكي المخضرم ترامب، بات يفكر وفق عقليته التجارية المعهودة، في إبرام صفقة إستثمارية مع التاريخ نفسه هذه المرة.
صفقة تؤهله لأن يضيف أسمه الي قائمة رؤساء الولايات المتحدة الذين خلدوا أنفسهم في سفر التاريخ، بلعبهم أدوارا مؤثرة ومهمة في إيقاف حروب معقدة علي مستوي العالم، أهلت بعضهم للحصول علي جائزة نوبل للسلام.
فترامب الذي ربح تحدي العودة للبيت الأبيض بعد معارك متطاولة مع الديمقراطيين، يبدو وكأنه بحاجة الآن لأن يقدم نفسه لشعبه وللعالم في صورة إستثنائية تلحقه بقوائم الرؤساء الخالدين في تاريخ العالم أو التاريخ الأمريكي علي الأقل.
وأعتقد أن محاولة ترامب في خطاب تنصيبه ترسيخ مفهوم أن عهدته الرئاسية الجديدة، ستكون بمثابة “عصر ذهبي” للولايات المتحدة، يؤكد أن ترامب يصوب انظاره نحو هدف بعيد، يذهب به الي حد التطلع لدخول السجل الذهبي في التاريخ الأمريكي.
بل أتصور أن فكرة أن يصبح ترامب بطلا من صناع السلام في العالم، تعد هدفا لا يمكن التنازل عنه لدي ساكن البيت الأبيض العائد من جديد، بحسبان أنها أحد المداخل المهمة لصناعة تاريخ إستثنائي للرجل.
وبطبيعة حال ترامب وشخصيته التي لا تقبل الهزيمة، أرجح ان يستخدم الرجل كافة أدوات القوة الي المح اليها في ذات الخطاب، للوصول الي وقف لحرب السودان بأسرع ما يمكن، لما بلغ طرفي القتال من رهق لا يخفي، ثم من بعد تأتي حرب أوكرانيا، من خلال رهان ترامب علي درجة مقبوليته عند الرئيس الروسي بوتين.