
في خطابات قائد مليشيا الدعم السريع، يظهر حميدتي وهو يتحدث عن الدين وقال تعالى، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام، مدعياَ الخشوع والزهد والتقوى، بعد كل هذه الفظائع التي يرتكبها هو بنفسه وترتكبها قواته الجائرة، وهو يدعو الى الديمقراطية والحرية، ويقوم بما لم يقم به جيش الاستعمار ولا حملة الدفتردار الانتقامية، ولا يخجله ذلك التناقض الذي يجمع فيه بين (شعارات) الإسلام و(افعال) كفار قريش، حميدتي يدعو جنوده إلى الجهاد في المواطنين، وينادي عليهم حي على القتال ضد شعب أعزل لا حول ولا قوة له، يشاهدهم وهم يُقتلون ويُسلبون ويُنهبون، وليس له في إدانة ذلك غير أن يتهم مندسون يشفشون باسم قواته، وهو يدرك أن قواته من القتلة والمجرمين السفلة، إن الآخرة التي يدعي دقلو العمل من أجلها، ليس لهم منها غير (جحيمها) بإذن الله، وإنّ القبور التي أرسلها لها عددا كبيرا أبناء هذا الشعب قهراً سوف تكون في انتظارهم لتدكهم دكاً، فإن مات حميدتي فقد هُلك وأنّ كان حياً يرزق فسيُهلك، فهو لم يزداد إلا إثماً، والله أن هالكه في بداية الحرب كان خيراً له من أن يحمل وزر هؤلاء الأبرياء العُـزّل، الذين تفرقوا في مشارق الأرض ومغاربها، بعضهم تحتها وبعضهم فوقها، ومن كان على ظهرها ليس بأفضل حال ممن كان في بطنها بسبب هذا الذي يفعلون، وحميدتي مثل الكلب الذي يلهث في الحالتين، ميتاً أو حياً، في السلطة هو أو خارجها، يقول تعالى في سورة الأعراف 176 (وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُۥۤ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَیۡهِ یَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ یَلۡهَثۚ ذَّ ٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۚ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ).
فعن اي دين يحدثنا هذا الهالك الحي أو الميت الهالك؟!
لقد دخل حميدتي للسلطة كقائد (خلوي)، وقبل ذلك كان تاجراً (رعوياً)، ثم أصبح قائداً (عسكرياً)، ثم (مدنياً)، ثم صار خبيراً وفيلسوفاً وعالماً، يتحدث في السياسة والأمن والاقتصاد والصحة والرياضة وعالم الفضاء.
أما ذلك الهالك الصغير الذي يبحث عن دور حتى بين الجثث أو موطئ قدم في الأنقاض وهو قد ظهر في أكثر من مقطع فيديو يوجه سلاحه ويطلق الرصاص على أسرى تجاوزوا الأربعين أرداهم قتلة جميعاً، فإنّ حسابه في هذه الدنيا قبل الآخرة سوف يكون عسيراً، وإنّ مصيره لن يكون أرحم من مصير جثة سوف تتعفن ويعافها بغاث الطير والدود، فاللعنات التي قصدته قادرة على أن تدك جبلاً، ناهيك عن هر ليس لها منها غير النواء، هذا الغل الذي يحملونه لوحده كفيل بالقضاء عليهم، وهو مثلما حوّلهم إلى حيوانات مفترسة بلا رحمة، سوف يُحوِّلهم إلى جثث هامدة عما قريب، وليس في الأرض جريمة يمكن أن تكون أسوأ من ذلك وهم يُروِّجون لها ظناً منهم أن في ذلك بطولة أو انتصاراً.. لقد ظللنا نحذر من خطاب الكراهية، وكنا كثيراً نتجنب مثل هذه الفيديوهات حتى لا نزيد من مساحة الغبن، لكنهم يفعلون، يرتكبون جرائمهم الفظعية ويُروِّجون لها، وينشرونها في فيديوهات، من أجل أن يكون الغل في النفوس أكبر، فقد قصدوا أن يسدوا أي باب للتسامح والعفو والسلام، مع ذلك لن نتخلى من دعوتنا فنحن لسنا من دعاة (بل بس)، ولن نكون كذلك نرفع شعارات الحرب ونحن خارج البلد، لنثقل على أبناء الوطن بالداخل ونُعرِّضهم للموت والمرض والذل، إن كنا دعاة حرب فإنّ أول ما سنفعله هو أن نشاركهم المعاناة، لا أن نشاركهم (البوست)، إن لم نحارب معهم جنباً إلى جنب، سوف نكون معهم في الوطن ولن نهرب من الرصاص والموت والمرض وقطوعات الكهرباء، ونكتفي في حربنا تلك بأن نرفع فقط شعاراتها كما يفعلون، وأن يدعو إلى (بل بس)، وكأن نصيبهم من الجهاد ذلك، وهنا اعود وأكرر موقفي أنا ضد الجنجويد وضد الحرب، اغضب ذلك من اغضب وأرضي من أرضي ونحن مسؤولون من مواقفنا وضمائرنا وأقلامنا وهي كلها ليست للبيع وغير قابلة لاستلام (إشعار بنكك).
هذه الحرب التي تدعون أنها حرب للكرامة لم يجد منها الشعب غير الذل والمهانة، فعن أي كرامة تتحدّثون ونحن نشاهد يوماً بعد يوم، أبناء الوطن يتعرّضون لكل أنواع السخف والاستخفاف والظلم والضيم، هذه المليشيا تجد في هذه الحرب الفرصة لتفش غلها وبطشها في الناس، حيث لا حسيب ولا رقيب غير رب العباد الذي يمهل ولا يهمل.
ظللت أقول لأصحاب النظرة المحدودة إنّ هذه الحرب هي حرب ضد ثقافتنا ـ ضد هويتنا، ضد وحدتنا، صد سلمنا الاجتماعي، هي حرب ضد سلامنا الروحي، الأمر أكبر من شفشفة ثلاجة أو دولاب أو خلاطة أو تلفون آيفون، الأمر أكبر حتى من سقوط مدينة أو قصف مستشفى، كل هذه الأمور سوف تعود وترجع، كل ما أفسدته الحرب في هذا الجانب سوف يصلح ويعاد بإذن الله، الذي نخشى من عدم إصلاحه هو أن نفقد هويتنا ـ ثقافتنا وسلامنا النفسي، عندها لن نستطيع أن نعيد ولاعة سيجائر.
بعض أصوات البغضاء والفتنة، خرجت لنشر الضغائن ولضرب وحدتنا، عندما خرجت تردد ولماذا الفاشر؟ بعد الأحداث الاخيرة التي شهدتها المدينة الصامدة، وقد قصدوا من ذلك أن يبينوا بعد كل هذه الصمود أن هنالك تخاذلاً، فقط لأن المدينة المبتلية هي (الفاشر)، وهؤلاء لا يدركون أن الفاشر سبقتها بالسقوط مدينة ود مدني مخزن السودان الاقتصادي، سقطت ود مدني بكل أهميتها الاقتصادية في العام الأول للحرب أو بعد 9 أشهر من بداية الحرب، بينما ظلت الفاشر تقاتل وتجابه الحصار بعزيمة وإصرار، لأكثر من 18 شهراً.. والذين يريدون أن يُفرِّقون بيينا والفاشر نقول لهم حتى العاصمة القومية اُستبيحت وتعرّضت لأسوأ ما يمكن أن تتعرّض له المدن في الحروب، لقد عايشت تلك الاستباحة، عندما شُفشفت المنازل ونهب حتى طوبها واستعملت أبوابها وشبابيكها وقوداً لطهي الطعام والقهوة والشاي، بينما استعملت مطابخها وغرف نومها كدورات مياه.. رُوّع الناس في عاصمتهم، وذُلوا في شوارعها وفقدوا الأمن في بيوتهن، سُلبت ممتلكاتهم وأُخذت أرواحهم سحلاً أو دهساً، وأصبحت الفسحات التي أمام بيوتهم مقابر لهم، ليس للأموات فقط، بل للأحياء أيضاً.
أغلقت الجامعات في العاصمة وتوقفت كل المصالح والمؤسسات، ومازالت الوزارات خارج الخرطوم، فكيف تظنون بالفاشر الظنون؟!
لقد عاشت الخرطوم اسوأ أيام، لم تعشها حتى في حصار الخرطوم من قبل قوات الأنصار، أكل الناس في هذه الحرب صفق الشجر، وشربوا ماء البالوعات، وفوق ذلك كانت المُسيّرات والطيران يضربهم، لم يسلم من ذلك حتى (القصر الجمهوري)، ولم يفلت مطار الخرطوم الدولي ـ هذا حدث في الخرطوم وبحري وأم درمان، فإن أصاب الفاشر ضرٌ فقد أصاب المدن ضرٌ قبلها، لم يكن ذلك من قصوراً أو إهمالاً، فهي سوف تبقى عزيزة وأبيّة عند كل السودانيين، هي سوداننا الذي نحب، وهي قرة أعيننا فقد كفانا منها هذا الصمود، لأنّها فاشر السلطان.
انتبهوا إلى الفتنة، وإلى من يقصدون أن يُفرِّقون بين أبناء الوطن وبين أبناء الشمال والغرب، هذه الأمور نتغلب عليها بالعلم الثقافة والأدب، فلا تفقدوا هويتكم إذا فقدنا ممتلكاتنا أو أرواحنا أو بعض المدن.
سقطت الفاشر، لكن السقوط الحقيقي كان هو سقوط الذين استباحوا حرمتها، واعادوا بدخولها، عصوراً كانت تُعبد فيها الأصنام وتُمضغ فيها كباد الأسرى، وتُسفك فيها الدماء، وتُذل فيه الحرائر.
سقطت الفاشر فأكدت أن السقوط هو خيانة الوطن وقتل الأبرياء، وأنّ الباطل زهوق ولو بعد حين.
لقد أكدت مليشيا الدعم السريع نظرتنا فيهم، عندما كانوا جزءاً من السلطة ينعمون بنعيمها، ويرفلون في خيراتها، ويحتمون بسلطاتها ـ لم تكن قوات الدعم السريع أمينة على البلاد وهي في السلطة، فاستباحت الحقوق، قتلت المدنيين، ووطّنت للفساد فسرقوا ثروات البلاد وذهبها، فكيف يكونوا بعد أن تمرّدوا على السلطة التي قوّتهم ومكّنتهم، وأغنتهم وسلّحتهم فخرجوا عليها، ومثلما سرقوا وهم في السلطة ثروات البلاد، سرقوا وهم في المعارضة، أمن البلاد واستقرارها، وبلغوا من الوقاحة أن ينادوا علينا وهم يستبحون الحرمات بالحريات، وكأنهم قصدوا من ذلك أن يخيروك بين الموت قهراً أو ذلاً؟ هذا هو مفهوم الحرية عندهم، بين الموت جوعاً بالحرمان أو رمياً بالرصاص، أما الديمقراطية التي يدعون القتال من أجلها فهي عندهم ديمقراطية المليشيات والرصاص.
ديمقراطية الحلو وصندل وحجر وإبراهيم الميرغني.
هذه الحرب لن تزيدنا إلا ضعفاً وهواناً ولن تملأنا إلا فقراً وذلاً، أما الذين يدعون لها من الخارج فستزيدهم عزوة وقوة، وهم يبدون من فضاء بعيد حريصين على وطن خرجوا منه، وكأن الوطنية أصبحت أن تدعوا إلى الحرب ولا تحارب، أن تدعوا إلى البل، مكتفياً بالشعار مقابل الإشعار، هل تفهمون ما أقصد؟!
الذين يحتفون بتدمير البلاد ونهب ثرواتها ولا يعنيهم الخراب والدمار في شئ، نهديهم هذه الطائفة من الأخبار، عسى ولعل تجعلهم يشعرون بما يفعلونه في السودان وشعبه.
تستعد مصر لاستقبال اهتمام العالم مع قُرب افتتاح المتحف المصري الكبير، المقرر يوم السبت 1 نوفمبر 2025، في احتفالية كبرى تمتد على مدار ثلاثة أيام، بمشاركة عدد من قادة الدول وكبار الشخصيات الدولية. يفتح المتحف المصري الكبير أبوابه رسميًا أمام الزوار اعتبارًا من يوم الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، بعد انتهاء حفل الافتتاح الرسمي والفعاليات والعروض الدولية المصاحبة.
وفي إطار الاستعدادات النهائية، أعلنت وزارة السياحة والآثار، إغلاق المتحف مؤقتًا أمام الجمهور اعتبارًا من 15 أكتوبر الجاري وحتى 4 نوفمبر لاستكمال كافة التجهيزات التنظيمية واللوجستية.
الناس بتبني في بلادها ونحن بندمر في بلادنا.. تُدمّـر المستشفيات والمطارات والجامعات ومحطات المياه والكهرباء وتبحث حتى دول الجوار إلى كماليات العيش والترف من ملاهٍ ومتاحف ومسارح.
هل لا تشعرون من ذلك بالخجل؟ لماذا تفعلون كل ذلك بالسودان.
السعودية تستعد لكأس العالم ونحن الهلال والمريخ عندنا يشاركان تارة في موريتانيا وتارة في رواندا، بسبب الحرب، أليس في ذلك ما يشعركم بالحرج، (كأسُ العالم 2034 لكُرَة القَدَمِ هي البطولة الخامسة والعشرين من كأس العالم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، وستُقام في المملكة العربية السعودية. وتُعتبر هذه البطولة هي الثالثة التي ستشهد مشاركة ثمانية وأربعين منتخبًا بدلاً من اِثنينِ وثلاثِين في البُطُولَة التي أُقيمَت عامَ 2022 في دولةِ قَطَر، حيث قرّرَ مجلِسُ الفيفا بالإجماع في 10 يناير 2017 في زيورخ رفع عدد المنتخبات المشاركة في هذه البُطُولة إلى 48 مُنتخباً، موزّعين على ستّ عشرةَ مجموعةً، يتأهل بطل كل مجموعة ووصيفها فقط (وعدَدُهُم الإجماليّ 32 مُنتخباً) إلى مرحلة خروج المغلوب).
شهدت إثيوبيا، الاثنين 8 سبتمبر الماضي احتفالات شعبية عارمة في الشوارع والساحات العامة، عشية افتتاح سد النهضة الإثيوبي، في حدث يُعد رمزًا وطنياً يجسد السيادة والتطور الاقتصادي للبلاد.
نحن فشلنا حتى في إعادة افتتاح مطار الخرطوم.
إلى حاملي شعار (بل بس) وإشعار (بنكك) أنتم جزء أصيل من الأزمة.
إذا فشلنا في أن نهزم الجنجويد بالسلام، فلن نهزمهم بالحرب، لأن الحرب لا نهايات لها، حتى عندما تتحقق الانتصارات وتحرر كل المدن من دنس الشفشفة والجغم والبل.
الحرب فوضى ونهب وسلب وفساد وقتل ودمار وخراب، وفي كل ذلك الدعم السريع تتقدم.
جيش (محترم) من الصعب أن يقضي على مليشيا بلا أخلاق.
اللهم أحفظ السودان، أرضه وشعبه وفاشر سلطانها.



