
مع تصاعد العنف في إقليم دارفور تفاقمت المعاناة الإنسانية والمعيشية للسكان العالقين والنازحين بصورة غير مسبوقة، وبات الموت يحاصرهم ويهددهم من جديد، لكن هذه المرة بالجوع وسوء التغذية وتفشي الأمراض والأوبئة القاتلة كوباء الكوليرا.
وتتمدد الكارثة الإنسانية أكثر في منطقة طويلة بشمال دارفور والتي تحتضن أكثر من مليون نازح فروا من منازلهم في مدينة الفاشر، وآخرون من معسكري “زمزم” و”كلمة” عقب تزايد عمليات القصف المدفعي والجوي، وكذلك انتهاكات المجموعات المسلحة.
جوع وأمراض
يقول المواطن السوداني معتز العالم الذي يقيم في معسكر منطقة طويلة لمنصة (مشاوير) إن “النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية مزرية، إلى جانب كل صور الانتهاكات لحقوق الإنسان، فضلاً عن تسجيل إصابات بسوء التغذية وسط الأطفال والنساء الحوامل، إلى جانب معاناة المرضعات وأصحاب الأمراض المزمنة في ظل عدم تلقيهم الرعاية الصحية.
وأضاف أن “الكوليرا باتت تفتك بالسكان بصورة يومية في وقت تنعدم فيه الأدوية، فضلاً عن غياب الكوادر الطبية، مما أدى إلى تسجيل حالات وفاة، إضافة إلى تدهور الحالة الصحية للمئات من النازحين.
ولفت العالم إلى أن “المساعدات الموجودة حالياً، هي التي تقدم بواسطة المنظمات الدولية والوطنية وغرف الطوارئ، إلى جانب السلطات المحلية، لكن وعلى رغم الجهود الكبيرة، فإن الحاجات المتزايدة تشكل ضغطاً كبيراً على المنظمات بحيث لم تعد القدرات المتاحة تكفي لمواكبة المتطلبات.
الكوليرا تفتك بالنازحين
إلى ذلك، حذرت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين بدارفور من التفشي المتسارع المخيف لوباء الكوليرا في دارفور، وعلى وجه الخصوص في منطقة طويلة بشمال دارفور التي تستضيف مليون نازح.
وقالت إن “عدد الإصابات التراكمية بالمنطقة وصل إلى “1074” حالة حتى (الأربعاء)، منها تسع وفيات و”190″ حالة في مراكز العزل.
وعزا المتحدث باسم المنسقية آدم رجال الأسباب الرئيسة لتفشي الكوليرا إلى نقص مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي، مما يسهل انتشار المرض بسرعة، إضافة إلى الظروف المعيشية المتردية لسكان طويلة خصوصاً ودارفور عموماً.
ولفتت المنسقية إلى أن “التأخير في التعاطي مع الوضع الكارثي سيزيد عدد الضحايا في المنطقة المنكوبة التي تمثل أكبر مراكز للنزوح في دارفور.
وفي جنوب دارفور الخاضعة لسيطرة “الدعم السريع”، أعلنت السلطات حالة الطوارئ الصحية بمعسكر “كلمة” للنازحين عقب تصاعد حالات الوفاة بسبب الكوليرا، ونقص الأدوية والإسعافات اللازمة.
استغاثة عاجلة
بدوره استنكر النازح بمعسكر “كلمة” علاء الدين فضل استهداف طرفي الصراع للمدنيين بمخيمات النزوح، على رغم معاناتهم وافتقارهم إلى أدنى مقومات الحياة من إيواء وماء وغذاء وعلاج والناموسيات، فضلاً عن أدوات الطبخ والملابس والصابون ومواد الصرف الصحي إلى جانب الدعم النفسي.
وأضاف في حديثه لمنصة (مشاوير) أن “منطقة طويلة التي تبعد عن الفاشر نحو 68 كيلومتراً باتت تمثل مركزاً لتجمع أكثر من “700” ألف شخص فروا من المدينة ومخيمي زمزم وأبو شوك، بخلاف من نزحوا منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، لذا فإن الأوضاع تنحدر نحو الكارثة بخاصة في ظل عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، إذ لا تلبي تدخلات المنظمات الوطنية حاجات العدد الكبير في المنطقة.
وأوضح فضل أن “السكان يعيشون بلا خيام، ولا يزال هناك نازحون في العراء نتيجة عدم توافر مواد الإيواء وهم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض خصوصاً الكوليرا التي باتت تنتشر بسرعة.
لافتاً إلى أن “الوضع يتطلب حلولاً عاجلة وجهوداً دولية ولا يحتمل التأخير.