تقارير

الحصار وتصاعد المعارك يضاعفان معاناة سكان جنوب كردفان الإنسانية 

كردفان - تقرير - برعي الأبنوسي

أسهم تصاعد المعارك في ولاية جنوب كردفان، إلى جانب إغلاق الطرق الحيوية نتيجة الحصار من قبل الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، في تفاقم الأزمة الإنسانية لسكان مدينتي كادوقلي والدلنج بصورة غير مسبوقة خصوصاً بعد ندرة السلع الغذائية في الأسواق، وكذلك انعدام السيولة النقدية وانحسار المتداول منها، إضافة إلى انقطاع الأدوية المنقذة للحياة إلى جانب المعينات الطبية. 

وبات الجوع والمرض يحاصران المواطنين بشكل يومي، الأمر الذي أدي إلى حدوث وفيات عدة وسط الأطفال والمسنين وأصحاب الأمراض المزمنة، فضلاً عن معاناة مرضى الكلى والسرطان بسبب انعدام الأدوية وصعوبة التنقل والسفر إلى الولايات الآمنة.

 

قصف وأزمات 

يقول هارون تيه من مواطني مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان لمنصة (مشاوير)، إن “الوضع فاق حدود الاحتمال، خصوصاً مع استمرار القصف العشوائي على الأحياء السكنية من قبل الحركة الشعبية وتزايد أعداد الضحايا والجرحى، إضافة إلى أزمة الغذاء نتيجة إغلاق الطرق وتوقف إمدادات السلع والبضائع والأدوية.

وأضاف : القصف المتكرر أجبر مئات الأسر على النزوح إلى مناطق الدلنج والكرقل وأبوجبيهة بحثاً عن الأمن والحياة وسط ظروف إنسانية صعبة خصوصاً بعد نفاد المدخرات المالية وتوقف الأعمال. 

وأوضح تيه أن “السكان الموجودين في عاصمة ولاية جنوب كردفان يعانون أوضاعاً اقتصادية قاسية، إذ نفد كثير من السلع الضرورية مثل الدقيق والزيوت والرز والعدس، إلى جانب البصل المكون الرئيس في كل طبخة الوجبات السودانية. 

وتابع : استغل التجار الظروف الحالية لرفع الأسعار لأعلى معدل واحتكار البضائع وتخزينها لإحداث ندرة في الأسواق ومن ثم بيعها بمبالغ خيالية.

 

مجاعة حقيقية 

من جانبه، أشار محمود عليش، أحد مواطني مدينة الدلنج بجنوب كردفان، إن “الأوضاع المعيشية والإنسانية باتت متردية، ودهم الجوع غالبية السكان، ومعظم الجيران خلال يوم كامل لا يتناولون وجبة واحدة، واضطر العشرات إلى جمع أوراق أشجار المانغو والليمون والجوافة مع إضافة بعض الملح والبهارات وتقديمه كوجبة من أجل سد الرمق، لا سيما بعد ارتفاع أسعار الذرة والقمح لأرقام قياسية. 

وأكد في حديثه لمنصة (مشاوير) أنه “في ظل الحصار المستمر، أكثر من عام، توقفت إمدادات السلع والمواد الغذائية من ولاية شمال كردفان بسبب إغلاق الطرق، كما أن الحصول على البضائع من منطقة النعام الحدودية مع جنوب السودان أمر في غاية الصعوبة نظراً إلى تعرض التجار للنهب والسلب وكذلك الاعتقال من المجموعات المسلحة. 

ونوه عليش إلى أن “حالات الإصابة بأمراض الحميات وسوء التغذية والملاريا ارتفعت بصورة ملحوظة إلى جانب بعض الأمراض المعدية المنقولة عبر المياه، وانتشار الالتهابات الرئوية وسط الأطفال والكبار، فضلاً عن انعدام الرعاية الصحية.

 

أكل أوراق الشجر 

أم الحسين بابكر التي نزحت مع أسرتها إلى منطقة الكرقل جنوب الدلنج، أوضحت أنه “مع الندرة الكبيرة في السلع الغذائية التي تسبب فيها الحصار، تتصاعد أسعارها بشكل يومي وجنوني لا يمكن تخيله، خلال وقت نفدت فيه المدخرات المالية لغالبية السكان.

وعبرت بابكر، عن أسفها لعدم استجابة أطراف الصراع لكل النداءات والدعوات الدولية والأممية المتكررة بعدم استخدام التجويع و الغذاء كسلاح، إلا أنها جميعاً لم تجد آذاناً مصغية، لدى الأطراف المتحاربة متجاوزة كل حدود الإنسانية والأخلاق والأعراف والقوانين الدولية.

ونوهت في حديثها لمنصة (مشاوير) بأن “الحركة الشعبية – شمال ظلت تطلق أعداد كبيرة من القذائف المدفعية صوب مناطق عدة بولاية جنوب كردفان، مما أسفر عن سقوط ضحايا وتدمير عدد من المنازل. 

وتابعت المتحدثة “أضطر بعض السكان إلى جمع أوراق شجرة اللالوب بغرض طبخه مع إضافة بعض الملح والبهارات وتقديمه كوجبة شبه يومية، على رغم مرارة طعمه وصعوبة هضمه أحياناً. 

 

فشل الموسم الزراعي 

وفي مشاريع منطقة هبيلا بولاية جنوب كردفان تسببت هجمات الحركة الشعبية – شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو في زعزعة الموسم الزراعي بعد أن فتحت جبهة للقتال بالإقليم، وأسهم الوضع الأمني في تدهور القطاع بصورة جعلت المزارعين يزهدون في ممارسة النشاط الزراعي، وسيطر القلق والخوف على المواطنين خشية التعرض للموت.

وتفاقمت المعاناة عقب إغلاق طريق كادوقلي الدلنج، مما أدى إلى أزمة كبيرة في الوقود، وتقليص الرقعة الزراعية وعجز في التمويل، فضلاً عن خروج تسع محليات من دائرة الإنتاج، وهي هبيلا والدلنج ودلامي والقوز والريف الشرقي والكرقل وأم دورين وهيبان وبرام.

على الصعيد نفسه، وصف المزارع عبد الله السيد الموسم الحالي بالفاشل نتيجة خروج عدد كبير من محليات ولاية جنوب كردفان من دائرة الإنتاج بسبب الوضع الأمني عقب سيطرة “الدعم السريع” على منطقة هبيلا. 

وأشار إلى أن “إغلاق طريق كادقلي الدلنج من قبل الحركة الشعبية أسهم في تفاقم أزمة الوقود وتسبب في تقليص المساحات، فضلاً عن فشل مزارعين كثر في الوصول إلى وجهات عملهم خشية التعرض للموت أو نهب وسلب معداتهم الزراعية.

ولفت السيد إلى أن “الولاية مقبلة على مجاعة نظراً إلى اعتمادها بشكل كامل على مشاريع “17” محلية، خرجت أكثر من نصفها من دائرة الإنتاج، علاوة على عدم تمكن مئات المزارعين المقتدرين اقتصادياً، والذين يعول عليهم الإقليم في إنجاح الموسم من اللحاق بالموعد المناسب المرتبط بهطول الأمطار وممارسة النشاط الزراعي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى