علاء نقد : ندين جرائم الدعم السريع ونرفض التقسيم ونسعى لبناء دولة على أنقاض المركز
مشاوير - حوار: مصعب محمد علي

وسط تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين، والاتهامات الموجهة لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ترقى لمستوى التطهير العرقي، يواجه تحالف “تأسيس” أسئلة حاسمة حول موقفه من هذه الانتهاكات، خاصة أن بعض مكونات التحالف ترتبط بعلاقات مع الدعم السريع. في هذا الحوار، يوضح الناطق الرسمي باسم التحالف، علاء نقد، أن “تأسيس” يدين أي جريمة بحق المدنيين، ويطالب بتحقيقات شفافة لا تستثني أحداً.
كما يتناول الحوار موقف التحالف من الوساطات الإقليمية والدولية، والنفوذ الخارجي في السودان، لا سيما أدوار الإمارات ومصر والسعودية، إضافة إلى رؤيته لبناء دولة جديدة تقوم على الفيدرالية والعلمانية والمواطنة المتساوية، رافضاً أي مشروع لتقسيم البلاد أو إعادة إنتاج دولة المركز.
يرى “تأسيس” أن الحرب الحالية ليست مجرد صراع بين جنرالين، بل معركة لإعادة تعريف السودان، وأن بناء تحالف سياسي جديد يتطلب الاعتراف بجذور الأزمة وتفكيك النظام الذي كرّس الظلم والتهميش منذ الاستقلال.
هل سبق أن تطرق تحالف تأسيس لجرائم الدعم السريع؟
نقد: نعم، تطرقنا لها منذ لحظة انطلاق التحالف. كنا من أوائل الجهات التي وصفت ما يحدث بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وقلنا بوضوح إن هناك حرب إبادة تُشن ضد المدنيين. رفضنا أي خطاب يغض الطرف عن جرائم الدعم السريع، وواجهنا حملات تشويه فقط لأننا نسمّي الأمور بمسمياتها. نحن ضد الدعم السريع كأداة عنف مكرّسة لقتل السودانيين.
هل لديكم تحالفات أو علاقات مع أطراف دولية؟
نقد: ليست لدينا تحالفات دولية، لكننا منفتحون على كل ما يخدم أهداف التحالف المتمثلة في وقف الحرب، وتحقيق العدالة، وبناء دولة مدنية جديدة. ننسق مع بعض القوى المدنية في الإقليم وأوروبا، لكننا حريصون على استقلاليتنا وعدم الارتهان لأي محور إقليمي أو دولي.
ما المعايير التي اعتمدتموها في اختيار المكتب القيادي لتحالف تأسيس؟ وهل رُوعيت تمثيلية الأقاليم والقوى الثورية الحقيقية؟
نقد: الهيئة القيادية في تحالف تأسيس تضم المبادرين الأوائل الذين أطلقوا فكرة التحالف، ومعظمهم كانوا جزءاً من تحالفات سابقة، لكنهم توصلوا إلى قناعة بأن وقف الحرب يتطلب مواجهة الطرف الذي أشعلها، ويسعى إلى استمرارها، ويُفشل كل مبادرة تفاوضية. هذا الطرف، بحسب رؤيتهم، يتمسك بإعادة إنتاج الدولة المركزية القديمة التي بُنيت على أساس فاسد منذ الاستقلال، والتي كرّست العنصرية والجهوية والقبلية، وأسهمت في فشل مشروع الدولة السودانية. الهيئة القيادية بدأت بتكوينها من ممثلي 24 تنظيماً وقعوا على “المساق والدستور”، ثم أُضيف إليهم سبعة أعضاء جدد لضمان تمثيل المرأة، والتنوع الجغرافي، والتمثيل العادل للأقاليم السودانية المختلفة.
هل المكتب القيادي هو هيئة تنفيذية أم تشريعية داخل التحالف؟ وما صلاحياته؟ وهل سيتولى قيادة العمل السياسي والتفاوضي؟
نقد: المكتب القيادي يمثل الجهاز التنفيذي داخل تحالف تأسيس، وينص النظام الأساسي للتحالف على إمكانية إنشاء لجان إضافية كلما دعت الحاجة. الحكومة المقبلة، بحسب تصور التحالف، ليست غاية في حد ذاتها، بل أداة لتنفيذ البرامج والمبادئ التي قام من أجلها التحالف، وعلى رأسها المبادئ فوق الدستورية وخدمة المواطنين. التحالف يرى أن الحكومة ليست أداة سلطة تقليدية، بل وسيلة لترسيخ مشروع وطني جديد يُعيد بناء الدولة على أسس عادلة وشاملة.
هل يضم المكتب القيادي شخصيات مستقلة أم ينحصر في أعضاء التحالف فقط؟
نقد: سيكون هناك توزيع واضح للأدوار بين قيادة التحالف، والحكومة القادمة، والمجلس الرئاسي، بحيث يتم التشارك في العمل السياسي والتفاوضي، إضافة إلى إدارة الخدمات وتلبية احتياجات المواطنين. الهيئة القيادية للتحالف لا تقتصر على ممثلي التنظيمات الـ24، بل تضم أيضاً شخصيات مستقلة. أما داخل تلك التنظيمات، فهناك تمثيل واسع يُغطي طيفاً متنوعاً من الأحزاب السياسية، الحركات المسلحة، قوى الكفاح المسلح، النقابات، المهنيين، والفئات النوعية المختلفة.
هل هناك توجه لتوسيع التحالف أو بناء تحالفات مرحلية مع قوى مدنية أخرى بعد إعلان المكتب القيادي؟
نقد: نعم، هناك توجه واضح نحو توسيع قاعدة التحالف، والإعلان عن الهيئة القيادية هو أحد الخطوات في هذا الاتجاه. التحالف يفتح أبوابه لكل القوى السياسية والمدنية وقوى الكفاح المسلح التي تؤمن ببناء سودان جديد قائم على المبادئ التي يتبناها “تأسيس”. التحالف يؤمن بأن هذه المبادئ تمثل أساساً لبناء دولة سودانية حديثة تنهي إرث السودان القديم بكل علله واختلالاته.
هل يُعتبر إعلان الهيئة القيادية خطوة نحو وحدة القوى المدنية؟
نقد: بلا شك، يشكّل إعلان الهيئة القيادية خطوة مهمة نحو توحيد القوى المدنية. لكن الوحدة الحقيقية تتطلب اعترافاً صريحاً وصادقا بأسباب فشل التحالفات السياسية السابقة، وبجذور أزمة الدولة السودانية التي قادت إلى التهميش الثقافي والسياسي والاقتصادي. تحالف “تأسيس” قدّم في وثيقته إجابة واضحة على السؤال الجوهري: “كيف يُحكم السودان؟”، وطرح مبادئ فوق دستورية غير قابلة للمساومة، يرى أنها تمثل الأساس الذي ظلّ السودانيون يبحثون عنه لعقود. وإذا ما أُنجز هذا الاعتراف الجمعي، فإن التحالف واثق من أن بقية القوى المدنية ستنضم إليه.
في ظل انسداد الأفق، ما الذي تراهنون عليه؟ الداخل أم الخارج؟ العمل الميداني أم المبادرات السياسية؟
نقد: نحن في “تأسيس” نراهن على الداخل أولا، فشرعية أي حكومة مقبلة يجب أن تنبع من إرادة السودانيين أنفسهم. الحكومة التي نعمل على قيامها هي حكومة خدمات في المقام الأول، تستجيب لحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم، في ظل سلطات عنصرية متمركزة في بورتسودان. هذه الحكومة ستخدم السودانيين جميعا، ومنها تستمد شرعيتها. ونراهن على كافة الوسائل المشروعة في مقاومة النظام العنصري القائم، بما في ذلك الكفاح المسلح، المقاومة الشعبية، العمل السياسي والدبلوماسي، والاتصال بالخارج. بل إن الحكومة القادمة نفسها ستكون أداة سياسية تُحدث تحولا في موازين القوى.
ما الفكرة المركزية التي يقوم عليها تحالف تأسيس؟
نقد: الفكرة المركزية لـ”تأسيس” هي بناء سودان جديد قائم على الحرية، والسلام، والعدالة، والمواطنة المتساوية. يقوم هذا المشروع على مبادئ فوق دستورية سبعة: العلمانية، الفيدرالية، اللامركزية، العدالة، المساواة، الوحدة الطوعية، وحقوق الإنسان. هذه المبادئ لم يُعترف بها بوضوح في الوثائق الدستورية السابقة، و”تأسيس” يضعها في صميم مشروعه لبناء الدولة.
هل هو مجرد تحالف سياسي ظرفي لمواجهة الحرب، أم أنه يحمل مشروعا فكريا لتأسيس دولة جديدة بالكامل؟
نقد: تحالف تأسيس ليس تحالفا مرحليا أو تكتيكيا، بل تحالف استراتيجي طويل الأمد يحمل مشروعًا فكريًا واضحًا وشجاعا لتأسيس دولة جديدة. هدفه يتجاوز الحرب الحالية، ليعيد بناء الدولة السودانية على أسس مختلفة جذريا عن نموذج “دولة 56” الفاشلة.
كيف يفهم “تأسيس” مسألة الدولة في السودان؟ هل يسعى لتفكيك الدولة المركزية القديمة أم لإصلاحها؟
نقد: “تأسيس” يعترف بوضوح بأسباب فشل الدولة السودانية، كما ورد في الميثاق السياسي والدستور الانتقالي. لا نسعى إلى إصلاح الدولة المركزية فحسب، بل إلى تفكيكها بالكامل، لأنها قامت على أسس خاطئة، وتآكلت سياسيا وجغرافيا ومعنويا. مشروعنا هو بناء دولة جديدة، عادلة، لا مركزية، تحترم التعدد وتوفر الحقوق بالتساوي.
هل يؤمن “تأسيس” بأن التغيير يمكن أن يتم عبر أدوات النضال السلمي وحدها؟
نقد: لا، نحن نرى أن أدوات التغيير متنوعة. صحيح أن النضال السلمي كان أساسا لحراك ديسمبر، لكن بعد أن أشعل الإسلاميون الحرب في 2023، تغيرت طبيعة المرحلة. لذلك، لا يمكن الاكتفاء بالنضال السلمي وحده، بل لا بد من استخدام أدوات المقاومة المسلحة والسياسية والدبلوماسية، جنبا إلى جنب.
كيف يتعامل “تأسيس” مع قضية القوميات والهويات المتعددة؟ وهل يعترف بجذور الأزمة بين الهامش والمركز؟
نقد: نتحدث في وثائقنا عن “الشعوب السودانية”، في إشارة واضحة إلى القوميات والهويات المتعددة التي تعيش في وطن واحد. الجغرافيا هي ما يجمعنا، وليس الدين أو العرق. نحن نؤمن بأن جوهر الأزمة السودانية يكمن في غياب العدالة، وفي المفهوم الضيق للدولة المركزية التي كرّست التهميش. نؤمن أن مفهوم دولة المركز ليس جغرافيا.. بل هو مفهوم ضم حتى بعض أبناء الهامش الذين مارسوا نفس سياسته على أبناء الهامش الآخرين.
ما موقف التحالف من العدالة الانتقالية؟ هل يدعم محاكمات شاملة أم يوازن بين العدالة والمصالحة؟
نقد: العدالة الانتقالية مبدأ أساسي في تحالف تأسيس، وقد ذُكرت بوضوح في ميثاقنا السياسي ودستورنا الانتقالي. نحن لا نعيد اختراع العجلة، بل نستفيد من تجارب سابقة مثل رواندا وجنوب إفريقيا. العدالة الانتقالية ليست فقط محاكمات، بل هي عملية متكاملة تشمل الاعتراف بالجرائم، والمحاسبة، والمصالحة المجتمعية. لكننا نرفض تجاوز العدالة بحجة المصالحة، لأن العدالة هي شرط الاستقرار.
ما موقف “تأسيس” من تصاعد الحديث عن تقسيم السودان؟
نقد: نحن ضد تقسيم السودان بشكل قاطع. بل إن أحد دوافع تأسيسنا هو التصدي لمشروع التقسيم الذي تتبناه الحركة الإسلامية وجيشها. تقسيم الجنوب، مشروع “ثلث السودان” لحمدي، وحروب دارفور، كلها كانت خطوات على طريق تفكيك البلاد. “تأسيس” يقف سدًا منيعًا ضد هذه المشاريع.
هل يدعم “تأسيس” الفيدرالية أو اللامركزية؟ وكيف يوازن بينهما وبين خطر الانفصال؟
نقد: نعم، نؤمن بالفيدرالية واللامركزية كجزء من المبادئ فوق الدستورية. لكن الوحدة الطوعية هي خطنا الفاصل؛ نرى أن السودانيين يجب أن يختاروا البقاء في وطن موحد لأنهم يجدون فيه العدالة والكرامة، لا لأنهم أُجبروا على ذلك. الانفصال يحدث حين تُفقد الثقة في الدولة، وهذا ما نحاول تغييره.
كيف يواجه تحالف تأسيس خطر التمزق الاجتماعي والسياسي بسبب الطابع الجهوي للحرب؟
نقد: نحن نواجه خطاب التمزق بالوعي، وبحكومة خدمات لكل السودانيين، في مناطق الدعم السريع ومناطق سيطرة الجيش على السواء. نملك مصداقية لدى المدنيين، ونعمل على تقديم نموذج سياسي يطمئن الجميع. رؤيتنا تتضمن إعادة بناء العقد الاجتماعي على أساس المساواة والعدالة، لا الهيمنة أو الامتيازات الجهوية.
هل يمتلك التحالف خارطة طريق تقنع الهامش والوسط بالوحدة الطوعية؟
نقد: وجود مكونات من الهامش في قيادة “تأسيس”، ووجود المبادئ الفوق دستورية في أوراقنا، دليل على إيماننا بالوحدة الطوعية. لكن هذه الوحدة لا تُفرض بالشعارات، بل تُبنى عبر سياسات تعترف بالحقوق وتحقق العدالة. فقط حين يرى المواطن أن الدولة تحترمه وتخدمه، تصبح الوحدة مشروعًا جاذبًا.
هل يرتبط تحالف “تأسيس” بتحالفات أو دعم خارجي؟
نقد: منذ إعلان الميثاق والدستور، كانت هناك ردود أفعال دولية وإقليمية. لكننا لم نؤسس تحالفنا بدفع خارجي. لدينا التزام أخلاقي بخدمة السودانيين، وبعد أن ننال شرعيتنا من الداخل، سيفرض هذا نفسه على الإقليم والعالم. نعي تماما أن موقع السودان حساس، وأن خطر الإرهاب من بورتسودان، حيث تتمركز جماعات متطرفة، يمثل تهديدا إقليميا ودوليا، وهو ما قد يلفت الانتباه إلى ضرورة دعم مشروعنا.
ما موقف “تأسيس” من الوساطات الدولية مثل الإيغاد، الاتحاد الإفريقي، أو الآلية الرباعية؟
نقد: نرحب بأي وساطة تفهم طبيعة الحرب ومَن أشعلها. المشكلة في الوساطات السابقة أنها ركنت إلى تعريف سطحي للحرب كصراع بين جنرالين. نحن نرى أن الجيش هو مَن أفشل جميع مبادرات التفاوض، وأن الإسلاميين عادوا إلى الحكم من خلف ستار المؤسسة العسكرية. لا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها كي نصل إلى حل.
ما موقف التحالف من النفوذ الإقليمي (الإمارات، مصر، السعودية، تشاد…إلخ)؟
نقد: السودان ليس معزولا عن محيطه، ويتأثر ويؤثر. هناك دول لها أثر إيجابي، وأخرى أثرها سلبي. نحن نرفض الحديث عن “نفوذ”، ونتحدث عن “تأثير”. من يدعم طموحات السودانيين في دولة مدنية عادلة، نحن نرحب به. أما من يتواطأ مع مشاريع الإسلاميين، فهؤلاء يهددون السودان والمنطقة.
ما موقف “تأسيس” من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع؟ وهل يعتبرها جرائم فردية؟
نقد: تحالف “تأسيس” يدين كل الانتهاكات، ويدعو إلى تحقيقات جادة وشفافة، سواء بلجان وطنية أو دولية