مقالات

بملامح من حولك 

رؤى تاج السر (*)

نحن لا نعيش بمعزل عن من حولنا، والمحيط البشري حولك ليس مجرد خلفية للأحداث، بل هو أحد أكبر المؤثرات في تفاصيل حياتك الصغيرة والكبيرة. قد تظن أن قراراتك نابعة من قناعاتك الخاصة، لكنك لو تأملت بصدق، ستكتشف أن الكثير من أفكارك، أحكامك، وحتى أحلامك، قد تشكلت بصمت عبر الجلسات والحوارات والونسات التي تخوضها يوميًا.

أفكارك تتلوّن بمحيطك

من تجلس معهم باستمرار، هم من يزرعون بداخلك بذور التفكير، سواء كنت واعيًا بذلك أو لا.

“الصاحب ساحب” ليست مجرد مثل شعبي، بل حقيقة نفسية وسلوكية. تشربك للعادات، لطريقة الكلام، لنظرة الناس للأشياء، يتم بشكل تراكمي حتى تجد نفسك نسخة مشوشة أو ناضجة، حسب البيئة.

المحيط قد يحجّمك أو يكشف عظمتك

ليس كل محيط آمن. أحيانًا تكون محاطًا بأشخاص يستهينون بطموحاتك، يقلّلون من شأن أحلامك، ويتعاملون مع إبداعك كشيء هامشي.

في هذا النوع من البيئات، قد تجد نفسك تدور في دائرة اللاشيء، فقط لأن أحدًا لم يذكّرك أنك قادر.

وفي بيئة أخرى، ربما يُكتشف فيك ما لم تكن تدركه عن نفسك. حين يُنظر إليك بعين الاحترام والتقدير، تُفتح داخلك أبواب لم ترها من قبل.

المحيط… مرآتك وكاميرا المراقبة

المحيط ليس فقط أداة تشكيل، بل أداة كشف أيضًا.

عندما تتواجد في بيئة لا تشبهك، تشعر بذلك. كأن هناك كاميرا مراقبة نفسية تنبّهك: “هذا لا يُشبهك، انتبه!”

الشعور بعدم الارتياح أحيانًا، هو رسالة واعية أو غير واعية من داخلك: هذا ليس مكانك، هؤلاء ليسوا ناسك.

تأثير لا يتوقف عندك… بل يستمر بعدك

ربما نظن أن الأثر يتوقف عند سلوكنا الآني، لكنه في الحقيقة يمتد حتى بعد رحيلنا.

من عاش وسط بيئة تبني، وتدفع، وتزرع، سيُذكر بعد رحيله بما صنع.

ومن عاش في بيئة خاملة، خانعة، تستهين بالقيم، سيمضي بصمت، دون أثر.

تذكر جيدا….

راجع محيطك كما تراجع أهدافك.

غيّره إن لزم الأمر، لأن البيئة الخاطئة قد تكتم أعظم ما فيك.

وابحث دائمًا عن من يذكّرك بعظمتك في لحظات ضعفك، لا من يسخر من شغفك.

فالمحيط إما أن يكون وقودًا لمسيرتك… أو قيدًا لا تراه.

 

مذيعة وإعلامية سودانية (*)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى