مقالات

كَرشـوم الوطَـني الوَحِـيد في تَشكِيلَة الهِــلال

محمد عبد الماجد

انتهت أولى تجارب الهلال الإعدادية أمس أمام شاموجا التنزاني بالتعادل السلبي، وهي نتيجة جيدة، لكن أنا على قناعة أنّ جماهير الهلال في ظل الأسماء التي يمتلكها الهلال والجهاز الفني الذي يقود الفريق، كانت تتوقع أن تنتهي نتيجة المباراة على الأقل برباعية، رغم الأسماء التي يفتقدها الهلال، ولكن في وجود الأسماء التي تعاقد معها في الفترة الأخيرة، كان الجميع يتوقع نتيجة أفضل، وهنا أشير إلى أهمية الإدراك التام أنّ الهلال يحتاج لبعض الوقت للوصول إلى درجة من التفاهم والانسجام، حيث تعاقد الهلال حتى الآن مع (9) لاعبين، منهم (4) وطنيين و(5) أجانب، شاركوا جميعًا في المباراة، عدا مازن فضل، وينتظر أن يتعاقد الهلال على الأقل مع ثلاث أو أربع صفقات أخرى، من بينهم بشكل مؤكد السوداني محمد المصطفى والليبيري إيمانويل، هذا العدد يحتاج إلى وقت حتى يصل إلى الفورمة الفنية المطلوبة والتجانس الكامل، علماً بأن طريقة اللعب وأسلوب الهلال الفني أيضاً سوف يتغيّر في ظل التعاقد مع جهاز فني جديد، بالتأكيد لن يلعب الهلال بالطريقة التي كان يلعب بها فلوران، وهذا يعني أنّ الهلال فعلاً في حاجة إلى الوقت ولتجارب رسمية وودية حتى يخرج الفريق كل ما عنده ويُكشِّر عن أنيابه لخصومه.

وهنا تظهر خطورة مواجهة الهلال مع الجاموس الجنوب سوداني والتي تبقت لمواجهته ذهاباً في جنوب السودان ثلاثة أسابيع فقط، نتمنى أن تكون مباريات الهلال في بطولة سيكافا كافية لوصول الهلال للمستوى الفني المقبول أو حتى الحد الأدنى من المستوى المأمول.

عليه، فإنّ الهلال في الفترة القادمة مطلوبٌ من جهازه الفني تكثيف العمل وإعلان حالة الطوارئ، كما أتمنى عودة كوليبالي لمواصلة مسيرته مع الهلال، إذا انقطع حبل الوصل بين الهلال والسنغالي إيمي، الذي قلّت حاجة الهلال له في ظل زحمة الوسط، وعدم وجود الرغبة لدى اللاعب للمواصلة مع الهلال.

أعود إلى تجربة الهلال أمس أمام شاموجا، ونستخلص منها بعض العناوين التي تكشف دائماً عن الجواب.

شهدت تشكيلة الهلال في أولى مبارياته الإعدادية أمس، ظاهرة فريدة تحدث لأول مرة في الهلال، وهو خوضه مباراته أمام شاموجا التنزاني بتشكيلة كلها من الأجانب عدا اللاعب مصطفى كرشوم الذي كان هو الوطني الوحيد في التشكيلة، وإن أُتيحت الفرصة أثناء المباراة لعماد الصيني وحسن إسماعيل وياسر الفاضل وعلي عبد الله أبوعشرين وفخري سليمان.

كرشوم استطاع من الوهلة الأولى أن يقنع مدربه الروماني ريجيكامب ليكون الوطني الوحيد في تشكيلة الهلال التي بدأ بها المباراة أو بدأ بها الهلال موسمه، كما كان كرشوم هو من بين اللاعبين الذين أكملوا المباراة ولم يتم استبداله، حيث أجرى المدير الفني (6) تبديلات، بعد أن أشرك ريجيكامب (5) وطنيين، ليصل عدد الوطنيين الذين شاركوا في المباراة إلى (6)، منهم كرشوم الذي بدأ المباراة وأكملها، أما عدد الأجانب الذين شاركوا في المباراة، فقد كانوا (11)، منهم (10) أجانب بدأوا المباراة، وشارك في الشوط الثاني البورندي كريم كومانا الذي يجري فترة اختبارات مع الهلال ولم يقيد في كشوفات الفريق بعد.

الوجود الأجنبي في تشكيلة الهلال يبدو منطقياً لوجود عدد كبير من لاعبيه مع المنتخب السوداني المشارك في نهائيات (الشان)، حيث يوجد (10) لاعبين مع منتخب السودان، بينهما اثنان أبعدتهما الإصابة من المشاركة مع منتخب بلادهما وهما القائد محمد عبد الرحمن وعلي عبد الله كبه، إلى جانب أحمد عصمت كنن الذي تكتنف إصابته الغموض في ظل عدم وجوده مع المنتخب ومع الهلال، دون الإعلان عن شئ رسمي عنه بعد أن تعرض لإصابة في مباراة الهلال والتقدم بورتسودان (الحبية)، بعد انسحاب المريخ من نهائي كأس السودان، علماً بأنّ اللاعب تم اختياره للمنتخب كحال المصابين الذين تم اختيارهم للمنتخب قبل انطلاقة بطولة (الشان).

المفاجأة الثانية في تشكيلة الهلال أمس، كانت في وجود الليبيري الموهبة الأفريقية إيمانويل لومو الذي لم يكمل الهلال تسجيله حتى الآن، لأنه دون الـ18 عاماً، ليشارك مع الهلال قبل أن يعلن عن انضمامه لبعثة الهلال في دار السلام، وهو بهذا دخل القش من غير ما يقول كش.

إيمانويل بعيداً عن موهبته وإمكانياته العالية التي لا نستطيع الحكم عليها، إلا من خلال الذين نقلوا لنا ذلك يمتلك بنية جسمانية جيدة، وهو مستقبل مهاجم سوبر، ربما ينطلق من الهلال إلى الدوريات الأوروبية، خاصة أنه لم يكمل بعد الـ18 عاماً.

يعني المباراة القادمة وعلى طريقة إيمانويل لومو وكريم كومانا لو شفنا محمد المصطفى في المرمى ما تستغربوا.

ما أردت أن أقوله على ضوء التشكيلة التي أعلن عنها المدير الفني للهلال، إنّ قناعة المدرب تبدو كبيرة بالوطني مصطفى كرشوم والليبيري إيمانويل لومو.

نتحدث عن تجربة من منطلق التشكيلة التي خاضت المباراة ومن خلال اللقطات المحدودة التي قدمتها الصفحة الرسمية للهلال كملخّص للمباراة. 

وهنا أتوقف عن الجدل أو الغضب الجماهيري بسبب عدم نقل مباراة الهلال وشاموجا على منصات الهلال بمواقع التواصل الاجتماعي.

تحدث الأخ الدكتور علي عصام، على قرار الجهاز الفني أو دائرة الكرة حول عدم بث مباراة الهلال وشاموجا التنزاني، وكتب معترضاً على هذه الخطوة، ومع ترقب الجماهير وشوق الناس لرؤية المحترفين الجدد والجهاز الفني الجديد للهلال، شاع على مواقع التواصل الاجتماعي اعتراضات وصلت حد الغضب لهذا الحرمان (يا الحرموني شوفتك).. ومع احترامي لهذا الغضب إلا أنّني أرى أنّ قرار عدم البث صحيحٌ، وذلك لعدة أسباب:

أولاً: جمهور الهلال انطباعي وسوف يصدر أحكامه مبكراً، ونحن أيضاً في الإعلام نفعل ذلك ونتحدث سلباً أو إيجاباً عن العناصر الجديدة التي انضمت للفريق، إما بشئ من الإحباط أو بشئ من التهويل، إلى جانب أنّنا جميعاً سوف نصدّر أحكامنا عن الجهاز الفني الجديد للهلال وسوف تقدم أو تفرض بعض الصفحات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي انطباعاتها من أول مباراة تجريبية للهلال.. يمكن لنا أن نوافق على تصدير الانطباعات بعد اكتمال مرحلة الإعداد، وإن كانت تلك الانطباعات في الغالب لا تكون صائبة. لكن على الأقل الانطباعات سوف تقدم بعد أن يكون الجميع وقف على مستوى الهلال.

ثانياً: هنالك سببٌ آخر يدعم قرار عدم بث المباراة، حيث شارك مع الهلال في مباراته أمام شاموجا الليبيري إيمونايل قبل قيده في الكشوفات ولحمايته من الوكلاء والسماسرة يفضّل عدم بث المباراة التي يشارك فيها ـ خاصةً إذا كان اللاعب موهبة فذة كما يتحدثون، إلى جانب ذلك، الهلال يجري اختبارات للاعب البورندي كريم كومانا والذي شارك هو الآخر في المباراة، ولاختبار هذا اللاعب فنياً يجب أن يكون بعيداً عن الإعلام والجمهور، حتى لا يحدث تأثير إيجابي أو سلبي على الصفقة من قبل الإعلام والجمهور.

الغريب إننا حتى مع أن المباراة لم تُنقل على المنصات الرسمية للهلال ـ مع ذلك نحن نكتب ونحلل، ولا أعرف كيف كان سوف يكون الوضع لو أن المباراة كانت منقولة ـ كنا سوف نجد أحكاماً مطلقة حول نجاح لاعب أو فشله من أول مباراة وهذا خلل نحن نشارك فيه، بل نتسابق عليه.

الدكتور علي عصام تحدث عن أنّ كل الأندية تنقل مبارياتها الإعدادية، وإنّ التكتم وعدم بث المباريات أمرٌ لم يعد مجدياً ـ ونتفق معه في ذلك، لكن في المباريات التجريبية الأولى، أو التي تكون من أجل الاختبارات لا يتم النقل ـ النقل التلفزيوني يحدث بعد ذلك عندما تدخل التجارب الودية المرحلة الثانية، وهو ما سيحدث لمباريات الهلال في سيكافا، فهي يخوضها الهلال من أجل الإعداد، لكن تلفزيون عزام ومنصاته الاجتماعية سوف تنقل البطولة، أضف إلى ذلك أنّ الأندية الكبيرة عندما توافق على نقل مبارياتها التجريبية تفعل ذلك مُجبرةً، مثلما سيحدث للهلال في بطولة سيكافا وهي بطولة يتحكم في نقلها تلفزيونياً العائد المادي الكبير الذي يعود لاتحاد سيكافا والجهة المنظمة.. وهو نقلٌ يتم عبر شركات تلفزة ورعاية.

أنا أقدِّر لهفة الجمهور والإعلام وشوقه لرؤية الهلال بعد تحديث الحالة، لكن كلنا إعلاماً وجمهوراً، يهمنا في الطور الأول مصلحة الهلال، وبما أنّ مصلحة الهلال في عدم النقل، فإنّ ذلك الأمر لن يضيرنا في شئٍ، خاصةً أنّ تجربة الهلال الإعدادية الأولى عادية، وهي في طور التمرين أو التجريب الذي يفتقد للمنافسة والإثارة، وأعتقد أنّ نقل هذه المباراة كانت سوف تجعلنا نحمل الأمور أكثر مما تحتمل. 

في السابق وربما مازلنا نحن نفعل ذلك، نكتب عن تألق لاعب في التمرين وعن تسجيل هدف عجيب في تمرين، وكنا ومازلنا نكتب عن الخطط والأساليب التي يتبعها المدير الفني في المران، لدرجة أننا كنا إذا حدث اشتباكٌ أو نرفزة ملعب بين لاعب وزميله في كرة مشتركة في تمرين رئيسي لمباراة، كنا ننقل هذا الحدث للصحف، وربما نزيد فيه.

هذا كان يحدث أيام الصحافة الورقية، وإذا قسنا الأمور على مواقع التواصل الاجتماعي الآن سوف نجد أنّ الأوضاع أصعب، والسباق والتنافس اصبحا حول نقل أدق التفاصيل وأكثرها خصوصيةً ـ ونحن نتحدث عن المهنية وعن من حق الإعلام أن ينقل، وننسى أنّ من حق الجهات المسؤولة في الأندية أن تمنع وتحرم، خاصةً التفاصيل المتعلقة بالتسجيلات والتحضيرات الأولية، وللإعلام أن يجتهد في تقديم المعلومة والخبر للقراء بوسائله وطرقه الخاصة.

الآن إذا تحدّثنا بصورة فيها تفخيم وإعجاب ودهشة عن الموهبة الليبيرية إيمانويل، ألا نساعد بذلك في الترويج للاعب قبل التوقيع معه، وقد نتسبب في دخول منافسين وسماسرة ونفتح لهم مجال المزايدة والمغالاة، وربما اللاعب نفسه يشعر بأنه (معجزة) ويرفض التوقيع أو تزيد طلباته، كما يفعل إيمي وكوليبالي مع الهلال الآن رغم محدودية مشاركتهما مع الفريق في الموسم الأخير. 

علينا نحن في الإعلام أن نجتهد، ويحفظ للزملاء الإعلاميين اجتهادهم من أجل تقديم خدمة خبرية جيدة للقراء، ووضع المشجع في الصورة، ولكن هذا لا يجعلنا نغفل أن من حق الجهاز الفني ودائرة الكرة أن تتبع النهج الذي تراه مناسباً لنجاح الفريق، وما فعله الهلال عن عدم نقل مباراته الأخيرة تفعله أندية كثيرة، آخرها رفض الجهاز الفني للأهلي نقل مباراته الإعدادية الأخيرة قبل انطلاق الدوري المصري أمام بتروجيت، وقد منع الجهاز الفني للأهلي حتى قناة الأهلي من نقل لقطات عن المباراة التي تعادل فيها الأهلي 2 / 2، رغم أن قناة الأهلي تكسب ملايين الجنيهات إذا نقلت المباراة.. وكان الجهاز الفني للأهلي قد سمح لفضائية النادي بنقل تجاربه الإعدادية في معسكر تونس ولكنه منع نقل التجربة الأخيرة للفريق أمام بتروجيت لتقديرات تخصهم.

الآن أشعر أننا في إعلام الهلال نمارس غزلاً مفرطاً، ونرفع من سقف الطموحات ونزيد الضغوط على الفريق، وأتحدث في ذلك عن نفسي، وننقل كل التفاصيل بشكل قد يضر الفريق ـ هذا الأمر مقبولٌ قبل بداية التنافس، ومشروعٌ لكل الناس، لكن بعد بداية التنافس أو الاقتراب من ذلك يجب أن نخفف من الضغوط والطموحات والأحلام الوردية التي نضعها حول الفريق.

الأهلي المصري وأنا أحب التمثل به، لأن واقعه قريب من واقعنا، أنجز في هذا الموسم أعظم تسجيلات في تاريخ الفريق، وكان هنالك سخرية من حال الزمالك واستهزاء بتسجيلاته، بعد مضي أربع جولات في الدوري المصري يتصدر الزمالك الآن الدوري المصري ويقبع الأهلي في المركز السادس ـ لا نشك في أن الأهلي قادرٌ للعودة إلى الصدارة والفوز بالدوري، ولكنه لن يحدث ذلك إلا بعد أن يتحرّر من الحالة الحالمة والطامحة التي وضعه فيها إعلامه وجماهيره.

علينا أن ننتبه ـ وعلينا أن نُوقف حالة الغزل والحلم التي نحيط بها الهلال ـ لأننا دخلنا ساعة الجد ـ وفي ساعة الجد، الحساب سوف يكون بالعمل وليس بالكلام.

متاريس

اعترف أنّني لا أستطيع أن أمسك نفسي أو قلمي من حالة النشوة التي يضعني فيها الهلال.

لكن دائماً، نحن نقول إنّنا نكتب لقارئ واعٍ ومُدرك.. لذلك على القراء الكرام الفصل بين أحلامنا وواقعنا.

نحنُ من عشقنا للهلال نتعامل معه كحلم لا واقع، نرفعه ونجرده من الواقعية، وهذا أمرٌ قد يضر الهلال.

مازلت في انتظار الإعلان عن تعاقد الهلال مع محمد المصطفى أو التعاقد مع المهاجم السوبر أو إيمانويل لأملأ الأرض فرحاً.

ولا بقدر أمسك نفسي من ذلك.

في مرحلة النخبة لم يفق الهلال إلّا بعد الخسارة من الأمل والتعادل مع حي الوادي.

بعد الفوز بالدوري الموريتاني، وضعنا الهلال في حتة تانية، وتسبّب ذلك في أنه أصبح في حالة غفوة، حتى إنّ إدارة الهلال كانت لا تنوي استدعاء الأجانب.

مواجهة الجاموس تحتاج الى وعي إعلامي ووعي الجماهير قبل وعي اللاعبين.

دخلنا مرحلة الجد.. والجد الله أكبر عليه، والله أكبر على الجد.

وهنا لا بد أن نلوم الهلال وقطاعه الرياضي ومكتبه الإعلامي على مشاركة إيمانويل وكريم مع الهلال قبل الإعلان عن انضمامهما على الأقل لمعسكر الهلال.

ليس جميلاً في حق الهلال أن يتفاجأ الجمهور بمشاركتهما في مباراة دون أن تكون هنالك خلفية رسمية عنهما لدى الجماهير.

ويُحسب للإعلام المجتهد في التسريبات التي نشرها عن وجود اللاعبين في معسكر الهلال دون أن يتم الإعلان الرسمي عنهما.

هذه نقطة تُحسب للإعلام، وتُؤخذ على القطاع الرياضي في الهلال والمكتب الإعلامي ودائرة الكرة، وإن كانت دائرة الكرة والمركز الإعلامي ملزمين بتوجيهات المجلس وهما لا يملكان حق الإعلان. 

ومازلنا نطالب من إدارة الهلال أن تتعامل مع الإعلام والجمهور بشفافية في مثل هذه الأمور.

عدم الإعلان عن التعاقد مع محمد المصطفى حتى الآن أفسد فرحة الجمهور بانضمام اللاعب للهلال.

أنا ما عارف الناس ديل مُنتظرين شـــنو؟

 

… 

ترس أخير: كِـدَا الفكــرة إن شاء الله تكُـون وصلَـت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى