مقالات

العودة للعقل أم الانهيار الكاسح للدولة

صلاح شعيب

بسقوط كامل إقليم دارفور في أيدي الدعم السريع تكون الأزمة السودانية قد دخلت في تحول تاريخي جديد، خصوصاً بعد انتشار فيديوهات الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبها بعض جنوده ضد أسرى قوات المشتركة، والجيش، والمواطنين. 

 

العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة على صعيد الحرب هو المزيد من التصعيد في حال اعتماد القادة تهور العاطفة بديلاً عن هدوء العقلانية. 

 

المسؤولية لا تقع فقط على كاهل صفوة الطرفين المتحاربين فقط، وإنما أيضا على كل الأرضيات المجتمعية التي تدعمهما جهراً، أو استتاراً.

 

فالخاسر من استمرار الحرب ليس فقط دائماً الجنود، والمواطنين، ولكنها منذ أن اندلعت أثرت على كل بيت سوداني، وخطفت أرواح عزيزة هنا وهناك، وأوجدت أكبر كارثة إنسانية في العالم. وفوق كل هذا دمرت الحرب البنيات التحتية، والتي غالبها لم يتطور منذ أن ترك الإنجليز حكم السودان.

 

حتى الآن هناك فسحة لدى سلطة بورتسودان، وداعميها، للاحتراز من استمرارية الحرب عبر التوافق على التفاوض سبيلاً للوصول إلى تسوية. ومهما كانت اشتراطات بورتسودان لتوقف الحرب فإن الدخول في تفاوض مباشر بدعم الرباعية سيتيح لها إثبات جديتها على إنقاذ أرواح السودانيين. والبرهان بيده الأمر لإنقاذ البلاد لو أثبت حقيقة استمساكه بالقرار وحده.

 

الدعم السريع – من جانبه – محتاج بعد انتصاراته الأخيرة محاسبة مرتكبي جرائم الفاشر علنياً، وتجديد جديته بالفعل للتوصل إلى سلام، وإلا تأخذه هذه الانتصارات للمضي قدما في استلاف تعنت خصومه، وذلك بهدف تمديد رقعة الحرب خارج مناطق سيطرته الحالية.

 

في هذه الفسحة الزمنية بين الآن وبين إمكانية وقف إطلاق النار الضرورة تتطلب من كل أطراف الحرب وداعمي الطرفين من الاعتبار مما جرى، خصوصا أن الكثير من المراقبين أكدوا استحالة انتصار طرف على آخر. 

 

النخب المتعلمة، والمثقفة، بقطاعاتها الجغرافية، والقبلية، والأيديولوجية كافة، بحاجة إلى تجاوز الاحتيال بانحيازاتها الجغرافية، والنظر بعين الشمول للمأساة الوطنية التي قد تنفجر أكثر لنشهد اندثار وحدة البلاد للأبد.

 

طبعاً البديل عند تجاوز العقلانية سوف تتكرر هذه الانتهاكات الفظيعة من الطرفين، والتي بخلاف أنها تحصد أرواح المقاتلين، فإنها تطال المواطنين الأبرياء. ولا ندري كم من مئات آلاف من السودانيين سيقتتلون في هذه الحرب قبل جلوس الطرفين للمفاوضات، أو انتصار طرف على آخر بشكل حاسم؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى