أخبار

المخاوف قائمة لكن النازحون يفضلون مغادرة بورتسودان 

منتدى الإعلام السوداني

 حواء رحمة، بورتسودان، 6 يوليو 2025،

مركز الألق للخدمات الصحفية

مازالت الحرب مستمرة في السودان، ومازالت المهددات الأمنية قائمة على بعض الولايات الآمنة المكتظة بالنازحين، إذ عادت مسيرات قوات الدعم السريع مرة أخرى إلى سماء ولاية البحر الأحمر، العاصمة الإدارية المؤقتة، وتصدت المضادات الأرضية لعدد منها في الأسبوع الماضي وسط خوف وهلع النازحين في دور الإيواء والمقيمين بالمدينة التي سبق أن تعرضت إلى قصف بالمسيرات لأكثر من أسبوع، أدت إلى بعض الخسائر بمستودعات الوقود الاستراتيجية وأجزاء من الميناء الأمر الذي أدى إلى ارتفاع فوري في أسعار السلع الغذائية.

وضمن حالة النزوح الداخلي بسبب الحرب استقبلت ولاية البحر الأحمر نحو 239 ألف نازح (47 ألف أسرة)، منها (25 ألف أسرة) تعيش في الأحياء المضيفة، بينما تتوزع البقية على المساكن المستأجرة ودور الإيواء المفتعلة في المدارس.

الوضع الأمني المختل في المدينة دفع عددا من المواطنين لاتخاذ قرار مغادرة بورتسودان والعودة إلى مدنهم الأصلية التي نزحوا منها، وهو قرار محفوف بالمخاطر أيضا. 

عودة البعض

في الواقع، وبعد سنتين من النزوح، شهدت مدن الخرطوم والجزيرة وولاية سنار والنيل الأبيض وكردفان عودة بعض النازحين بعد أن سيطر الجيش على هذه المدن التي كانت في أيدي قوات الدعم السريع. 

واختار عدد كبير من النازحين العودة إلى مدنهم وقراهم برغم سوء الأوضاع المعيشة والخدمية والأمنية في بعضها، حيث ينطلق من مدينة بورتسودان يوميا ما بين 7 إلى 10 بصات متجهة إلى بقية الولايات. لكن المواطنة إسلام تقول إنها تفضل الهجرة بصحبة أولادها إلى خارج البلاد بدلا عن العودة إلى الخرطوم التي تنعدم فيها الخدمات، مشيرة إلى أنها تبحث عن المستقبل الأفضل لأبنائها التلاميذ.

وإزاء هذه العودة ارتفع سعر التذاكر السفرية من بورتسودان إلى الولايات الأخرى، ووصلتالتذكرة إلى 100 ألف جنيه للراكب، ونصف القيمة لشحن الحقائب والأمتعة الامر الذي أجبر العديد من الأسر على ترك أمتعتهم واضطروا المغادرة بدونها.

وحسب مشاهدات وإفادات لنازحين بأن النزوح لفترات طويلة عرضهم لضغوط مادية ونفسية كبيرة في ظل عدم وجود أي مساعدات إنسانية او إغاثة، وطالب عائدون إلى تلك الولايات بضرورة عودة الخدمات، مثل الماء والكهرباء والتأمين الشرطي خوفا من متلفتين في ظل انتشار السلاح.

ويتخوف المواطنون العائدون من حقيقة المعلومات التي تشير إلى أن أفراد قوات الدعم السريع كانوا يبيعون السلاح في أسواق كانت معروفة إبان سيطرتهم على بعض المناطق، ومن المحتمل أن تكون عصابات الأجرام قد امتلكت بهذه الطريقة أسلحة لتستخدمها في النهب والسلب تحت التهديد.

أسئلة لنازحين لكن دون إجابة

يواجه النازحون بمدارس بورتسودان ومن هم داخل الأحياء بأسئلة حول الأوضاع الأمنية في مدنهم ما إذا كانت مستقرة، وهل عادت الخدمات، وهل توجد مصادر دخل يومي. ومنذ يوليو الماضي يواجه بعض النازحين مطالبات السلطات بإخلاء المساكن، وهو مطلب يدخل الكثيرين في عنت كبير. 

وخلال المشاهدات فإن أغلب العائدين إلى المناطق التي استعادها الجيش هم من النساء والأطفال وكبار السن، بينما يفضل الشباب عدم العودة في الوقت الراهن خوفا من تدهور الأوضاع الأمنية مرة أخرى أو أن تطالهم الاتهامات. وقال الشاب أحمد عبد الله إنه يتخوف من العودة إلى مدينته لعدم توفر فرص عمل، وهو يعيل أسرة ما زالت عالقة بالخرطوم وتعمتد عليه في توفير المنصرفات، مشيرا إلى أن كثيرا من الشباب في سنه تعرضوا إلى الاعتقال من قبل قوات الدعم السريع السريع وفقدوا حياتهم داخل المعتقلات. 

من منطلق آخر تخشى الحاجة بخيتة (أكثر من 50 سنة) من إنهاء نزوح أسرتها في بورتسودان والعودة إلى الخرطوم، وتتخوف من مغبة تعرضهم لعمليات انتقامية متوهمة. تقول بخيتة: “مثل غيرنا، وجدنا أنفسنا في واقع الحرب، وتحملنا المعاناة والظلم، ولم نكن نتوقع أن يصل الأمر إلى التمييز القبلي بسبب حرب ليست لنا فيها يد.. أؤمن أن كل السودان وطننا.. في أي بقعة جغرافية.. نرفض الحرب ولا ندعم استمرارها”.

ارتفاع الأسعار يرهق الأسر النازحة 

بطريقة مباشرة، أجبرت الظروف المعيشية في بورتسودان عددا من الأسر النازحة على العودة وذلك نسبة لارتفاع أسعار السلع إذ بلغ سعر جالون المياه المالحة 1000 جنيه، و1500 لمياه الشرب الصافية، وكذلك يشتكي النازحون من ارتفاع رسوم العمليات الجراحية حتى البسيطة التي قد تصل إلى مليارات الجنيهات.

عودة إلى المخيمات

عاد بعض العائدين إلى ولاية الخرطوم إلى مخيمات النزوح بعد أن صدموا بالأوضاع البيئية والصحية وانتشار الأمراض في بعض مدن العاصمة الخرطوم، خاصة أم درمان التي تفشي فيها وباء الكوليرا بجانب انعدام الماء والكهرباء والتفلتات الأمنية بمناطق (شرق النيل) و(الحاج يوسف) وفضل الكثيرون البقاء في المخيمات حتى إنجلاء المهددات الصحية والأمنية .

أزمة السيولة 

تمثل فرصة وجود العمل والحصول على سيولة نقدية أكبر العقبات أمام الأسر العائدة. وبسبب بعض الإشكالات المتداخلة يتعذر فتح الحسابات المصرفية المتاحة للتداول في المعاملات المالية، ويواجه العائدون أو الذين يرقبون في العودة إلى ولاية الخرطوم تردي شبكات الهاتف المحمول وخدمات الإنترنت الأمر الذي يتسبب في توقف الحوالات المالية.

ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، تجاوز عدد النازحين داخليا 10 ملايين شخص بحلول منتصف 2025، فيما لجأ أكثر من 4 ملايين إلى دول الجوار. وأكدت منظمة الهجرة الدولية عودة أكثر من (1.189.893 ) نازحا داخليا إلى 20 محلية في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار، حتى نهاية مايو الماضي.

وترافقت هذه الأزمة مع انقسامات اجتماعية واتهامات من قبل أطراف الصراع للمواطنين بالتواطؤ، ولم يخل الأمر من التمييز العرقي والقبلي، مع غياب القانون وعدم تحقيق العدالة وحماية المدنيين، أو إعادة الخدمات الأساسية.

ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد (مركز الألق للخدمات الصحفية) في إطار عكس الأزمة الإنسانية ومعاناة النزوح وما يعتريها من تحديات، أمام التحدي الأكبر باتخاذ قرار العودة إلى مناطقهم، في غياب الخدمات الأساسية وإنهيار الأوضاع الصحية والأمنية ومخاوف انتقامية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى