مقالات

في مدح سلطة الشعب.. (لا للحرب ونعم للثورة)-(٢)

د. أحمد عثمان عمر 

لا يمكن تغيير واقع بلادنا إلا بوقف الحرب المفروضة من فئات الرأسمالية الطفيلية على شعبنا، لفرض إرادة هذه الفئات على شعبنا وتصفية ثورته. فمسار استعادة مسار الثورة وهزيمة اعدائها المتمثلين في القوى المتحاربة من طرفي اللجنة الأمنية للإنقاذ، وفرض إرادة الجماهير لمواصلة ثورتها وتحقيق أهدافها، يتطلب العمل على تحويل شعار “لا للحرب ونعم للثورة”، إلى برنامج سياسي لقوى منظمة في جبهة قاعدية، تجمع قوى ثورة ديسمبر وتفرض بسلميتها وقف الحرب وطرد طرفي الحرب من المعادلة السياسية ومحاسبتهما على جرائمهما المروعة. ومن المهم ان نؤكد مجددا ان حقيقة الحرب يخوضها مسلحون، وان الواقع يقول بأن الصراع قد تحول إلى صراع ساخن عسكري لا مدني، وان المواطن العادي يبحث عن حماية نفسه وخصوصا من المليشيا الإرهابية لا في إسقاط السلطة وبناء سلطته، وان المدنيين في حالة شتات ونزوح وانقسام يمنعهم من القيام بفعل منظم يفرض ارادتهم، لا تجعل من النتيجة التي يتوصل اليها المشككون في قدرة حركة الجماهير على إيقاف الحرب صحيحة. وذلك لأن من يشكك ينسى ان ليست فعلا عسكريا محضا معزول عن شروط استمراره وحاجته للوقود البشري، ومعزولا عن ضرورة تحوله إلى سلطة سياسية ترسمل نتائج الحرب وتحيل قواها إلى سلطة سياسية عبر الانتصار الكامل أو التسوية بين الطرفين المتحاربين، الذين سبق وان خضعا معا وهما في حالة وحدة بوصفهما الذراع العسكرية والأمنية للإنقاذ لارادة الجماهير، واضطرا أمام ضغط الحراك الجماهيري لتنفيذ انقلاب القصر للحفاظ على التمكين. 

فالجماهير اكثر من قادرة على عزل الطرفين المتحاربين وعدم الانخراط في حربهما والعمل ضدها مدنيا من جهة، وكذلك على منع طرفيها من التحول إلى سلطة سياسية شرعية توطئة لاسقاط اي سلطة ناشئة عن الحرب من جهة أخرى. 

فالمدنيون يستطيعون وقف الحرب سلميا وكسر إرادة طرفيها وفرض إرادة حركة الجماهير المنظمة، في حال تحديد العدو ووضع برنامج سياسي وخط سياسي واضح يمنع مساندته او الانخراط معه موحدا او منقسما في اي شراكة دم جديدة، وتنظيم قوى هذا البرنامج على اساس مشروع ثورة ديسمبر المجيدة رغم الصعاب الراهنة، واتخاذ ما يلي من إجراءات: 

أ. رفض الحرب علنا ودون مواربة والتمسك بالسلميّة والسلام كجزء اصيل من شعارات ثورة ديسمبر، ورفض شرعنة الحرب او الانخراط فيها، وبالتالي حرمانها من اي بعد شعبي لاستمراراها. 

ب. رفض اي تعبئة او تجييش من اي من الطرفين المتحاربين، وعدم انخراط قوات المليشيا الإرهابية او المقاومة الشعبية المزعومة للجيش المختطف، لحرمان الحرب من وقودها البشري والدعم السياسي المجتمعي، وهذا يستلزم نشاطا سياسيا مدنيا فاعلا، مع توفير أسس وحوامل مدنية وتكتيكات تدعم هذا الموقف.

ج. العمل المنظم للتصدي لدعاية الحرب وفضحها ومنعها من التغلغل وسط الجماهير، وإيقاف شيطنة القوى المدنية الرافضة للحرب وغير الداعمة لأي من الطرفين، مع فضح وذم التحالف مع الجنجويد ومع الجيش المختطف معا. 

د. رفض الاعتراف بسلطة الأمر الواقع او شرعنتها او التعاون معها باعتبارها سلطة ناتجة عن انقلاب اكتوبر 2021 الرامية لاستعادة سلطة الحركة الإسلامية المجرمة، مع رفض الاعتراف بسلطة الجنجويد المعلنة استنادا إلى تحالف نيروبي المؤسس لسلطة فئة من فئات الرأسمالية الطفيلية التابعة لمشاريع استعمارية إقليمية لها بعد دولي. وهذا يعني حجب الشرعية الجماهيرية عن سلطتي الأمر الواقع غير الشرعيتين اللتين تمثلان الأذرع العسكرية الضاربة للإنقاذ. 

هـ. توفير مقومات الصمود أثناء الحرب لعزل الطرفين المتحاربين وتمكين الجماهير من اعادة تنظيم نفسها للقيام بواجب إيقاف الحرب وإسقاط اي سلطة استبدادية تنشأ عنها، وذلك بتأسيس مؤسسات الصمود داخل وخارج البلاد وتنظيم أعمالها وتوحيد نشاطها المعادي للحرب المستمر في العمل على تحقيق أهداف الثورة وتنفيذ مشروعها. 

ز. بناء جبهة قاعدية وتكوين سلطتها السرية في الداخل، لتعمل كسلطة شرعية مدنية بديلة موازية ، تكرس واقعا قوامه طرد طرفي المعادلة ومحاسبتهما في فترة ما بعد الحرب. 

وهذا يستلزم القيام بفعل سياسي منظم في الخارج للضغط على المجتمع الدولي ليساهم في عزل طرفي الحرب ومنعهما من رسملة ننائج الحرب والتحول إلى سلطة فعلية مشرعنة دوليا، وليعترف بسلطة الجبهة القاعدية ، بدلا من الانخراط في مشاريعه الاستعمارية. ومع كل ذلك يجب الاستعداد بالتكتيكات الملائمة لإسقاط اي سلطة تنشأ عن الحرب لتكرس نتائجها وتعطي اياً من طرفيها فرصة الإفلات من العقاب والتواجد في الساحة السياسية. 

بلا شك ان المشروع أعلاه طريق صعب ومهامه معقدة، لكنه طريق الجماهير الذي يربط وقف الحرب وإنهائها بسلطة الشعب وارادة الجماهير، ويستوعب الحرب على اساس أنها فعل اجتماعي لا نشاط عسكري معزول، بل امتداد للسياسة بطريقة أخرى تهدف إلى تكريس سلطة قوى اجتماعية وفرض ارادتها على الشعب بقوة السلاح، في مواصلة للصراع المدني الاجتماعي في حال وجود انسداد سياسي. فالنشاط العسكري ليس نشاطا معزولا عن المجتمع، لذلك من الممكن مجابهته بالرفض والعزل ومنعه من وقوده البشري، ومن موارده الاقتصادية كذلك، ومن اي دعم دولي، وتكوين جبهة فاعلة تعمل سرا وعلنا حسب ظروفها ومواقع عملها، لمنع فرض نتائج الحرب المصنوعة لتصفية الثورة من تحقيق أهدافها. فمنع الطرفين من تكوين حواضن شعبية ، يجفف منابع التجنيد وتحديد قوى الحرب البشرية، ويضعف قواهما باستمرار، ومحاصرة نشاطهما الاقتصادي الذي يمول الحرب، يكرس أحدهما في الاستمرار، خصوصا إذا تم احكام الحصار عليهما دوليا بفعل شعبي منظم وفاعل. ونشر الوعي بإمكانية القيام بهذه المهمة الصعبة والمعقدة، امر ضروري حتى تستعيد الجماهير الثقة بنفسها، وتعيد تنظيم نفسها للقيام بها، وهي اكثر من قادرة على ذلك ان توفرت لها مقومات الصمود، بالرغم من المعاناة الكبيرة والشتات والانقسام، لأنها صاحبة الإرادة ولأنها الشعب صاحب السلطة القادر على صنع المعجزات كما سبق ان صنعها. 

وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!!

11/7/2025

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى