
المرأة في الخرطوم والولايات رغم التحولات الإجتماعية في الحرب..
مع اشتعال الحرب في السودان، تغيرت ملامح الحياة اليومية في المدينة، وبرزت تحديات جديدة عصفت بنسيج المجتمع وسط هذا الزلزال الاجتماعي، ظلت المرأة هناك شامخة كالنخيل، تواجه التحولات القاسية بصبرٍ، وعزيمةٍ، وقوة غير مألوفة
فكيف أثّرت الحرب على دور المرأة في الحرب؟
وهل بقيت المرأة على الهامش، أم أنها أصبحت قلبًا نابضًا في مواجهة الأزمة؟
لطالما كانت المرأة حاضرة بقوة في تفاصيل الحياة، فهي الأم التي تدير شؤون البيت، والمعلمة التي تربي الأجيال، والعاملة التي تسهم في الاقتصاد، والمناضلة التي تحمل على كتفيها هموم الوطن ارتبط وجودها بنبض الأسواق، وتردد صداها في الأغاني، وفي مجالس الحِكمة والونس لم تكن فقط تابعة، بل شريكة في صنع القرار داخل الأسرة والمجتمع، ملتزمة بعادات وتقاليد سودانية منحتها احترامًا خاصًا وإن كان مشروطًا أحيانًا بقيود مجتمعية و
مع اندلاع الحرب، اهتزت البنية الاجتماعية بأكملها، وتعرضت النساء لأقسى مظاهر الانهيار فقد الكثير من الأهالي مساكنهم، وتشتتت الأسر، ووجدت المرأة نفسها في موقع جديد لم يكن مألوفًا من قبل كثيرات منهن صرن المعيلات الوحيدات بعد فقدان الزوج أو غيابه في ساحة الحرب أو في النزوح. تراجعت الخدمات الأساسية، وأُغلقت المدارس والمراكز الصحية، مما زاد العبء على الأمهات والنساء عموماً
ولم يكن التحدي فقط في ما فُقِد، بل في الحاجة إلى التكيف. التقاليد التي كانت تُعدّ “ثابتة” بدأت تتهز، وتغيرت نظرة المجتمع للمرأة العاملة والمبادرة، لا سيما تلك التي خرجت لكسب لقمة العيش أو تنظيم الدعم المجتمعي في الأحياء المتأثرة
رغم كل هذا الألم، برزت المرأة في أم درمان كقوة مجتمعية أساسية ظهرت نساء يدعمن النازحين، يوزعن الغذاء، ينظمن المبادرات، يداوين الجراح، ويؤسسن مجموعات تضامن داخل الأحياء في الأسواق، زادت نسبة النساء البائعات، وفي الأحياء، صرن قياديات في لجان المقاومة المجتمعية، وفي المبادرات الصحية والتعليمية.
لم تعد المرأة فقط أمًا ومربية، بل أصبحت عمادًا اقتصاديًا وإنسانيًا خلقت حلولًا من العدم، وواجهت الخوف بالفطرة والحكمة كثيرات منهن أصبحن صوتًا للسلام والعدالة، يرفعن شعارات “لا للحرب” و”نعم للحياة”، بل وينخرطن في منصات إعلامية للتعبير عن معاناة المجتمع بصوتهن الحقيقي.
في قلب العاصفة، لم تكن المرأة السودانية مجرّد متلقٍ للأذى، بل فاعلًا حقيقيًا في مقاومة الانهيار الاجتماعي.. حولت الألم إلى طاقة، واليأس إلى مبادرة ما بعد الحرب يجب أن يحمل اعترافًا بدورها، ويضمن لها موقعًا يليق بما قدّمت فالمرأة التي واجهت الدمار بقلبها العاري، تستحق أن تكون في مقدمة صفوف الإعمار وبناء السلام.