
ولا هذي ولا تلك.. ولا الدنيا بما فيها تساوي مُلتقى النيلينِ في الخرطوم يا سمرا..
هم السودانِيون، كلما نصبوا لهم شِراكاً للموت؛ أصرَّوا على الحياة.
هناكَ.. من تحتِ أنقاضِ الرِكام.. وما بين ملامحِ الخرطوم القدِيمة التي شوهتها آثارُ الدمارِ، وبين نحيبِ المنسيين في بيوتهِم المُنهَكة.. أخذت الابتسامات نصيبها من المشهد.. وكان للضحكات الآمِلة حضوراً عنيداً.. يُبشِّرُ بأن هذا الإنسانُ لا يخنع.
نبني من جديد.. ونعمِّر من جديد..
بعد الدمار الشامل ده، جينا عشان نبنيها ونقومها..
هم بعنادهم ذاتهِ الذي يطفو فوق عكرِ الأيام.. بسحناتهم السمراء.. وإصرارهم الواضِح على أن النصيب من الحياةِ يؤخذُ بالقوةِ.. عنوةً واِقتدارا.
ولمشهدِ الإصرارِ كواليسٌ عِدَّة.. عنوانها الصبر.. الصبرُ الذي يُختطفُ غفلةً من مخالبِ الظروف وقسوتها.
برنامج عمران، لسوار الدهب..
وبكلِّ المشاهد العكسها، ومآلات الرص..اصة التي تُطلق في وجهِ شبيهتها.. لتدق طبول الح..رب.. لتدشن حكاياتٍ عدة..
نزوح.. وهجِرة.. وفقد.. ودموع..
كان لمشهد اليقينِ نصيبٌ أوفر.. وكان شعبُ الله يتدثر بالصبر.. ويتغطَّى بهِ من فارغِ المدافعِ وطائشِ الرصاص.
نزحوا، فكان الحمد لله..
هُجِّروا، فكان الحمد لله..
إغتيلوا، فكان الحمد لله..
فقدوا، فكان الحمد لله..
حتى عندما أنهكتهم الظروف وبكوا.. بكوا، وكان الحمد لله.
رهاني أن هذا الشعبُ بعظمتهِ لن ينكسر، ويقيني أن رحمة اللهِ الذي حمدوه لن تنساهم للظروف..
على زِحام الأرصِفة..
ظنِّي أن عمران صُوِّر ليزيدنا نحن خلف الشاشاتِ صبراً، نرى من هم هناك ونسمع حكاياتهم.. فنركن حكاياتنا وقصصنا على جنبٍ ونصبرُ لصبرهم، ونحمدُ لحمدهم.. فالحمد لله حمداً كثيرا..
وسنبقى لنُصِرَّ جميعنا على الحياة ونأخذ حقنا عنوةً.. ونروي تِلك الابتساماتِ والضحكاتِ الآملة.
شاعر وكاتب سوداني (*)