مقالات

أدوار أكثر فاعلية في مواجهة مخططات تقسيم السودان 

مدني عباس مدني 

لعل حرب “15” أبريل هي أكبر تحدٍ واجهه السودان منذ استقلاله، وهي امتداد لما سبقها من أزمات بلغت أقصى حالات انسدادها بما نُعايشه الآن. 

وهي تضعنا اليوم أمام أكبر حالة انقسام اجتماعي وسياسي في تاريخنا الحديث، وما تشكيل حكومتا الحرب الذي تمّ إلا تجلٍّ لهذه الأزمة وما يمكن أن تقود إليه من تقسيم للبلاد.

أطراف الحرب، رغم ما يخوضونه من صراع دموي يدفع ثمنه ملايين الأبرياء في السودان، إلا أنهم أيضًا يلعبون أدوارًا تخدم بعضها بعضًا في مشروع إضعاف السودان وتقسيمه، ويوفّر بعضهم المشروعية لبعض. أطراف الحرب، وهم شركاء الانقلاب، يبدو أن الحرب كانت هي الصيغة الوحيدة لتقسيم السلطة والثروة فيما بينهم، وهي الصيغة التي كفلت لهم القدرة على اجتذاب بعض من معسكر ديسمبر الرافض لانقلاب “25” أكتوبر.

هذه الحرب، التي زعم أطرافها ومؤيدوها أنها مصيرية، كان يعلم قادتها منذ البداية أنها ليست كذلك، لكنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق كل طرف منهم لأكبر مكاسب ممكنة. 

وعندما أتحدث عن أطراف الحرب، فأنا أعني ثلاث جهات رئيسية: (الكيزان، الدعم السريع، وقادة الجيش). غاية هؤلاء من الصراع هي إيجاد تقسيم فيما بينهم للحكم والموارد، حتى ولو على حساب وحدة البلاد. 

وكان مستقبل هذه الحرب، كمهدد لهذه الوحدة، واضحًا من أول يوم، ولا عزاء لمن ظن أن هذه الحرب غايتها القضاء على كل الكيزان، أو مَن ظنّها ستقضي على آخر جندي من قوات الدعم السريع.

إن واجب السودانيين الذين يدعون ويعملون على إيقاف الحرب، ويؤمنون بوحدة السودان، أن تكون أدوارهم أكثر فاعلية في مواجهة مخططات التقسيم. 

ومن أولى هذه الخطوات عدم إعطاء أي مشروعية لحكومة أو سلطة تشكلت في هذه الحرب، سواء في بورتسودان أو في غرب السودان. 

وواجب القوى المدنية والديمقراطية هو تقديم خطاب يعالج ما أنتجته هذه الحرب من فتن وتشظٍ، فالحديث عن حكم السودان بصورة مركزية لم يعد ممكنًا.

وهنا يمكننا النظر إلى الفيدرالية الموسعة، والتي تشمل الفيدرالية البديلة، كأساس للحكم بدلًا من المضيّ نحو خطر الدولتين أو الكونفدرالية. 

هنالك أهمية لإدارة حوار موسع بين شرائح السودانيين لتقديم تصور بديل يضمن بقاء سودان موحد وديمقراطي، بدلًا من انتظار حلول جاهزة تأتي من الخارج قد تُسكّن الألم ولكن لن تقضي عليه. 

فلا نجاة للوطن دون إشراك السودانيين في حل أزماتهم واختيار من يحكمهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى