انقطاع الكهرباء والمياه يقلق سكان الخرطوم ويهدد مستقبل الطلاب
أم درمان - تقرير - بخيتة زايد الصافي

يعيش السكان العالقين في العاصمة السودانية بمدنها الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري أزمة إنسانية خانقة باتت تؤرق حياتهم بسبب برمجة قطوع قاسية في الكهرباء تمتد إلى ساعات طويلة تصل إلى “18” ساعة، فضلاً عن شح مياه الشرب، مما أقلق كثيراً من المواطنين.
وأثرت هذه الأوضاع على الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وكذلك الأنشطة المنزلية والاقتصادية لآلاف الأسر، إضافة إلى الأثر المباشر في انقطاع إمداد المياه وزيادة المعاناة على المواطنين.
انعدام مصادر الدخل
تقول رحمة الحافظ الموظفة المعاشية لمنصة (مشاوير) إن “المعاناة اثقلت كاهل المواطنين نتيجة الصرف الإضافي على رغم نفاد المدخرات المالية، وذلك لشراء المياه والثلج رغم ضيق ذات اليد وانعدام مصادر الدخل، ولكن الحوجة لحفظ الأدوية يدفعهم لذلك.
وأضافت : نحن أصحاب الأمراض المزمنة نحتاج لحفظ الأدوية بخاصة الأونسلين، ومع القطوعات المستمرة تبقى الأزمة مستفحلة.
وتابعت : اضطررت لشراء الثلج لحفظ العلاج على رغم ارتفاع الأسعار، إذ بلغ سعر اللوح (20) ألف جنيه.
أزمة معقدة
من جهتها، تقول ربة المنزل سامية الطيب التي تسكن منطقة الثورات في أم درمان لمنصة (مشاوير) إن “مواطني المدينة يعيشون أزمة معقدة بسبب إنعدام الكهرباء، إذ باتت تؤرق حياتهم وتسهم في إفراز مشكلات أسرية نتيجة توقف مصادر تدبير لقمة العيش، حتى الأعمال البسيطة التي تدر رزقهم يوماً بيوم”.
وأضافت “منذ أن تُوفي زوجي وأصبحت العائل الوحيد لأفراد أسرتي، عزمت الاعتماد على نفسي ومواجهة عقبات الحياة، إذ ذهبت إلى أحد البنوك التي تمول الأسر وتدعم المشاريع الصغيرة، وعقب انتهاء الإجراءات اللازمة تسلمت مبلغاً من المال وقمت بشراء ثلاجة وبدأت أصنع الآيس كريم الذي يفضله عامة المواطنين، وبخاصة خلال فصل الصيف، وأصبح لي زبائن كثر، بالتالي وفر لي هذا المشروع الاستقرار الأسري إلى حد كبير.
وتابعت “أمضيت أعواماً في هذه المهنة، لكنها بدأت في التراجع وربما التوقف تماماً بسبب قطوع الكهرباء التي فرضت واقعاً قاسياً على الأسر، لا سيما أن معظم النساء الأرامل اللاتي يتحملن مسؤولية الأبناء ويعانين هشاشة اقتصادية يعملن في أعمال بسيطة من داخل منازلهن، تعتمد على الكهرباء بدرجة كبيرة تتمثل غالبيتها في مجال الأغذية والمشروبات ويقمن ببيعها داخل الأسواق والمدارس.
معاناة المرضى
فيما أوضحت سهى الطيب من منطقة شرق النيل في حديثها لمنصة (مشاوير) بأن “قطوع الكهرباء التي تمتد ساعات طويلة أفرزت مشكلات تتعلق بالأرواح، إذ أذهب يومياً إلى السوق لشراء الثلج الذي أصبح سلعة نادرة يصعب الحصول عليها لكثرة الطلب في ظل هذه القطوع الطويلة، وذلك بغرض حفظ جرعات الأنسولين حتى لا تتعرض للتلف.
وأردفت “أقوم بشراء كميات كبيرة من الثلج كل يوم وهي عملية مرهقة مادياً في ظل الأزمة الاقتصادية، لكن نعاني أيضاً مشكلة عودة التيار الكهربي لفترة ست ساعات والتي لا تكفي لعمل الثلاجات بكفاءة.
ولفتت المواطنة السودانية إلى أن “المعاناة أصبحت غير محتملة، وبات تسيير أمور الحياة من دون كهرباء أمراً مستحيلاً خصوصاً في المستشفيات الحكومية والمراكز الخاصة بالتحاليل والأشعات وغيرها.
مشكلات الطلاب
إلى ذلك، يواجه تلاميذ وطلاب المدارس أزمات عدة، منها شح مياه الشرب في المنازل والمدارس، إلى جانب مشكلات قطوعات الكهرباء.
يقول الطالب بالمرحلة الثانوية هاشم التوم لمنصة (مشاوير) : نواجه أزمة مياه الشرب في ظل ظروف صعبة للغاية، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة وظهور مرض (السحايا).
وأضاف : هناك مشكلة مستمرة في شأن مذاكرة الدروس اليومية، جانب الامتحانات بسبب أزمة الكهرباء القطوعات اليومية.
وتابع : هذه الأوضاع أثرت بشكل كبير في التحصيل الأكاديمي للتلاميذ والطلاب بالمراحل المختلفة.
انعدام المياه
تعتمد الخرطوم على 20 محطة بينها 13 عادية وسبع محطات ضغط، فضلاً عن 1400 بئر جوفية، وجميعها توقف عن الخدمة بسبب القصف العشوائي ومواجهتها تحديات متمثلة في عدم تمكن فرق الصيانة من الوصول إليها، إلى جانب شح مستلزمات التنقية، مما جعل السكان يصطفون في طوابير طويلة للحصول على المياه من آبار قديمة، في حين ولدت الأزمة سوق سوداء لبيع المياه بأموال طائلة.
يقول المواطن حاتم سعد أحد سكان منطقة الصالحة في أم درمان خلال حديثه لمنصة (مشاوير) “نعيش كارثة إنسانية متفاقمة بسبب العطش، وأصبح ليس لدينا سبيل غير جلب المياه من النيل مباشرة على رغم المعاناة من جهة والمخاطرة من جهة أخرى بسبب تلوث هذه المياه جراء اختلاط مياهه بالصرف الصحي، فهناك عدد من الحالات التي أصيبت بالكوليرا.
وأضاف “المشكلة الكبيرة في مياه الشرب أجبرت السكان على قطع مسافات طويلة لجلب المياه بواسطة عربات صغيرة معروفة شعبياً بـ” بالدرداقة” من الآبار القديمة، التي شُغلت بمجهودات الأهالي والجهات الرسمية قبل توقف الكهرباء بشكل تام، وذلك لمنع استغلال البائعة الجائلين بعربات الكارو التي يجرها الحمار، إذ يبيعون البرميل بسعر 12 ألف جنيه سوداني (ما يعادل ستة دولارات).
وتابع : السكان في ولاية الخرطوم ظلوا يعملون ليل نهار في البحث عن المياه النظيفة، على رغم صعوبة توفيرها من أماكن بعيدة وفي الغالب تكون سيراً على الأقدام، لكن من المؤسف ظهرت بعض الأمراض بسبب جلبهم مياهاً من آبار مهجورة بعدما نضبت كل مصادر المياه، إذ لم تُنقَّ مما يقارب عامين.