
قال الاتحاد الإفريقي إنه لن يعترف بأي حكومة موازية، لكنه يعترف بمجلس السيادة والحكومة المدنية المُشكَّلة أخيرًا. ومن هذا الجزء الأخير، لفح كثيرين من مؤيدي بورتسودان، ممَّن لديهم حالة من الشوق العارم للاعتراف والتقدير، هذه الجزئية، دون النظر إلى الاشتراط المكمل في البيان للاعتراف نفسه، والذي يربطه بسلسلة من الإجراءات التي تؤدي إلى التحول المدني، وتسليم السلطة لمدنيين، وإنهاء حالة الانقلاب نفسها.
أي أن الاعتراف مرتبط بمهام محددة، وليس اعترافًا بشرعيتها؛ وإلا، لو كان اعترافًا كاملًا بالشرعية، فما الداعي لتجميد عضوية السودان؟
بمعنى أن بيان الاتحاد الإفريقي هو اعتراف مشروط بمهام ومطلوبات، وليس اعترافًا ينتمي إلى أصل في شرعية بورتسودان.
من جهةٍ ثانية، يمكننا أن نأخذ عمليًا تجربة “الجمهورية الصحراوية” و”جمهورية صوماليلاند”.
فرغم أن الأولى لديها عضوية واعتراف في الاتحاد الإفريقي، إلا أنها تفتقر إلى العناصر القانونية لتعريف الدولة، وهي مجرد معسكر في مدينة تندوف، بينما صوماليلاند دولة كاملة بشعبها، وعلاقاتها التجارية، وعاصمتها، وحكومتها، وهي دولة أكثر استقرارًا ونماءً من دولة الصومال التي انفصلت عنها.
ومع ذلك، لا يعترف الاتحاد الإفريقي بها، رغم أن هناك دولًا تتعامل معها.
القصة، إذن، لم تعد حاسمة كثيرًا. ما نود قوله هنا: إن اعتراف الاتحاد الإفريقي هو اعتراف بمهام مطلوبة من بورتسودان، وليس اعترافًا بوضعية قانونية كاملة.
خلاصة القول: ما صدر عن الاتحاد الإفريقي لا يمنح بورتسودان شرعية سياسية مطلقة، بل يربط اعترافه بتحقيق انتقال مدني حقيقي، وهو اعتراف وظيفي لا قانوني، تمامًا كما أن تجاهله لصوماليلاند لا يلغي واقعها السياسي، ولا يجعل من الجمهورية الصحراوية دولة.